المعارضة السورية تصف الإدارة المحلية الكردية بـ «المعادية»

الجربا لـ«الشرق الأوسط»: سنتفق مع الفصائل بشأن «جنيف 2»

أحمد الجربا و  أحمد طعمة
أحمد الجربا و أحمد طعمة
TT

المعارضة السورية تصف الإدارة المحلية الكردية بـ «المعادية»

أحمد الجربا و  أحمد طعمة
أحمد الجربا و أحمد طعمة

لم يشأ الشيخ أحمد الجربا، رئيس الائتلاف السوري المعارض، التحدث إلى الصحافيين بعد مؤتمر رئيس حكومته الدكتور أحمد طعمة مساء أول من أمس في إسطنبول غداة الإعلان عن تشكيلة الحكومة الانتقالية المؤقتة. فأسئلة الإعلاميين التي تلاحق مسؤولي الائتلاف المعارض تعبر في كثير من الأحيان عن «إحباط» السوريين من الأداء السياسي لممثلي الثورة السورية في الخارج.
لكن «الشرق الأوسط» التقت الجربا بعد المؤتمر لتسأله عن الخلاف الحاصل بين القيادة السياسية للائتلاف والقيادة العسكرية للثوار حول المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» للسلام الخاص بسوريا، ليبدو متفائلا بالوصول إلى تسوية سريعة بهذا الخصوص.
وكان زهاء 20 فصيلا عسكريا بعضها ينتمي إلى الجيش السوري الحر أعلن رفضه الذهاب إلى المؤتمر، ووصف المشاركة فيه بـ«الخيانة».. ما اضطر الائتلاف إلى إعلان أن حضور «جنيف 2» سيكون مرهونا بموافقة الكتائب المسلحة، وشكل وفدين للحوار بهذا الخصوص.
وقال الجربا: «أنا واثق من أننا سنصل لصيغة ترضي الجميع. هناك لجنة ممثلة من الائتلاف ستعقد اجتماعاتها في الأيام القليلة المقبلة مع ممثلي الكتائب المقاتلة لحسم الأمور الخلافية».
وعندما سألناه عن موقف الفصائل الإسلامية المتشددة الذي أعلنته من قبل بخصوص اعتبارها المشاركة في «جنيف 2» من غير ضمانات برحيل الرئيس السوري بشار الأسد «مؤامرة على الثورة السورية»، قال الجربا: «نحن أيضا نطالب برحيل الأسد. وأنا مقتنع بأننا لن نختلف مع الفصائل المسلحة في نهاية الأمر. سنصل لقرار موحد معهم حول المشاركة في (جنيف 2)».
وتوصلت اجتماعات أعضاء الهيئة العامة للائتلاف في إسطنبول، التي اختتمت فجر الثلاثاء، إلى الإعلان عن تشكيلة الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الطعمة.
وقال الجربا في رده على سؤال حول جدوى إعلان هذه الحكومة مع التحديات التي تواجهها: «إن شاء الله سترون أن هذه الحكومة ستكون فاعلة على الأرض وفي الداخل السوري».
وكان رئيس الحكومة أحمد طعمة وجه كلمة للسوريين من إسطنبول بمناسبة تشكيل الحكومة، مبينا أبرز أولوياتها. واعتبر حكومته تدشينا لـ«عهد الجمهورية السورية الجديدة». وناشد الشعب السوري دعم حكومته في مهمتها.
وتعهد بتوفير الحماية اللازمة للمدنيين داخل سوريا، مع التأكيد في الوقت نفسه على أن الحكومة لن تتمكن من أن تنشط في كل المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام.
وشكر المملكة العربية السعودية لدعمها الشعب السوري كما شكر قطر وتركيا ودول الخليج وليبيا لتقديمها المساعدة للمعارضة. وقال: «حكومتنا الانتقالية ستمهد الطريق للعودة إلى سوريا، وسنخوض معركتنا على كل المستويات».
وأضاف في كلمته التي وجهها للسوريين من إسطنبول: «سنبذل قصارى جهدنا لإعادة إعمار سوريا، وسنحترم كل المواثيق والعهود الدولية».
وسألته «الشرق الأوسط» عما إذا كان يخطط لإلقاء كلمة للسوريين من داخل المناطق المحررة، فقال: «قد يكون ذلك قريبا جدا».
وتثار أسئلة كثيرة حول التأثير الفعلي لهذه الحكومة التي ستواصل عملها من الأراضي التركية، بينما يسيطر النظام السوري على معظم مراكز المدن السورية. وقال طعمة لـ«الشرق الأوسط» إن «سلطة النظام تتراجع ولا تتقدم، وهذه الحكومة تعني أنه أصبح للثورة مؤسساتها وستنتقل للمناطق المحررة قريبا».
وتعيش «المناطق المحررة» مثل حلب وإدلب حالة من الفوضى وسط هجرة أغلب مثقفيها وسياسييها الذين اختاروا الاستقرار في مدن تركية قريبة مثل غازي عنتاب التي تتركز فيها معظم المؤسسات الإغاثية والسياسية التابعة للائتلاف السوري المعارض.
ويقول وزير الاتصالات في الحكومة محمد ياسين النجار، ويتحدر من مدينة حلب، إن تشكيل الحكومة هو الخطوة الأولى لنقل الثورة من حالة الفوضى إلى حالة مأسسة الثورة. ويضيف: «كان الكل يشتغل بكل شيء.. الآن سوف يكون لكل وزير هيكله الإداري الخاص».
وحول مؤتمر «جنيف 2» الذي يشكك كثيرون في جدوى المشاركة فيه في ظل تعنت النظام وعدم وجود ضمانات برحيل الأسد، لمح رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة إلى أنه يدرك أن اشتراط رحيل الأسد للمشاركة في المؤتمر لم يعد أولوية للقوى الدولية الراعية للمؤتمر. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا ثلاث أولويات، أهمها فتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات للمناطق المحاصرة، ثانيا إطلاق سراح المعتقلين، وثالثا تشكيل جسم حكومي انتقالي».
ولكن أحمد رمضان، وهو أحد أبرز أعضاء الهيئة التنفيذية في الائتلاف السوري، يرى أن النظام السوري سيسعى لإفشال مؤتمر جنيف بغطاء روسي - إيراني، وأن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية.
ورمضان الذي قضى أكثر من 20 عاما في المنفى قضاها بين لندن والعراق وبيروت، يعتقد أن البديل سيكون هو «العودة للداخل». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام السوري يراوغ، ولن يقبل بسهولة بتسليم السلطة لهيئة انتقالية، لذلك فإن استمرار الثورة السورية في الداخل هو الوحيد الذي سيجبر النظام على الرحيل».

و على صعيد اخر لم تمض سوى ساعات قليلة على إعلان تشكيل الإدارة الذاتية بالمناطق الكردية الخارجة عن سيطرة النظام السوري، شمال شرقي البلاد، أو ما يسمى «غرب كردستان»، حتى دب الخلاف بين الأطراف الكردية هناك، مما يلقي بظلاله على صمود تلك «الإدارة الذاتية» وفاعليتها. فمن شارك في الإعلان عنها (أول من أمس) بارك الخطوة وعدها «إنجازا قوميا مهما» سيدشن لتشكيل كيان كردي إداري مستقل على غرار تجربة إقليم كردستان العراق، ومن أقصي أو امتنع عن المشاركة وجه إلى القائمين عليها تهما بـ«الانفرادية والتسلط والتوجه الديكتاتوري». ودخل الائتلاف السوري المعارض على الخط، عادا حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي أعلن عن الإدارة المحلية «تنظيما معاديا للثورة السورية».
وبين هذا الموقف وذاك يبدو أن هناك ارتياحا شعبيا كرديا من الخطوة خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والخدمية بالمنطقة التي خرجت منذ أكثر من سنة عن قبضة النظام الحاكم بدمشق.
فالإدارة الذاتية أعلنت من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (بي واي دي) أكبر الأحزاب الكردية والذي يسيطر على الوضع الداخلي بالمناطق الكردية، والذي يعتقد البعض أنه الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني التركي المحظور. ويمتلك «بي واي دي» جيشا موحدا تحت اسم «لجان الحماية الشعبية» التي تتولى محاربة القوى الإسلامية المتطرفة الممثلة بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) من جهة، وتعمل على تنظيم الوضع الأمني الداخلي من جهة أخرى، عبر ما يعرف بمجاميع «الآسايش» على غرار القوات الأمنية المحلية بكردستان العراق.
وبحسب شلال كدو، القيادي بحزب اليسار الديمقراطي الكردي السوري، أحد المنضمين إلى الإدارة المؤقتة، فإن هذه الإدارة «ستمهد لإجراء انتخابات برلمانية قريبة يتمخض عنها تشكيل أول حكومة محلية تدير شؤون المنطقة بعيدا عن سلطة المركز بدمشق».
ويضيف كدو لـ«الشرق الأوسط»: «إننا والحزب اليساري الكردي انضممنا إلى هذه الإدارة شعورا منا بكونها خطوة تاريخية مهمة ستمهد لتشكيل حكومة محلية وبرلمان منتخب، وجاءت الفكرة بعد أشهر طويلة من المشاورات والمباحثات المركزة بين عدة أطراف، جاء من جاء، وامتنع من امتنع، ولكننا بالإدارة الجديدة سنواصل جهودنا مع بقية الأطراف المقاطعة للانضمام إلى الإدارة الذاتية التي تهدف إلى تحقيق شراكة حقيقية بإدارة شؤون مناطقنا». وأضاف: «هذه الإدارة لا تعني الانفصال أو إعلان الحكم الذاتي ولا تأسيس إقليم منفصل، ولكنها إدارة هدفها إملاء الفراغ الحاصل بإدارة المنطقة، فمعلوم أن انسحاب النظام وأجهزته وإدارته من المناطق الكردية أحدث فراغا هائلا أثر على الأوضاع المعيشية للسكان، ولذلك لم نجد بدا من إملائه بإعلان هذه الإدارة الذاتية».
وحول ما إذا كانت هذه الخطوة لقيت دعما من قيادة إقليم كردستان أو العراق أو أي جهة إقليمية أو دولية أخرى، قال كدو: «هذا شأن داخلي لا يحق لأي طرف أن يتدخل فيه، ونحن بالأساس لا نحتاج إلى موافقة من أحد، هناك ملايين الناس يحتاجون إلى تنظيم شؤونهم الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، وكنا مضطرين تحت الضغط الشعبي لتشكيل هذه الإدارة التي سنعمل على تقويتها لتتمكن من الثبات وتحمل مسؤولياتها القادمة وفي مقدمتها تنظيم انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة محلية».
بالمقابل، يرى علي شمدين العضو القيادي بالحزب التقدمي الديمقراطي الذي يقوده السياسي الكردي المخضرم عبد الحميد درويش، أن «انفراد حزب الاتحاد الديمقراطي بقيادة هذه الإدارة سيفرغ من محتوى وأهمية مثل هذه الإدارة، لأننا بحاجة إلى توحيد المواقف والجهود في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ شعبنا والسوريين». وتابع: «كمبدأ نحن لسنا ضد تشكيل أي كيان أو هيئة تتولى تنظيم شؤون المواطنين وتملأ الفراغ الحاصل بالسلطة، ولكننا لن نقبل بتفرد جهة واحدة بإدارة السلطة، ونعتقد أن العودة إلى روح اتفاقية هولير (أربيل) والعمل على تنفيذ بنودها هي الضمانة الأساسية لتوحيد صفوف الشعب الكردي بسوريا، ويمكن من خلال الجهد والموقف المشترك أن نشكل إدارة تحظى برضا وموافقة جميع الأطراف».
وكشف شمدين عن أن حزبه انضم إلى الائتلاف الوطني السوري، ولا يريد أن يتصادم مع حزب الاتحاد الديمقراطي، لكنه يختلف معه بشأن موضوع الإدارة. ونفى التصريحات التي أدلت بها قيادات بحزب الاتحاد الديمقراطي حول مشاركة أحزاب المجلس الوطني الكردي بتلك الإدارة. وقال: «هناك فقط حزبان انضما إلى الإدارة وهما حزب اليسار الديمقراطي بقيادة صالح كدو والحزب اليساري فقط، أما بقية الأحزاب المنضوية تحت راية المجلس الوطني فإنها متفقة على ضرورة الالتزام باتفاقية هولير».
ويتوقع أن تشارك أحزاب المعارضة الكردية السورية بمؤتمر «جنيف 2» الخاص بالسلام في سوريا، لكن شلال كدو أشار في تصريحه إلى أنه إذا «وجهت دعوات متعددة للأطراف الكردية فإننا سوف نشارك بوفود متعددة، أما إذا كانت هناك دعوة واحدة للكل فسنتشاور مع بقية الأطراف لتشكيل وفد موحد يتمثل فيه جميع الأطراف».
وفي غضون ذلك، عد الائتلاف السوري المعارض حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي «تنظيما معاديا للثورة السورية» بعد إعلانه الأخير عن تشكيل «الإدارة المدنية الانتقالية لمناطق غرب كردستان - سوريا».
وأضاف في بيان أمس أن هذه الإدارة «تمثل تحركا انفصاليا يفصم أي علاقة للتنظيم بالشعب السوري المناضل للوصول إلى دولة سورية موحدة ومستقلة وحرة وخالية من الاستبداد وذات سيادة مطلقة على أراضيها».
وعد الائتلاف أن الحزب بات «تشكيلا داعما لنظام (الرئيس بشار) الأسد، وعاملا من خلال جناحه العسكري المعروف باسم قوات الحماية الشعبية الكردية، ضد مصالح الشعب السوري ومبادئ ثورته».
وانتقدت المعارضة السورية في بيانها محاربة قوات الحماية «كتائب وألوية الجيش الحر وافتعال أزمات تسعى لتشتيت جهودها»، وامتناعها «عن محاربة النظام في عدة جبهات».
وبموجب الإدارة المحلية، تقسم المنطقة الكردية في سوريا إلى ثلاث مناطق يكون لكل منها مجلسها المحلي وممثلون في المجلس الإقليمي العام.
وتدير المناطق الكردية في شمال سوريا مجالس كردية محلية منذ انسحبت منها قوات النظام السوري في منتصف 2012. وعد هذا الانسحاب تكتيكيا بهدف تشجيع الأكراد على عدم التحالف مع مسلحي المعارضة.
ويمثل الأكراد نحو 15 في المائة من سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون نسمة.
من ناحيته، قال أستاذ العلاقات الدولية، المتابع للشأن السوري، الدكتور سامي نادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الإعلان إشارة واضحة إلى أن سوريا بحدودها الجغرافية المعروفة في السابق لم تعد قائمة، ولا سيما أن إعلان الأكراد حكمهم الذاتي جاء وسط صمت دولي يشبه التأييد». ولاحظ أنه «حتى الجانب التركي الذي من المفترض أن ينتقد هذه الخطوة لم يبد أي اعتراض وكأن هناك قبولا لعملية هندسة سوريا ولو بطريقة غير رسمية».



اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.