طرابلس تلاحق سيف الإسلام القذافي

طرابلس تلاحق سيف الإسلام القذافي
TT

طرابلس تلاحق سيف الإسلام القذافي

طرابلس تلاحق سيف الإسلام القذافي

أعلن القائم بأعمال النائب العام الليبي إبراهيم مسعود علي، أمس، أن سيف الإسلام، نجل معمر القذافي، لا يزال مطلوباً لدى السلطات القضائية في طرابلس، حيث أدين قبل عامين، رغم إعلان مجموعة مسلحة إطلاق سراحه قبل يومين.
وقال علي في بيان، إن سيف الإسلام «المحكوم عليه غيابياً بتاريخ 28 يوليو (تموز) 2015... مطلوب القبض عليه» لمحاكمته حضورياً. ولم يوضح البيان إن كانت لدى النيابة العامة معلومات تؤكد أو تنفي إطلاق سراح سيف الإسلام، بحسب ما أعلنت «كتيبة أبو بكر الصديق»، وهي مجموعة مسلحة تسيطر على الزنتان في غرب ليبيا كانت اعتقلته.
ويبقى مصير النجل الثاني للديكتاتور الليبي الراحل غامضاً، إذ لم يتمكن محاميه كريم خان من تأكيد المعلومات المتعلقة بإطلاق سراحه أو نفيها. وفي يوليو الماضي، أعلن محامو سيف الإسلام الإفراج عنه بعد صدور عفو بحقه، وهو ما تم نفيه لاحقاً.
وحُكم غيابياً على سيف الإسلام بالإعدام في 2015، على خلفية الدور الذي لعبه في قمع الانتفاضة الشعبية ضد والده في 2011. وكانت «كتيبة أبو بكر الصديق» التي تسيطر على مدينة الزنتان (170 كيلومترا جنوب غربي طرابلس) تحتجزه منذ 5 أعوام قبل أن تعلن أنها أطلقت سراحه مساء الجمعة، طبقاً لقانون العفو العام الصادر عن برلمان شرق ليبيا غير المعترف به دولياً.
ورفضت الكتيبة المعارضة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس المدعومة من الأمم المتحدة، تسليم سيف الإسلام، مراراً، إلى السلطات. وطالب بيان النيابة العامة الذي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، بإحضار سيف الإسلام «نظراً إلى أن بعض التهم التي حكم بشأنها يتطلب العفو عنها توافر تنازل خاص من أولياء الدم، إضافة إلى أن قانون العفو لا يكون إلا من خلال إجراءات واستيفاء لشروط قانونية تختص بتنفيذها السلطة القضائية من دون منازع في الاختصاص، إضافة إلى كون المعني مطلوباً لدى محكمة الجنايات الدولية عن تهم تشكل جرائم ضد الإنسانية».
أما المجلسان البلدي والعسكري في الزنتان، فأدانا إطلاق سراحه في بيان اعتبرا فيه أن ما تم «هو تواطؤ وخيانة لدماء الشهداء». وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في 2011 مذكرة توقيف بحق سيف الإسلام، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، متهمة إياه بلعب «دور رئيسي في تنفيذ خطة» وضعها والده وتستهدف «قمع» الانتفاضة الشعبية «بكل الوسائل».
وطالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات الليبية بتعقبه. وقالت سارة لي ويتسون، مديرة المنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن «على السلطات الليبية التي لا تزال ملزمة بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، التأكيد بشكل عاجل إن كان قد تم الإفراج عنه، والكشف عن مكانه حالياً».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم