التوريث قانون الحياة الفنية في مصر

عادل إمام يسعى لمنح ابنه «تاج» عرش الكوميديا

عادل إمام بطل «عفاريت عدلي علام»
عادل إمام بطل «عفاريت عدلي علام»
TT

التوريث قانون الحياة الفنية في مصر

عادل إمام بطل «عفاريت عدلي علام»
عادل إمام بطل «عفاريت عدلي علام»

هل هي صدفة أن ينتهي عرض مسلسل عادل إمام «عفاريت عدلي علام» الساعة التاسعة على «إم بي سي مصر»، ليبدأ فوراً على القناة نفسها عرض «لمعي القط»؛ أول بطولة تلفزيونية لمحمد إمام؟
ألا يحمل التوقيت إشارة للمشاهدين إلى أن هذا هو خليفتي في الكوميديا؟ أعلم طبعاً أن اختيار توقيت العرض هو مسؤولية القناة، وهى التي تحدد معاييرها طبقاً لمصالحها الإعلامية والاقتصادية، إلا أنني أعلم أيضاً أن كثيراً من المعادلات الإنتاجية تدخل فيها تفاصيل كثيرة قد تبدو للوهلة الأولى خارج النطاق المباشر لخريطة العرض على الشاشة، غير أنها في نهاية الأمر من الممكن أن تفرض رأيها على الجميع.
لا أتصور سوى أن عادل إمام، باعتباره لا يزال يُشكل الثقل الدرامي الأقوى في عالمنا العربي، يملك كثيراً من الأوراق التي تتيح له فرض كثير من شروطه، ولهذا لا أستبعد أن الاتفاق مع منتج المسلسلين تامر مرسي، الذي بدوره يمنح المسلسلين حصرياً لمحطة «إم بي سي»، يتيح له التفاوض على كل شيء، خصوصاً أننا نعلم ما حدث في العام الماضي عندما تم الاتفاق في البداية أن يسبق مسلسل محمد رمضان «الأسطورة» عرض مسلسل عادل «مأمون وشركاه»، وتم التنويه فعلاً بذلك، ثم تدخل عادل قبل دقائق من العرض، وأصر على أن يسبق رمضان، وتمت الاستجابة لطلبه.
عادل أمام كثيراً ما يؤكد أنه لا يمكن أن يفرض ابنيه، رامي مخرجاً ومحمد ممثلاً، على الحياة الفنية، وهو بالتأكيد قول صحيح، لكن هناك قوة دفع دائمة يملكها عادل من خلال فرض وجود رامي مثلاً، الذي أخرج له 6 من بين 7 مسلسلات قدمها أخيراً تباعاً كل سنة منذ 2012، كان نصيب محمد منها اثنان فقط: الأول «فرقة ناجي عطا لله»، والثاني «صاحب السعادة».
عادل يخطط لمحمد أن يشب عن الطوق، ويخرج من قيد وجود الأب في مقدمة «الأفيش» و«التترات»، لكي ينطلق بعدها كبطل منفرد، وهكذا ستلاحظ أنه قد زادت مساحته الدرامية في «صاحب السعادة» عن «فرقة ناجي عطا لله». ولو تذكرت مثلاً فيلم «حسن ومرقص»، سوف تكتشف أن محمد لعب دوري «جرجس وعماد»؛ زادت مساحته كثيراً. وظل عادل طوال الأحداث حريصاً على أن يمهد لابنه «الإفيه» و«القفشة» الكوميدية ليقترب أكثر من الجمهور.
تستطيع وأنت تُطل على الحياة الفنية في مصر خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة أن ترى في كل المجالات الفنية، درامياً وغنائياً، أن التوريث صار هو القانون السائد، والاستثناء فقط أن ابن الفنان لا يمارس مهنة أبيه.
كل النجوم، أو أغلبهم، اكتشفنا أن أبناءهم يمارسون المهنة، عادل إمام ومحمود عبد العزيز وأحمد زكي وفاروق الفيشاوي ونور الشريف (بابنته مي لأنه لم ينجب ذكوراً)، بينما منة ابنة حسين فهمي وميرفت أمين كانت مرشحة بقوة لكي تلعب دور جيهان السادات في مرحلة الشباب، وذلك في فيلم «السادات»، لولا أن حسين وميرفت اعترضا في اللحظات الأخيرة. وطبعاً ابنتا سمير غانم ودلال عبد العزيز، دُنيا وإيمي، أثبتتا أن ابن «الوز» عوام، كما يقولون بالمصري، إلا أنه ليس كل أبناء الفنانين ينطبق عليهم قانون «الوز»!
في العالم كله، لو رصدت نسبة انتقال «جينات» الآباء والأمهات إلى الأبناء في المجال الفني والإبداعي، فالمؤكد أن الأمر لن يتجاوز 10 في المائة، بينما في مصر الأغلبية توجهت لممارسة مهنة الوالد.
في مجال الغناء أيضاً، فعلها أبناء المطربون، مدحت صالح وعلي الحجار ومحمد الحلو، وحتى شعبان عبد الرحيم اكتشفنا أن كل أبنائه الخمسة احترفوا الغناء، ويفكرون في إنشاء فرقة خاصة على غرار «الفور إم» التي تكونت من عزت أبو عوف وشقيقاته الأربع في ثمانينات القرن الماضي، ومن المؤكد سيطلق شعبان على فرقته الجديدة «فايف شعبولا».
الكل يعلم أننا نعيش عصر سطوة النجوم على مقدرات العمل الفني.
وفي الحياة الفنية لا يملك كبار النجوم سوى الدفع بأبنائهم في بعض الأعمال الفنية، ووضع شروط مجحفة تفرض على شركات الإنتاج قبول هذا الشرط، وسوف يصطدم الجميع بعد مرحلة زمنية بقوة تستطيع مقاومة ذلك، وهي إرادة الناس؛ لن ينجح ابن الفنان إلا إذا تم ذلك بناء على طلب الجماهير.
لا أنكر بالمناسبة أن محمد إمام لديه موهبة، ولكن المشكلة أنه لا يملك «كاريزما» الأب التي أتاحت له البقاء على عرش الكوميديا في عالمنا العربي على مدى 40 عاماً، قبلها نحو 17 عاماً شهدت بداياته، أي أنه صاحب مشوار يقترب من ستة عقود من الزمان. ومن المؤكد أن كل إنسان عربي يحمل في أعماقه أكثر من ضحكة رشقت في قلبه لعادل إمام؛ ابنه محمد مثل أغلب الفنانين الذين جاءوا بعد عادل إمام، تأثروا به وبمفرداته التي يؤديها. فرط النجاح لا يجعل الفنان مجرد حالة خاصة، ولكن يحيله إلى نموذج يحتذى في كل التفاصيل. ولو تتبعت مسلسل «لمعي القط» الذي دخل به محمد إمام «ماراثون» رمضان، سوف تكتشف أن محمد كثيراً ما يحاكي عدداً من تعبيرات عادل إمام التي صارت أقرب إلى لمحات متعلقة به، ولزمات لصيقة به، وليست مشاعاً لغيره، حتى ولو كان ابنه. ما نراه على الشاشة في أدوار لعادل إمام هو شخصية درامية يؤديها، ولا يمكن أن تتحول إلى نمط يتم استثماره خارج نطاق عادل إمام، مثلما رأيت محمد إمام في «لمعي القط»، فهو يحاكي في كثير من ردود أفعاله أمام الكاميرا والده في مواقف درامية مشابهة.
محمد إمام يقف في مرحلة متوسطة بين «الكوميديان» و«الجان»، فلا تستطيع وأنت مطمئن أن تضعه بين نجوم الكوميديا القادرين على إثارة الضحك، مثل آخر عنقود الكوميديا، وهم نجوم «مسرح مصر» الذين صاروا مهيمنين على أغلب الأعمال، حتى تلك التي تتدثر عنوة بالكوميديا.
وكثيراً ما يستعين محمد إمام بعدد منهم سينمائياً، وهو ما كرره في أول مسلسل بطولة له، ليشكلوا قدرة على الجذب الكوميدي، إذ إنه لا يعد من بين نجوم الكوميديا الجدد، كما أنك لا تضع محمد في قائمة «جانات» السينما؛ أقصد الفتي الوسيم الذي يثير خيال المراهقات، مثل أحمد عز وكريم عبد العزيز وأحمد السقا. المسلسل الذي كتبه حازم الحديدي، وأخرجه عمرو عرفه، حاول أن يضع كل المشهيات الدرامية في عمل فني واحد للتعاطف مع البطل، وخلق نجم جماهيري قادم، مثل الشهامة والجدعنة والتضحية بالنفس، ولم ينس أيضاً إنقاذ الأطفال في اللحظات الأخيرة، كلها مفردات لتحقيق ملامح البطل الشعبي؛ هل نجحت الخطة؟
أتصور أن ما حققه أمير كرارة مثلاً في الوصول لنجومية البطل الشعبي كانت أكثر وضوحاً هذا العام في مسلسله «كلابش»، ورغم ذلك فإن قوة الدفع بمحمد إمام بطلاً ينتظره تاج عرش الكوميديا على رأسه خلفاً لأبيه لن تتوقف، سيواصل عادل الرهان العام المقبل مجدداً على ابنه.
هل يكذب الآباء عندما يؤازرون أبناءهم؟ الحقيقة أنهم لا يستطيعون أن يكونوا محايدين، ولهذا يعتقدون أنهم موهوبون... الآباء أحكامهم دائماً منحازة لأبنائهم، وكأنهم يقولون للآخرين على طريقة المطرب التونسي لطفي بو شناق: «خدو عيني شوفو بيها». هم دائماً لا يرون سوى أن أبناءهم يستحقون الوصول للنجومية مثلهم، المشكلة أن ما يصلح في دنيا الغناء لا يتحقق على أرض الواقع، فلا أحد من الممكن أن يُعر عينه لأحد!



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».