«هيومن رايتس ووتش»: التحالف يستخدم الفوسفور في سوريا والعراق

بعد 6 سنوات من النزاع فقد المانحون الدافع لتقديم المساعدات

«هيومن رايتس ووتش»: التحالف يستخدم الفوسفور في سوريا والعراق
TT

«هيومن رايتس ووتش»: التحالف يستخدم الفوسفور في سوريا والعراق

«هيومن رايتس ووتش»: التحالف يستخدم الفوسفور في سوريا والعراق

أبدت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس، قلقها من استخدام التحالف الدولي بقيادة واشنطن الفوسفور الأبيض خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق.
وجاء ذلك بعد أيام على تقارير تحدثت عن قصف التحالف الدولي لمدينة الرقة، معقل التنظيم في سوريا، بالفوسفور الأبيض، في إطار دعمه لحملة قوات سوريا الديمقراطية (تحالف فصائل عربية وكردية) لطرد «داعش» من المدينة.
وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن «استخدام الفوسفور الأبيض بالضربات المدفعية من قبَل التحالف بقيادة الولايات المتحدة (...) يثير أسئلة خطيرة حول حماية المدنيين». وأكدت أن «القوات الأميركية تستخدم الفوسفور الأبيض في الموصل في العراق، وفي الرقة معقل (داعش) في سوريا. لكن سبب استخدام قوات التحالف غير واضح».
ويمكن استخدام الفوسفور الأبيض لأسباب عسكرية منها خلق ستار دخاني أو إرسال إشارات ووضع علامات أو حتى كسلاح حارق.
وأشارت المنظمة إلى شريط فيديو من الموصل في الثالث من الشهر الحالي يظهر «استخدام قذائف أرضية تحتوي على الفوسفور الأبيض». ونشرت حملة «الرقة تذبح بصمت»، التي تنشط سرا في الرقة وتوثق انتهاكات التنظيم المتطرف، في الثامن من يونيو (حزيران) شريط فيديو قالت إنه يشير إلى قصف مدينة الرقة بالفوسفور الأبيض. وتظهر في الفيديو الذخائر وهي تنفجر في الهواء قبل أن تتساقط على شكل كتل من النار.
وقتل في ذلك اليوم 23 مدنياً في قصف للتحالف الدولي على الرقة ومحيطها، وفق ما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي رجح أيضاً استخدام الفوسفور الأبيض متحدثاً عن «غارات جوية».
ويعاني المدنيون المحاصرون داخل مدينة الرقة، أوضاعاً أمنية وإنسانية صعبة للغاية، نتيجة دخول (قسد) إلى المدنية، واحتدام المعارك مع تنظيم داعش، وصعوبة دخول المؤسسات الإنسانية لتقديم المساعدات اللازمة لهم.
وتواجه المنظمات الإنسانية عقبات، تعرقل قدرتها على الاستجابة لآخر الأزمات الإنسانية في النزاع السوري، والناتجة عن تصاعد حدة المعارك الهادفة لطرد «داعش» من مدينة الرقة، أبرز معاقل التنظيم في سوريا، ويعد إيصال المساعدات الإنسانية إلى الرقة أمراً بالغ الصعوبة، كونها تتواجد في منطقة شبه صحراوية معزولة.
وقالت منسقة الطوارئ في منظمة «أطباء بلا حدود»، بوك ليندرز لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك إمدادات إلا أنها لا تزال محدودة جدا فيما حاجات السكان كبيرة جداً».
وأعلن المتحدث الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية دايفيد سوانسون، أن الأمم المتحدة «تعمد بين الحين والآخر إلى إيصال المساعدات جواً من دمشق إلى القامشلي شمال شرقي الرقة في عملية «معقدة ومكلفة، إلا أن هذا الأمر يبقى غير كاف لتأمين احتياجات السكان»، مؤكداً أن المنظمة «تأمل بنقل المساعدات الإنسانية من حلب إلى القامشلي، لتقطع بذلك مسافة تبلغ أكثر من 400 كيلومتر، لكنها لا تزال بحاجة إلى اختبار سلامة الطريق».
ويعيش الآلاف حاليا في مخيمات مكتظة لا تتوفر فيها المواد الأساسية، وينام آلاف النازحين في مخيم في بلدة عين عيسى (50 كيلومترا شمال الرقة)، على الأرض في العراء من دون فراش أو حتى خيم فوق رؤوسهم.
وأوضح مدير المخيم جلال عياف، أن «أكثر من 25 ألف شخص يعيشون في مخيم عين عيسى، الذي أنشئ ليستقبل عشرة آلاف شخص فقط»، مشيراً إلى أن «المنظمات الإنسانية توفر الدعم، لكنه غير كاف للأعداد التي تصل إلى المخيم».
ويستقبل مخيم عين عيسى يوميا، وفق تقدير بوك ليندرز من «أطباء بلا حدود»، مجموعات «تصل إلى 800 شخص، واختار آخرون النوم على جوانب الطرق وتحت الأشجار في مناطق واقعة شمال المدينة».
وبعد ست سنوات من النزاع في سوريا، فقد المانحون الدافع لتقديم المساعدات على الرغم من الوضع الإنساني والصحي الخطر، وفق ما أكد أطباء سوريون قصدوا أوروبا سعيا لكسب اهتمام الحكومات الأجنبية مجددا.
عاش اثنان من الأطباء حصار حلب الشرقية بين يوليو (تموز) وديسمبر (كانون الأول) 2016 وكان الثالث شاهداً على الهجوم الكيميائي في خان شيحون في 4 أبريل (نيسان).
وجاء الثلاثة الذين عرفوا عن أنفسهم بأسمائهم الأولى خشية على سلامتهم، إلى باريس، للإدلاء بشهاداتهم عن الوضع، ومقابلة مسؤولين فرنسيين قبل أن يواصلوا جولتهم في هولندا ولوكسمبورغ.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم