مئات العمال الأجانب يغادرون حقول نفط جنوب العراق

برلمانيون عراقيون يبدون مخاوفهم على حال الاستثمار في العراق

مئات العمال الأجانب يغادرون حقول نفط جنوب العراق
TT

مئات العمال الأجانب يغادرون حقول نفط جنوب العراق

مئات العمال الأجانب يغادرون حقول نفط جنوب العراق

غادر عدد كبير من خبراء النفط الأجانب العراق برا وجوا على خلفية اعتداء شبان شيعة غاضبين على مستشار أمني في إحدى الشركات العاملة في حقل الرميلة، جنوب البصرة، بعد اتهامه بإهانة شعائر حسينية.
وفي حين أكدت مصادر أمنية عراقية أن عددا من الخبراء الأجانب غادروا فعليا العراق عبر مطار البصرة ومنفذ صفوان الحدودي مع دولة الكويت، أبدى برلمانيون عراقيون مخاوفهم على وضع الاستثمار في العراق بعد حوادث الاعتداء وإعلان بعض الشركات وقف أعمالها في العراق.
وقال مصدر أمني في مطار البصرة الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «أعداد الخبراء الأجانب الذين غادروا العراق خلال 48 ساعة الماضية كان كبيرا جدا وبطريقة تبدو غريبة». وأضاف أن «أغلب المغادرين كانوا من جنسيات أوروبية وأميركية وبعض العرب في حين هبطت طائرات إضافية من دون ركاب قادمة من دولة الإمارات وقطر وكأنها أجرت خصيصا لإجلاء عمال النفط الأجانب من العراق». وتابع أن «المرافقين للخبراء من العراقيين الذين يعملون في الشركات الأمنية المتعاقدة مع الشركات النفطية في البصرة أخبرونا أن العدد سيزداد حال الحصول على الموافقات الرسمية لخبراء آخرين ينتظرون مغادرة العراق».
في السياق نفسه، قال علي هاني، موظف عراقي في إحدى الشركات الأمنية، إن «شركتنا حصلت خلال اليومين الماضيين على عدة عقود لنقل خبراء أجانب من البصرة إلى عدة اتجاهات منها إلى مطار البصرة وإلى بغداد ومطارها وإلى منفذ صفوان الحدودي مع الكويت». وتابع أن «هؤلاء الخبراء أخبرونا بأنهم خائفون على حياتهم بعد اقتحام شركات أجنبية في حقل الرميلة النفطي»، لافتا إلى أن «الإجراءات الأمنية حول المنشآت النفطية في البصرة بدت أكثر تعقيدا وتشددا عما كانت عليه قبل وقوع حوادث الاعتداء».
من جهة أخرى، أبدى أعضاء في لجنة النفط والطاقة بالبرلمان العراقي مخاوفهم حيال الاستثمار في العراق بسبب حوادث البصرة. وقال النائب مطشر السامرائي، إن «حال الاستثمار في العراق سيكون في قلق بعد الاعتداء على الخبير البريطاني في البصرة وسمعة العراق ستكون على المحك».
وأضاف أن «العراق حين تعاقد مع تلك الشركات العالمية تكفل بتوفير الحماية لهم وهي من أكثر الشروط التي ركزت عليها تلك الشركات، لكن الحادث جاء مخالفا وقد يسبب لنا اختبارا صعبا في المستقبل عند محاولة التعاقد مع شركات أخرى».
من جانبها، قالت عضو اللجنة، سوزان السعد، إنه «قد تكون هناك غايات سياسية من وراء الحادث لكن كان على الشركات الأجنبية احترام المقدسات الدينية للشعب العراقي». وأضافت أن «تمكن عدد كبير من الشبان الدخول إلى موقع يعتبر محصنا جدا ويحتاج إلى موافقات عدة حتى على البرلمانين والمسؤولين العراقيين أنفسهم يثير الكثير من علامات الاستفهام»، لافتة إلى أن «هذا الحادث ليس بالسوء الكبير لكنه قد يؤثر على الاستثمار في العراق لذا يتوجب على الشركات الأجنبية مستقبلا توعية موظفيها بضرورة التعرف على مقدسات العراقيين وعدم المساس بها».
وفي سياق متصل، زادت القوات العراقية وخاصة شرطة حماية المنشآت النفطية من إجراءاتها حول الحقول النفطية في البصرة، خوفا من تكرار الاعتداءات على مكاتب الشركات الأجنبية فيما رجحت مصادر صحافية وصول ثامر الغضبان رئيس هيئة المستشارين لرئيس العراقي نوري المالكي إلى حقل الرميلة للتشاور مع الشركات الأجنبية العاملة هناك وثنيها عن قرراها بوقف العمل والتحقيق في حادث تمزيق الرايات.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.