عباس: لا نقبل دولة «الأبارتايد» الواحدة

أبدى في مؤتمر سلام في إسرائيل استعداده للقاء نتنياهو

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
TT

عباس: لا نقبل دولة «الأبارتايد» الواحدة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس

دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى «عدم تفويت فرصة تحقيق السلام الشامل التي يعرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب».
وأضاف عباس في كلمة مسجلة في «مؤتمر السلام» الذي عقد في تل أبيب، بتنظيم من صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، وشارك فيه عدد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية، وشخصيات سياسية عدة، وممثلون عن مختلف الأحزاب السياسية في إسرائيل من اليمين والوسط واليسار، بالإضافة إلى النواب العرب في الكنيست، وشخصيات سياسية ووفود حول العالم، بأنه مستعد لعقد لقاءات عدة مع نتنياهو في سبيل التوصل إلى اتفاق دائم بين الجانبين.
وقال عباس، إن «الشعب الفلسطيني يطمح إلى إقامة دولته على الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، التي ستعيش بسلام وأمان إلى جانب دولة إسرائيل، استناداً للمبادرة العربية».
وشدد عباس في كلمته المسجلة على حل الدولتين، الدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل، كما شدد على أن القدس الشرقية «ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية في أي اتفاق».
وفي هذا الإطار، رفض عباس الطروحات في الآونة الأخيرة، عن إمكانية حل الصراع عبر دولة واحدة، متسائلاً: «كيف يمكن تحقيق سلام إن لم يقم على حل الدولتين؟ نحن نرفض نظام دولة يقوم على الأبارتايد، وأنا أدعو نتنياهو للعمل بنيات طيبة لكي ننجح بدفع الجهود الصادقة التي يبذلها ترمب».
وجاء حديث عباس فيما أعلن وزير التعليم الإسرائيلي زعيم حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينت، في المؤتمر عينه، أن بقاء القدس موحدة أفضل من تسوية سياسية، مضيفا أن «الشعب اليهودي لن يتخلى عن جزء من أرض إسرائيل».
وقوبلت تصريحات بينت بتشويش كبير من الحاضرين، ورد عليهم بالقول: «كنتم ستسمحون لمروان البرغوثي بالحديث»، مضيفا: «أعطوني الفرصة نفسها التي كنتم ستعطونها للبرغوثي كي أسمعكم موقفي». وتابع: «سلطات الشعب اليهودي لن تتخلى عن أرض إسرائيل... فرض علينا العيش معهم، لا يوجد حب كبير بيننا، هم لن يذهبوا لأي مكان آخر، ونحن كذلك لن نترك هذه الأرض، ولكن لن تقوم دولة فلسطينية ثانية» في إشارة إلى «دولة في غزة».
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية فوراً، تصريحات الوزير الإسرائيلي المتطرف نفتالي بينت، في الكلمة التي ألقاها، أمام «مؤتمر إسرائيل للسلام».
وقالت الوزارة في بيان لها على إن «بينت»، أكد في كلمته تفضيله «للقدس الموحدة على التوصل لاتفاق سياسي، مدعياً أن 85 في المائة من الإسرائيليين يتفقون مع مواقفه، مجدداً رفضه قيام دولة فلسطينية، وأن لا أحد في الشعب اليهودي يمتلك الحق بالتنازل عن جزء من أرض إسرائيل».
وأضافت أن «تصريح بينت التحريضي المعادي للسلام، يأتي في سياق سيل من التصريحات والمواقف العنصرية المتطرفة التي يطلقها أركان اليمين الحاكم في إسرائيل، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يتحدى جهاراً المجتمع الدولي وقراراته، والتي تشكل عراقيل وعقبات قاسية في طريق الجهد الأميركي المبذول لاستئناف مفاوضات حقيقية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني».
وأوضحت: «إن التصعيد المتطرف في مواقف المسؤولين الإسرائيليين وتصريحاتهم في الآونة الأخيرة دليل واضح على عجز المجتمع الدولي وفقدانه المصداقية والقدرة على وضع حد لهذا التغول الإسرائيلي العلني».
وأردفت الخارجية: «إن التمادي في تكريس الاحتلال والاستيطان وتشريع القوانين العنصرية يؤدي إلى سيطرة آيديولوجية اليمين الظلامية على مفاصل الحكم في إسرائيل».
وتساءلت: «إلى متى سيبقى المجتمع الدولي صامتاً أمام التصعيد الإسرائيلي العنصري ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه؟ ألم يحن الوقت ليقتنع المجتمع الدولي بغياب شريك السلام الإسرائيلي؟ إلى متى ستبقى إسرائيل قوة احتلال من دون محاسبة ومعاقبة على انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي؟».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.