قطر تدشن خطين ملاحيين مع سلطنة عمان

لتفادي الأزمة التي سببتها سياستها

قطر تدشن خطين ملاحيين مع سلطنة عمان
TT

قطر تدشن خطين ملاحيين مع سلطنة عمان

قطر تدشن خطين ملاحيين مع سلطنة عمان

قال عبد الله الخنجي، الرئيس التنفيذي لموانئ قطر، إن قطر قامت بتدشين خطين ملاحيين جديدين بين ميناء حمد ومينائي صحار وصلالة في سلطنة عمان، وذلك بعد أن قطعت أكثر من 4 دول علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة.
جاء ذلك في اجتماع عقدته غرفة تجارة قطر أمس (الأحد) مع ممثلي الشركات المستوردة للمواد الغذائية.
وأوضح الخنجي أن أول سفينة مقبلة من ميناء صحار العماني قد وصلت أول من أمس إلى ميناء حمد القطري، مضيفاً أن هذين الخطين سوف يسهمان بشكل كبير في تعزيز حركة استيراد السلع الغذائية.
وقال إن كثيراً من شركات القطاع الخاص العماني أبدت استعدادها لتقديم الدعم اللوجيستي للشركات القطرية المستوردة للمواد الغذائية.
وأشار الخنجي إلى تنشيط الحركة على خط النقل البحري المباشر بين ميناء حمد وعاصمة الصين الاقتصادية (شنغهاي) ضمن خدمة «New Falcon» التابعة لشركة البحر الأبيض المتوسط للنقل البحري «إم إس سي»، والخط البحري المباشر لتحالف «Ocean Alliance»، بحيث تستغرق الرحلة من 14 إلى 20 يوماً، مما سيسهم في تعزيز حركة الاستيراد.
وأوضح أن موانئ قطر وفي ظل الوضع الحالي تعطي المواد الغذائية ومدخلاتها الأولوية القصوى مع تيسير إجراءات الإفراج السريع عن البضائع.
وقال الخنجي إنه يجري حالياً العمل على حل مشكلة الحاويات الموجودة في جبل علي والموجودة هناك قبل قطع العلاقات، مضيفاً أن البضائع التي كانت في طريقها إلى جبل علي قبل الأزمة ولم تصل إلى هناك، فإنها ستذهب إلى ميناء صحار بسلطنة عمان ومن ثم إلى الدوحة.
وقال صالح عبد الله الهارون من شركة الملاحة القطرية إن الشركة تُسير حالياً 3 سفن أسبوعياً إلى ميناء صحار العماني وستزيد من عدد السفن في الأيام المقبلة، وإن هناك خطة لشراء عدد من السفن الجديدة.
واقترحت الغرفة على لسان حمد بن أحمد العبيدلي رئيس لجنة الزراعة بالغرفة تشكيل تحالف بين المستوردين لاستئجار طائرات خاصة وسفن من أجل شحن البضائع التي يقومون باستيرادها من الدول المختلفة.
وتتجه تكلفة صادرات الطاقة والسلع الأولية القطرية للارتفاع بعد هذه الإجراءات، بعد أن شددت دول خليجية وعربية قيوداً على السفن المرتبطة بقطر بما يحول دون استخدامها لمركز إقليمي رئيسي للتزود بالوقود في المنطقة.
وأعلنت السعودية والإمارات العربية المتحدة حظر دخول السفن التي ترفع علم قطر. وعلقت سلطات الموانئ البحرينية أيضاً الملاحة البحرية من دولة قطر وإليها.
وسيجبر القرار الذي اتخذه ميناء الفجيرة، وهو مركز إقليمي ملاحي للتزود بالوقود، بمنع السفن التي ترفع علم قطر أو المتجهة من قطر وإليها، تلك السفن على الإبحار لمسافة أطول للتزود بالوقود أو دفع أسعار أعلى.
وترسل قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، شحنات من الوقود المستخدم في توليد الكهرباء إلى مستوردين رئيسيين في اليابان والصين والهند، وتصدر أيضاً نحو 620 ألف برميل من النفط يومياً لتأتي بين أصغر منتجي النفط في الشرق الأوسط.
لكن السفن التي تغادر الموانئ القطرية عادة ما تتزود بالوقود قبل رحلتها في ميناء الفجيرة الإماراتي أكبر ميناء خليجي لتزويد السفن بالوقود. وجعل ذلك ملاك ومستأجري السفن يهرعون إلى التخطيط لتدبير الخدمات اللوجيستية لسفنهم.
وميناء الفجيرة الواقع قرب مضيق هرمز، الذي تمر منه السفن في طريقها إلى العملاء في آسيا والولايات المتحدة وأوروبا، أحد أهم الموانئ العالمية لسوق الطاقة العالمية. وبجانب إعادة التزود بالوقود، تقوم السفن أيضاً بدمج شحنات مع تلك التي تحملها ناقلات أخرى قبل إرسال الإمدادات المندمجة إلى وجهاتها النهائية.
وبجانب تعطل صادرات الطاقة، يؤثر حظر الإمارات للسفن القطرية على صادرات الألمنيوم.



الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.