عون وجعجع يجمعان على رفض أي رئيس «توافقي» في لبنان تنتجه تسوية بين الأفرقاء

مصادر مواكبة للاتصالات تحذر من «شغور» طويل.. وفريق جنبلاط يرى المخرج بـ«التفاهم»

عون وجعجع يجمعان على رفض أي رئيس «توافقي» في لبنان تنتجه تسوية بين الأفرقاء
TT

عون وجعجع يجمعان على رفض أي رئيس «توافقي» في لبنان تنتجه تسوية بين الأفرقاء

عون وجعجع يجمعان على رفض أي رئيس «توافقي» في لبنان تنتجه تسوية بين الأفرقاء

تترقب الساحة اللبنانية ما ستؤول إليه المشاورات بين مختلف الأفرقاء السياسيين، مع بدء العد التنازلي للجلسة الرابعة التي سيعقدها مجلس النواب الخميس المقبل لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس الحالي ميشال سليمان، الذي تنتهي ولايته في 25 مايو (أيار) الحالي.
وعلى الرغم من أن الجلسة المقبلة قد تكون عمليا الجلسة الأخيرة التي يدعو إليها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، باعتبار أن البرلمان يتحول، بموجب الدستور، إلى هيئة ناخبة ويصبح في انعقاد دائم قبل عشرة أيام من انتهاء ولاية الرئيس الحالي، فإن المشاورات السياسية لم تحمل جديدا، باستثناء توافق المرشحين الخصمين الأبرز، رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، على رفض الإتيان برئيس «توافقي» خاضع لمنطق «التسويات».
وبات مؤكدا أن «فيتو» حزب الله على ترشح جعجع للرئاسة، سيحول دون وصوله إلى الرئاسة على الرغم من أن فريق «14 آذار» لا يزال يعده مرشحه الرسمي، بينما ينتظر عون، في الجهة الأخرى ما ستؤول إليه مساعيه مع رئيس كتلة المستقبل، رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في اللحظات الأخيرة.
وعلى الرغم من إبداء القوى السياسية رفضها الوصول إلى الشغور في موقع الرئاسة، فإن مصادر سياسية قيادية، مطلعة على الاتصالات الجارية على خط الاستحقاق الرئاسي، جزمت لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «لا شيء ناضج على المستوى الرئاسي بعد، ولا يستطيع أي فريق أن يدعي أنه حقق تقدما جزئيا باتجاه إنجاز الاستحقاق في موعده»، مستنتجة أنه «ما من دليل حتى اللحظة يؤشر لإمكانية انتخاب رئيس جديد قبل انتهاء ولاية سليمان».
وقالت المصادر ذاتها إنه «في حال تجاوزنا المهلة الدستورية في 25 مايو الحالي ولم نتمكن من انتخاب رئيس، فإنه ليس بمقدور أي طرف أن يحدد مدى زمنيا للشغور في موقع الرئاسة، وهو ما ينبغي أن يثير قلق القوى السياسية كافة نظرا لمخاطره وانعكاساته السلبية».
ولم تثمر المساعي المسيحية، على أكثر من مستوى، سواء تلك التي تضطلع بها البطريركية المارونية، أو حراك الرئيس اللبناني الأسبق رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، المرشح بدوره للرئاسة، في التوصل إلى قواسم مشتركة بين القادة المسيحيين، باستثناء التوافق على وجوب إنجاز الاستحقاق في موعده.
وفي سياق متصل، أعرب النائب في كتلة عون، إبراهيم كنعان، أمس، عن اعتقاده بأن «هناك فرصة للإتيان برئيس ميثاقي يمثل وقادر، وقد أثبت العماد ميشال عون أنه قادر على الانفتاح على الجميع والتوصل إلى تفاهمات تفيد البلد، كما حصل على مستوى الحكومة على سبيل المثال»، وأوضح، في حديث إذاعي، أن «الحوار مع تيار المستقبل أوصل إلى إطلاق عجلة المؤسسات وتسهيل الخطط الأمنية وإنجاز التعيينات. ونحن نسعى إلى تعزيز هذا التوجه من دون أن يعني ذلك حالة ذوبان، أو تحول تيار المستقبل إلى تيار وطني حر أو العكس».
وفي موازاة تشديد كنعان على تأييد «الرئيس الميثاقي والوفاقي القادر على الجمع والمبادرة والإنجاز على مستوى الملفات الأساسية لا التوافقي الذي يخضع للتسويات»، انتقد جعجع «التصرف الذي يضعف الجمهورية ويستنزف الموقع المسيحي الأول في الدولة وصولا إلى استجلاب تدخلات أجنبية وخارجية للانتهاء برئيس تسوية، أي رئيس لا لون ولا طعم ولا رائحة له ولا يأخذ قرارا ولا يملك برنامج عمل». وأبدى جعجع، في كلمة ألقاها من بيروت وبثت خلال احتفال حزبي في أستراليا، «رفض هكذا رئيس لأنه سيبقي النزف الحاصل في لبنان على المستويات كافة».
وانطلاقا مما خلصت إليه جلسات الانتخاب الثلاث الماضية، والتي التأم عقد الأولى منها فقط، مع مقاطعة كتلتي حزب الله وعون بشكل أساسي للجلستين الأخيرتين، يرى ظافر ناصر، أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المرحلة الماضية، أظهرت ألا إمكانية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بأي من مرشحي الفريقين، وهذا ما يحتم بالتالي التوافق».
وينتقد ناصر، الذي يتبنى فريقه ترشيح النائب هنري حلو، اعتبار كتلتي عون وجعجع أن «انتخاب رئيس توافقي يعني انتخاب رئيس لا لون له وخاضع للتسوية»، موضحا أن «التجربة علمتنا أنه لا يمكن إنجاز الاستحقاقات الوطنية الكبرى إلا من خلال التفاهم، والتوافق بين المكونات أقصر الطرق».
وتتمسك كتلة جنبلاط، في مواجهة فريقي «8 آذار» و«14 آذار»، بترشيح حلو «على قاعدة أن ذلك تثبيت وإظهار للموقع الوسطي الذي نمثله، وهو خير من يعبر عن الوسطية والاعتدال والروح التوافقية»، وفق ما يوضحه ناصر في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أن «الكتلة لا تزال متمسكة بهذا الترشيح». وحول ما إذا كان يمكن لأصوات نواب جنبلاط أن تصب لصالح مرشح آخر، في حال تغيرت المعطيات السياسية، أجاب ناصر: «لا يمكن الحديث عن صيغ افتراضية، خصوصا أن العنوان الأساسي الذي نتمسك به هو انتخاب رئيس يحظى بتوافق، على شاكلة ما جرى من تفاهم سياسي بين الأفرقاء كافة، أدى إلى تشكيل الحكومة اللبنانية، وبالتالي لا بد أن ينسحب هذا التفاهم على انتخابات الرئاسة».
ومع انقضاء المهلة الفاصلة عن انتهاء ولاية سليمان تدريجيا، تزداد خشية القوى اللبنانية من الوصول إلى الشغور في موقع الرئاسة، إذا ما استمرت المواقف السياسية على حالها. ولا ينكر ناصر أن «الهاجس موجود من الوصول إلى مرحلة شغور في منصب الرئاسة، وإن كان من الناحية الدستورية لا يمكن الحديث عن فراغ بوجود حكومة يمكنها في حال عدم انتخاب رئيس أن تتسلم صلاحياته». ويشير في الوقت ذاته إلى أن «القلق كبير من الناحية السياسية، نظرا لانعكاس الفشل في إنجاز الاستحقاق الرئاسي على صورة البلد والوضع العام فيه، وهذا الأمر ينبغي أن يحفز القوى السياسية للدفع باتجاه إنجازه».
في موازاة ذلك، كرر حزب الله أمس تعداد المواصفات التي ينبغي توفرها في أي مرشح للرئاسة، منتقدا جعجع من دون أن يسميه. وفي هذا السياق، قال نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق إن «الإصرار على مرشح استفزازي من (14 آذار) هو قرار بالفراغ الرئاسي»، عادّا أنهم «عندما يسحبون مرشحهم الاستفزازي، يفتحون بذلك الأبواب أمام التوافق على رئيس يؤتمن على الثوابت الوطنية».
وقال النائب نواف الموسوي إنه «ينبغي على المرشح للرئاسة أن يكون قادرا على توحيد اللبنانيين لا أن يكون مجرد ترشيحه سببا في انقسامهم، وسببا في تضييع الوحدة الوطنية»، لافتا إلى أنه «من الطبيعي لأي مرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون على وفاق مع المقاومة».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).