تسهيلات ائتمانية يمنية بنصف مليار دولار لاستيراد الغذاء والدواء

الميتمي لـ «الشرق الأوسط»: نراقب انخراط أي طرف في تمويل الميليشيات

تسهيلات ائتمانية يمنية بنصف مليار دولار لاستيراد الغذاء والدواء
TT

تسهيلات ائتمانية يمنية بنصف مليار دولار لاستيراد الغذاء والدواء

تسهيلات ائتمانية يمنية بنصف مليار دولار لاستيراد الغذاء والدواء

خصصت الحكومة اليمنية بالتعاون مع شركائها الإقليميين والدوليين نصف مليار دولار كضمانة تسهيلات ائتمانية وتجارية، ليتمكن القطاع الخاص اليمني من استيراد المواد الغذائية والأدوية، وتجاوز الصعوبات اللوجستية التي تمر بها البلاد، بسبب الانقلاب الذي قامت به الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وكشف الدكتور محمد الميتمي، وزير الصناعة والتجارة اليمني، لـ«الشرق الأوسط» أن نقاشات الحكومة اليمنية مع أطراف إقليمية ودولية أثمرت عن اتفاق بتخصيص نصف مليار دولار كضمانة تسهيلات تجارية تقوم بتمويلها مؤسسات مالية دولية، بحيث يستطيع القطاع الخاص اليمني استيراد الغداء والدواء في أسرع وقت ممكن، وتوفير الاحتياجات العاجلة للسكان. وأضاف: «كما تعلمون هناك نقص شديد في الغداء والدواء في اليمن تسببت فيه هذه الحرب اللعينة، وسوف تنضب إذا لم يتم الاستيراد، وقد وضعت مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليمن في درجة المخاطر بسبب هذه الحرب، وأصبح من الصعب جداً على رجال الأعمال والمؤسسات المصرفية اليمنية مواصلة أدائها مع شبكة المصارف العالمية وتحويل الأموال أو الحصول على الضمانات المصرفية؛ مما يصعب على رجال الأعمال استيراد الغذاء والدواء».
وأردف وزير الصناعة والتجارة: «في نقاشاتنا مع شركائنا الإقليميين والدوليين تم الاتفاق على تخصيص نصف مليار دولار كضمان تسهيلات تجارية ستتولاه مؤسسات التمويل الدولية بتمويل من أطراف إقليمية ودولية، يستطيع من خلاله القطاع الخاص أن يستورد الأغذية والأدوية لليمن عبر هذه التسهيلات، حتى يتم تجاوز هذه الصعوبات اللوجستية».
إلا أن الدكتور الميتمي أكد وجود محاذير لدى الحكومة اليمنية ينبغي على القطاع الخاص تجنبها والانتباه لها، وقال: «لدينا محاذير في الحرب، فهناك ثلاثة أنواع من الاقتصاديات تنشأ: اقتصاد الحرب والمواجهة، والسوق السوداء، واقتصاد البقاء، نريد أن نجنب القطاع الخاص أن ينخرط في أي نوع من هذه الاقتصادات كما يحصل من بعض رجال الأعمال الذين يمولون المجهودات الحربية للميليشيات الانقلابية، سواء بإرادتهم أو تحت الضغط، نريد للقطاع الخاص الدور الذي يقوم به لحماية مجتمعه ومساعدته بعيداً عن الصراع السياسي الدائر اليوم، وهذا الأمر يتطلب اتفاق مبادئ بأن أي رجل أعمال سيحصل على هذه التسهيلات وخرج عن اتفاق المبادئ يجري التشهير به أولاً من القطاع الخاص، وكذلك من الشركاء الإقليميين والدوليين، بحيث لا يستطيع مستقبلاً أن يمارس أي دور ما دام أخل باتفاق المبادئ».
وأشار الميتمي إلى أن هذه الإجراء الحازم هو من أجل حماية المجتمع لئلا ينخرط أي طرف في تمويل المجهودات الحربية، وحماية القطاع الخاص نفسه؛ لأنه يريد العمل في بيئة اقتصادية مستقرة بعيداً عن الصراع السياسي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.