شبه إجماع في بغداد على رفض استفتاء كردستان

مقتدى الصدر يلتزم الصمت

شبه إجماع في بغداد على رفض استفتاء كردستان
TT

شبه إجماع في بغداد على رفض استفتاء كردستان

شبه إجماع في بغداد على رفض استفتاء كردستان

ما زالت القوى السياسية العربية في بغداد تعبر عن مواقف مختلفة بشأن الموعد الذي حدده إقليم كردستان للاستفتاء على استقلاله عن العراق. وبينما يمثل موقف ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نائب الرئيس نوري المالكي أبرز المواقف السياسية الرافضة للاستفتاء، يلفت الانتباه امتناع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عن الإدلاء بأي تصريح حول الموضوع حتى الآن، الأمر الذي قد يشير إلى رغبته في الإبقاء على صلة جيدة بحكومة الإقليم، كما يقول قيادي في التيار الصدري يفضّل عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط».
ويضيف القيادي الصدري «القضية حساسة والبلاد ليست بحاجة إلى المزيد من التوتر، ننتظر رأي السيد مقتدى بالموضوع، وهو لا يميل إلى التصعيد مع الإقليم في هذه الظروف الحساسة، وأظن أنه يميل إلى الاعتقاد بأن الاستفتاء لا يحقق الاستقلال بالضرورة».
لكن القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى سامي الجيزاني، يرى أن قوى التحالف الشيعي «مجمعة على رفض قضية الاستفتاء في الإقليم». ويقول الجيزاني لـ«الشرق الأوسط»: «خطوة الاستفتاء غير صحيحة، وتمثل تصعيدا باتجاه بغداد، لدينا ملاحظات بشأن الوضع الدستوري في الإقليم، ونعتقد أنه غير قادر على المضي في عملية من هذا النوع». وبرأي الجيزاني، فإن عملية الاستفتاء لا يسمح بها الدستور العراقي، وتاليا ستؤدي إلى «قطع الإقليم عن العراق ومصادرة حق مواطنيه، وسيتعرض الإقليم لعزلة إقليمية وسيكون مسرحا لنفوذ وتلاعب الجارتين تركيا وإيران».
بدوره، أصدر رئيس كتلة «دولة القانون» النيابية علي الأديب بيانا قال فيه إن توقيت الاستفتاء: «خاطئ جدا سيما أن الوضع الإقليمي والدولي لا يسمح بمثل هذه الخطوة ويمكن أن يجر الشعب الكردي إلى مزيد من الأزمات والمشاكل»، معتبرا قرار الاستفتاء المقرر في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل «انفراديا وتقوم به حكومة الإقليم بمعزل عن الحكومة الاتحادية ويأتي ضمن القرارات والخطوات الانفرادية التي تقوم بها». وأشار إلى أن القرار «ليس موضع إجماع بين القوى الكردية نفسها التي تعاملت معها حكومة الإقليم بما يتنافى مع أسس العملية السياسية وثوابت الديمقراطية»، في إشارة على ما يبدو إلى بيان رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني (المقالة اليوم) آلا طالباني بشأن الاستفتاء وقالت فيه إنّ «رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، وحزبه يمارسان سياسة التمويه والاستغفال أمام الشعب الكردي في مسألة الاستفتاء». وليس من الواضح ما إذا كانت إقالة طالباني من رئاسة كتلة الاتحاد الوطني النيابية متعلقة ببيانها الأخير أم لسبب آخر.
ويعد ائتلاف «دولة القانون» بزعامة المالكي من أشد الجهات الشيعية اعتراضا على موضوع الاستفتاء، نظرا لسيطرته على منصب رئاسة الوزراء منذ 2005. والمشاكل الكبيرة التي حدثت مع إقليم كردستان خلال تولي المالكي رئاسة الوزراء لدورتين قبل 2014.
وكان المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء سعد الحديثي أكد الجمعة الماضي، على أن «العراق يستند إلى الدستور كمرجعية لتحديد العلاقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، وأنه لا يمكن لأي طرف تحديد مصيره بمعزل عن الآخرين».
على أن موضوع الاستفتاء الكردي، ومثلما توقعت الأطراف الكردية المتحمسة للاستفتاء لا يحظى بقبول أغلب الأوساط الرسمية وغير الرسمية العربية في العراق، حيث يرى نائب الرئيس إياد علاوي وهو من الشخصيات السياسية التي تربطها علاقات جيدة بإقليم كردستان وحكومته «أن الوقت غير مناسب لإجراء استفتاء». وقال علاوي في مؤتمر صحافي قبل ثلاثة أيام: «بصراحة ليس وقته الآن، ونحن نعتز بإقليم كردستان كجزء من العراق».
ودعا نائب الرئيس أسامة النجيفي إلى «وساطة دولية لحل المشاكل في العراق»، مقرا بـ«حق أي شعب في العالم أن تكون له أهدافه وتطلعاته»، لكنه رأى أن «ما يربط العراقيين هو الدستور الذي حدد اتجاهات التعامل مع القضايا القانونية والإجرائية والخلافات البينية».
من جانبه عد حزب «اتحاد القوى» السني إصرار قادة الحزبين الكرديين على إجراء الاستفتاء «البذرة الأولى لتقسيم العراق وتقزيمه». وناشد بيان اتحاد القوى، الأمم المتحدة والجامعة العربية وكل منظمات المجتمع الدولي «الوقوف ضد هذه الخطوة التي سوف تؤدي إلى تقسيم العراق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».