الجامعات البريطانية درجات وأعلاها يضمن المكانة الأكاديمية والتوظيف

الشركات الكبرى وحي المال اللندني تسعى لجذب أكبر عدد من خريجيها

فوج من خريجي جامعة كمبردج التي تعتبر من أعرق جامعات بريطانيا
فوج من خريجي جامعة كمبردج التي تعتبر من أعرق جامعات بريطانيا
TT

الجامعات البريطانية درجات وأعلاها يضمن المكانة الأكاديمية والتوظيف

فوج من خريجي جامعة كمبردج التي تعتبر من أعرق جامعات بريطانيا
فوج من خريجي جامعة كمبردج التي تعتبر من أعرق جامعات بريطانيا

الجامعات البريطانية ليست مثل بعضها البعض. هذه الحقيقة تؤكدها السمعة الأكاديمية لكل جامعة والكثير من التصنيفات التي تقسم الجامعات إلى درجات أكاديمية وفقا لعدة معايير للتميز تجعل بعضها أملا وهدفا لطلبة المرحلة الثانوية. وكلما ارتفعت السمعة الأكاديمية والترتيب العام للجامعة كان الالتحاق بها أصعب. فجامعات القمة لا ترضى بغير التفوق وبعضها يجري اختبارات خاصة به يتعين على الطلبة اجتيازها حتى يتم قبولهم.
وهناك بالطبع جامعات تشتهر بالتخصصات التي تقدمها والتي تميز خريجيها كأفضل الدارسين أو الباحثين في مجالات معينة، مثل خريجي مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية التابعة لجامعة لندن والتي تتفوق في مجالها إلى جانب تفوقها الأكاديمي بشكل عام.
وفي بريطانيا هناك ترتيب أكاديمي متعارف عليه بين المتخصصين والإعلام والعامة وهو أن جامعتي كمبردج وأكسفورد هما أفضل جامعتين في البلاد، وأكثرهما عراقة أيضا. وهما تظهران دوريا في ثلاثة تصنيفات بريطانية تنظم سنويا من الإعلام البريطاني منها دليل الجامعات ودليل التايمز ودليل صحيفة الغارديان. وتوفر التصنيفات الثلاثة كافة المعلومات وجوانب التفوق لكل جامعة وتقدمها للطلبة المتقدمين لدخول الجامعات سنويا بناء على درجة رضاء طلاب الجامعات والمستوى الأكاديمي ونوعية الأبحاث الجامعية وقيمة الشهادات التي تمنحها هذه الجامعات.
ولهذه التصنيفات قيمة عالية ليس فقط من جهة التفوق الأكاديمي وإنما أيضا في التوظيف بعد التخرج. فالشركات الكبرى ومؤسسات حي المال في لندن والخارجية البريطانية تسعى جاهدة لجذب أكبر عدد ممكن من خريجي جامعات القمة في بريطانيا وتعرض عليهم أكبر الحوافز المالية والمراكز الإدارية من أجل توظيفهم، بينما يجتهد خريجو الجامعات ذات الترتيب المنخفض من أجل الحصول على وظائف في المستويات المتوسطة. وأحيانا يكتشف خريجو معاهد التدريب المهني أن الحصول على وظيفة في مجال تخصصهم أسهل من عثور خريجي الجامعات على وظائف خصوصا الخريجين من الكليات النظرية.
ويحتدم الصراع على الالتحاق بكليات القمة سنويا وتتدخل الحكومة أحيانا عبر مكاتب التنسيق من أجل التأكد من وجود حصة للطلاب الفقراء من المتفوقين عبر توفير منح تعليمية لهم. ويأتي معظم طلاب هذه الجامعات من المدارس الخاصة باهظة التكاليف مثل ايتون وأوكسبريدج والتي يلتحق بها أبناء الأثرياء مما يجعل نسبة كبيرة من مقاعد الدراسة في جامعات القمة تذهب إلى أبناء الطبقة الأرستقراطية.
ولا يقتصر التنافس بين الجامعات البريطانية على ترتيبها العام داخل بريطانيا، بل هي تنافس على مستوى العالم. وهذا العام تفتخر الجامعات البريطانية بأن أربعا من بين أفضل عشر جامعات على مستوى العالم هي جامعات بريطانية. ويعادل هذا الإنجاز أفضل ما حققته الجامعات البريطانية في تاريخها. ويعتمد التصنيف العالمي على نوعية الأبحاث الجامعية وسهولة عثور الخريجين على وظائف مناسبة بعد التخرج. ومما يذكر أن الجامعة الأولى على مستوى العالم هي معهد ماساشوستس للتكنولوجيا يليه في الترتيب أربعة جامعات بريطانية هي كمبردج وإمبريال كوليدج لندن وأكسفورد وبينهما جامعة هارفارد الأميركية ثم يونفيرستي كوليدج لندن.
ويختار الكثير من الطلاب الأجانب والعرب الدراسة في جامعات بريطانيا التي تقع في المركز الثاني بعد الجامعات الأميركية. وتطلب الجامعات من الطلاب الأجانب نفس المعايير الأكاديمية التي تطلبها من طلابها المحليين ولكن المصروفات المفروضة على الطلاب الأجانب تكون أعلى بكثير مما تطلبه هذه الجامعات من طلابها البريطانيين. ويحدد القانون حاليا تكلفة العام الأكاديمي الواحد للطلبة البريطانيين لكن الأجانب يدفعون مبالغ أعلى غير مدعومة حكوميا بالإضافة إلى تكاليف المعيشة وهي باهظة في مدينة مثل لندن.
ويتقدم جميع الطلبة، بريطانيون وأجانب، إلى جهة تقديم جامعي مركزية واحدة اسمها «يوكاس» (UCAS) للالتحاق بالجامعات البريطانية عن طريق الموقع الإلكتروني الخاص بها. ويتعين على الطالب التسجيل أولا ثم ملء استمارات التقديم. وبالموقع كافة المعلومات عن كيفية التقديم والمستندات المطلوبة وكيفية متابعة الطلب المقدم إلى الجامعات التي يختارها الطالب.



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).