بعد 10 أعوام على «الانقلاب»... السلطة تكثف الضغط على «حماس» وتدعوها للاعتذار

«الحركة» تلوّح بحرب جديدة مع إسرائيل في مواجهة تردي وضع غزة

فلسطينيون يجلسون على أبواب منازلهم في مدينة خان يونس جنوب وسط القطاع (رويترز)
فلسطينيون يجلسون على أبواب منازلهم في مدينة خان يونس جنوب وسط القطاع (رويترز)
TT

بعد 10 أعوام على «الانقلاب»... السلطة تكثف الضغط على «حماس» وتدعوها للاعتذار

فلسطينيون يجلسون على أبواب منازلهم في مدينة خان يونس جنوب وسط القطاع (رويترز)
فلسطينيون يجلسون على أبواب منازلهم في مدينة خان يونس جنوب وسط القطاع (رويترز)

بعد 10 سنوات على سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، تختار السلطة الفلسطينية أسلوب الضغط السياسي والمالي على الحركة الحاكمة، لإجبارها على تسليم القطاع. ولا يبدو أن ثمة خيارات أخرى عسكرية على جدول الأعمال. وهي خيارات لا تستجيب لها الحركة الإسلامية حتى الآن، وتفضل، على ما يبدو، مواجهة عسكرية أخرى مع إسرائيل، وهو خيار لا تستبعده إسرائيل للقفز على تردي مستوى الحياة لنحو مليوني غزي محاصرين منذ عقد كامل.
وقالت مصادر فلسطينية مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ماض في سلسلة إجراءات ضد حركة حماس، في محاولة لإجبارها على تسليم غزة. وأضافت المصادر: «الخطوات متصاعدة ومستمرة وستضغط أكثر على حماس». وبحسب هذه المصادر، فإن الخطوات التي بدأت مالية ستصل إلى قرارات سياسية.
وكشفت المصادر أن قرارات عباس قد تصل إلى قطع كل اتصالات مع غزة، إذا بقيت حماس على رفضها لخطته. وكان الرئيس الفلسطيني اتخذ قرارات عدة، بدأت بتقليص رواتب الموظفين، ووقف دفع بدل أثمان كهرباء ووقود، وإلغاء إعفاءات ضريبية، وإعداد خطط لتقاعد كثير من الموظفين العسكريين.
وزادت هذه القرارات من الضغوط الحياتية على السكان في غزة، ووضعت حركة حماس في مأزق تفاقم مع تراجع الدعم المالي للحركة، وإعلانها منظمة إرهابية من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وإعلان مقاطعة عربية لقطر التي تعد معقلا للحركة وداعما رئيسيا لها.
ودعت حركة فتح، حركة حماس أمس «للوقوف عند مسؤولياتها الوطنية، ووضع حد ينهي المأساة الوطنية الدامية التي وقعت في يونيو (حزيران) 2007 وطال أمدها، وراح ضحيتها المئات من أبناء شعبنا الفلسطيني المناضلين، وألحقت الدمار والضرر السياسيين على قضيتنا الوطنية، التي استشهد من أجلها عشرات الآلاف من خيرة قياداتنا وشبابنا ونسائنا».
وقال المتحدث باسم الحركة وعضو المجلس الثوري فيها، أسامة القواسمي: «في الذكرى العاشرة لسيطرة حركة حماس على قطاع غزة بقوة السلاح، فإن الظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية يجب أن تكون دافعا قويا لدى حماس للتخلي عن مصالحها الحزبية الضيقة من أجل المصلحة الوطنية}.
ودعا عضو المجلس الثوري حركة حماس «لالتقاط الفرصة والاستجابة للمبادرة التي قدمها الرئيس محمود عباس، من أجل إنهاء الانقسام وتعزيز الشراكة الوطنية، بدءاً من حل اللجنة الإدارية التي شكلتها في قطاع غزة وحكومة الظل، والسماح لحكومة التوافق الوطني بالعمل بحرية، والذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية».
وأعاد القواسمي مطالبة حركته لحماس بضرورة استخلاص العبر من تجربتها المريرة، وعدم التدخل في الشأن العربي، وأن «تتوقف عن تحالفاتها المتناقضة التي يتم نسجها وفقا للمصلحة الحزبية فقط وليس المصلحة الوطنية، وأن تدرك جيدا أننا كفلسطينيين بحاجة إلى كل العرب، لا أن نكون جزءا من تلك الخلافات، رغم معرفتنا الجيدة للدول التي تقف مع قضيتنا تاريخيا وتدعمنا».
ولم تكتف فتح بدعوة حماس للتراجع عن انقلابها، بل بثت الحركة جملة من الفيديوهات والتصاميم حول «انقلاب حماس الدموي»، وأظهرت صور ولقطات عناصر من أجهزة الأمن وحركة فتح قتلوا على يد حماس ونكل بهم أثناء الاقتتال الداخلي الذي سبق الانقلاب عام 2007. وقالت فتح إن حماس قتلت 600 من المناضلين ونكلت ببعضهم وجرحت آلافا وأحرقت منازل. وبحسب إحصاءات فلسطينية رسمية، فإن أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة، من أصل نحو مليونين، يعيشون تحت خط الفقر.
وقال النائب جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، إن واقع قطاع غزة يزداد تعقيداً بعد 10 سنوات على الانقسام الخطير وتشديد الحصار الإسرائيلي وازدياد أزماته الإنسانية الحادة.
وقال الخضري إن «أكثر من مليون ونصف المليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، يتلقون مساعدات محدودة من مؤسسات دولية أهمها (أونروا)، ومن الشؤون الاجتماعية ومؤسسات إغاثية مختلفة».
وأضاف: «أكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية تضررت جراء الحصار و3 حروب شنتها إسرائيل على غزة، وخسائر مباشرة وغير مباشرة بمئات ملايين الدولارات».
وبين الخضري أن معدل الدخل اليومي للفرد في غزة دولاران، وهو من أقل المعدلات في العالم.
وجاء في بيان الخضري أن «نصف مليون زيادة في عدد السكان، خلال 10 سنوات من الحصار، كان من المفترض أن ترافقها زيادة في الخدمات والمساكن والمرافق الحيوية والكهرباء والطرق. لكن ذلك لم يحدث بسبب الحصار، وازدادت الأمور تعقيدا بثلاثة حروب ما زالت آثارها موجودة حتى يومنا هذا».
وشدد الخضري على أن نحو 50 في المائة‏ من المساكن التي تم تدميرها بالكامل أثناء عدوان 2014 ما زالت تنتظر الإعمار، وسكانها نحو مائتي ألف مواطن في عداد المشردين عن منازلهم سواء في شقق مستأجرة أو أماكن غير مهيأة.
واستعرض معاناة قطاع الصيد والصيادين جراء الطوق البحري، حيث آلاف العائلات الفلسطينية التي تتعيش من مهنة الصيد، والتي تضررت جراء تقليص مساحة الصيد والاستهداف شبه اليومي للصيادين وقواربهم.
وأشار إلى أن توقف محطة التوليد المتكرر، سواء بسبب القصف الإسرائيلي أو بسبب عدم التمكن من شراء الوقود، نتيجة فرض الضرائب، أحدث إرباكاً كبيراً، وعدم انتظام في الحصول على ساعات كافية لوصل التيار الكهربائي، بل تراوحت ساعات الوصل بين 4 و8 ساعات.
وبين الخضري أنه «مع توقف المحطة الآن لمدة شهرين متتاليين عن العمل، وكذلك القرار الإسرائيلي بتقليص كمية الكهرباء الواردة من الخطوط الإسرائيلية إلى غزة، أدخلا غزة في كارثة إنسانية محققة».
وأشار إلى أن غزة تعاني جراء الحصار وآثار الانقسام، والضفة الغربية بسبب الاستيطان وجدار الفصل العنصري وسلب الأراضي، إلى جانب عزل القدس بحزام استيطاني وتهويد معلن واقتحامات يومية للمسجد الأقصى، وحواجز وتقطيع أوصال الضفة وعزل مدنها وقراها.
وحذرت حماس، أمس، الاحتلال الإسرائيلي من دفع غزة باتجاه الحائط. ودعا سامي أبو زهري، القيادي في الحركة، المجتمع الدولي للتحرك والتصدي لمثل هذه السياسة الإسرائيلية ضد قطاع غزة. وقال أبو زهري: «هذه السياسة الكارثية لن يكتوي الفلسطينيون بنارها وحدهم». وكان أبو زهري يشير إلى قرار إسرائيل الاستجابة لطلب السلطة تخفيض الكهرباء عن غزة. والكهرباء واحدة من أخطر الأزمات التي تعتقد إسرائيل أنها ستجر حماس إلى الحرب.
وقالت الحكومة الفلسطينية، أمس، إن السبب الذي يقف وراء أزمة الكهرباء والذي أنشأها، هو وجود الاحتلال الإسرائيلي، والحصار المفروض على القطاع منذ 10 سنوات، «إضافة إلى وقوع كارثة الانقلاب التي ما كانت لتقع لولا وجود الاحتلال والحصار وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى أن الانقلاب والانقسام يشكلان مصلحة احتلالية خالصة».



برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
TT

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

حذَّر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص، مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، من بينهم 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف.

وفي تحديثه الشهري، أكد البرنامج استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي بسرعة، حيث يواجه 62 في المائة من السكان في جميع أنحاء اليمن الآن استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى معدل يسجله البرنامج في اليمن على الإطلاق.

3.5 مليون مستفيد من المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (الأمم المتحدة)

وبحسب التحديث الأممي، فقد بدأ «برنامج الأغذية العالمي»، الشهر الماضي، توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، في إطار الاستجابة السريعة للطوارئ، حيث وصل إلى 1.4 مليون شخص في 34 مديرية، بهدف تخفيف آثار قرار وقف المساعدات الغذائية هناك، نهاية العام الماضي، بسبب الخلافات مع سلطات الحوثيين.

ورداً على الزيادة «المثيرة للقلق» في سوء التغذية الحاد بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية، ذكر البرنامج الأممي أنه بدأ، في أغسطس (آب)، استجابة طارئة في 6 مديريات بمحافظتي الحديدة وتعز (غرب وجنوب غرب)، بما في ذلك توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية وتوسيع نطاق المساعدات الغذائية لمدة شهرين لتشمل 115400 نازح.

البرنامج أكد أن وضع الأمن الغذائي في اليمن يتدهور. وفي الوقت نفسه، تشهد مناطق سيطرة الحكومة زيادة مقلقة في سوء التغذية الحاد. وذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الأخير أظهر أن سوء التغذية الحاد في اليمن «لا يزال يشكل تهديداً خطيراً».

أضرار الفيضانات

مع تسبُّب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات شديدة بمناطق واسعة من اليمن في أغسطس (آب)، وتضرُّر ما لا يقل عن 400 ألف شخص، أفاد برنامج الأغذية العالمي بأنه بدأ تنفيذ خطة استجابة أولية بالتنسيق مع السلطات المحلية، من خلال تقديم المساعدة الطارئة، عبر آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات.

وبحلول نهاية أغسطس (آب) الماضي، قال البرنامج إن آلية الاستجابة السريعة ساعدت 120 ألف شخص متضرر من الفيضانات في جميع أنحاء اليمن. وعلاوة على ذلك، كان البرنامج يستعد للاستجابة الطارئة لـ157 ألف شخص في 40 منطقة متضررة من الفيضانات، لإكمال آلية الاستجابة السريعة وتغطية الاحتياجات.

توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية بين النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)

وخلال الفترة ذاتها، اختتم البرنامج الأممي توزيع الدورة الثانية للعام الحالي، وبدأ الاستجابة السريعة للطوارئ الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، التي صُممت من أجل الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي المتزايد خلال فترة التهدئة الحالية؛ إذ تستهدف العملية 1.4 مليون شخص في 34 مديرية. وحتى نهاية الشهر الماضي، وصل البرنامج إلى 239 ألف شخص.

وفي ظل الموارد المحدودة، ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم برنامج الأغذية العالمي بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين من المساعدة الغذائية العامة، وتم الانتهاء بنجاح من تمرين تجريبي في مناطق سيطرة الحوثيين، ويستعد البرنامج الآن لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع، وتجري مناقشة توسيع نطاقه.

جهود مستمرة

في مناطق سيطرة الحكومة، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه تم الانتهاء من جمع البيانات لـ3.6 مليون مستفيد؛ إذ تستمر الاستعدادات لمرحلة تحديد الأولويات، التي ستحدد قائمة منقحة لحالات المستفيدين من المساعدة المالية العامة والمساعدات الغذائية الجزئية.

ووفق ما أورده البرنامج، فقد ساعد 739 ألف امرأة حامل ومرضع، بالإضافة إلى فتيات وأطفال، في إطار برامج علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط، كما قدم البرنامج المساعدة لـ84 ألفاً من الأطفال والرضع في إطار الوقاية من سوء التغذية الحاد، من أصل 103 آلاف شخص مستهدَف، بموجب مخصصات صندوق التمويل الإنساني.

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

ونبَّه البرنامج الأممي إلى أن مشروع التغذية المدرسية التابع له يواجه نقصاً حاداً في التمويل. ونتيجة لذلك، يخطط في البداية لمساعدة 800 ألف طالب في جميع أنحاء اليمن شهرياً خلال العام الدراسي الحالي، وهو عدد يساوي أقل من نصف العدد الإجمالي للطلاب الذين تم الوصول إليهم، العام الماضي، وبلغ عددهم مليونَي طفل.

ووفق البيانات الأممية، قدم برنامج الغذاء الدعم لـ59 ألف يمني، في إطار برنامج الصمود والتعافي من آثار الأزمة، وسلَّم 1.8 مليون لتر من الوقود إلى المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي المحلية.

وأضاف البرنامج أنه تم توفير 125 ألف لتر من الوقود لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، من خلال آلية توفير الوقود بكميات صغيرة، كما تم نقل 69 متراً مربعاً من المواد الطبية إلى ميناء الحديدة لصالح أحد الشركاء.