هل يكون رئيس هيئة الإذاعة البريطانية القادم.. امرأة؟

بعد استقالة باتن من رئاسة أمناء «بي بي سي»

اللورد كريس باتن قبل استقالته (إ.ب.أ)
اللورد كريس باتن قبل استقالته (إ.ب.أ)
TT

هل يكون رئيس هيئة الإذاعة البريطانية القادم.. امرأة؟

اللورد كريس باتن قبل استقالته (إ.ب.أ)
اللورد كريس باتن قبل استقالته (إ.ب.أ)

تواجه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أزمة جديدة منذ ليلة أعلن رئيس مجلس إدارتها كريس باتن استقالته. دخل باتن الذي يبلغ من العمر 69 عاما إلى المستشفى وهو يعاني من آلام حادة في الصدر منذ أكثر من عشرة أيام. وأجريت له جراحة ناجحة أنقذت قلبه من ضرر بالغ. وأعلن اللورد باتن، الرئيس السابق لحزب المحافظين، أنه سيستقيل على الفور لأسباب صحية.
تواجه الهيئة مع مغادرة اللورد باتن المفاجئة ثاني أزمة قيادة تتعرض لها خلال العامين الماضيين، بعد أن وقعت العام الماضي في أزمة اختيار مدير عام جديد. كان من المفترض أن يستكمل اللورد باتن فترته حتى الربيع المقبل ويشرف على بداية المباحثات الشائكة لتجديد ميثاق المؤسسة.
سيكون العثور على خليفة لرئاسة مجلس أمناء «بي بي سي» أول تحد رئيس يواجهه وزير الثقافة الجديد ساجد جاويد، الذي تولى منصبه الشهر الماضي، والذي من المفترض أن يشرف على عملية الاختيار قبل إقرار رئيس الوزراء التعيين والحصول على الموافقة الملكية. من بين المرشحين المحتملين مقدم البرامج ديفيد ديمبلباي، الذي تقدم بالترشح للمنصب في عام 2004، ورئيس شركة «سوني» السابق السير هاورد سترينغر. ولكن يقال إن هناك اتجاها إلى تعيين سيدة في المنصب لأول مرة، ويتردد بقوة اسم رئيسة دار «بيرسون» السابقة مارغوري سكاردينو.
شهدت فترة رئاسة اللورد باتن تعرض الـ«بي بي سي» لسلسلة من الأزمات، بداية من الكشف عن فضيحة تورط مذيع الـ«بي بي سي» الراحل جيمي سافيل في جرائم جنسية. ثم إجبار جورج إنتويستل، المدير الجديد الذي اختاره اللورد باتن، على الاستقالة بسبب أزمة أخرى أثارها برنامج «نيوز نايت». والعام الماضي، تم استجواب اللورد باتن أمام لجنة الحسابات الحكومية بشأن دور مجلس أمناء الـ«بي بي سي» في صرف تعويضات بلغت قيمتها 369 مليون جنيه إسترليني إلى العاملين المنتهية خدمتهم في الـ«بي بي سي»، ومنها 60 مليون جنيه إسترليني لكبار المديرين. وكريس باتن، وهو لورد باتن أوف بارنز، بعدما منحته الملكة هذا اللقب، كان سابقا رئيس حزب المحافظين البريطاني، ووزيرا في عهد مارغريت ثاتشر، ومفوضا أوروبيا للشؤون الخارجية، بالإضافة إلى توليه منصب آخر حاكم بريطاني لهونغ كونغ قبل إعادتها إلى السيادة الصينية عام 1997. وشهدت ولايته على رأس «بي بي سي تراست» التي بدأت في مايو (أيار) 2011 تدابير تقشفية فرضتها الحكومة على هيئة الإذاعة البريطانية وسلسلة من الأزمات الداخلية المتتالية.
عندما يراجع كريستوفر باتن مسيرته المهنية المميزة في العمل العام، ليس من المرجح أنه سيفضل الأعوام الثلاثة التي أمضاها في رئاسة الـ«بي بي سي». كذلك ليس من المحتمل أن يزعجه تسبب العملية الجراحية التي أجراها في خروجه من منصبه قبل الموعد الذي كان يعتزمه بعام كامل، حيث لم يتوقع عندما قَبِل المنصب أنه أسوأ مما تخيل هو والمراقبون. وعزز المدير السابق مارك تومسون ثقافة كانت في بعض الأحيان تجعل الموظفين المتوسطين في الـ«بي بي سي» يحصلون على تعويضات طائلة. كما تضخمت البيروقراطية كثيرا. وكانت هناك آمال بأن يستطيع اللورد باتن بخبرته السياسية الواسعة الرفيعة - حيث كان محافظا لهونغ كونغ حتى عام 1992، بالإضافة إلى كونه مبعوثا أوروبيا - أن يُصلح أوضاع الهيئة.
لم يستطع اللورد باتن مطلقا التعرف على الصعوبات العميقة بالقوة التي أدى بها أعماله السابقة. كما أنه أظهر عدم ثبات مفاجئا في التعامل مع المشاكل غير المتوقعة. كانت الأمور تسير بسلاسة لفترة ما. وكان اللورد باتن سعيدا برحيل مارك تومسون، وسعى إلى تعيين جورج إنتويستل لاعتقاده أنه يستطيع السيطرة عليه. ووصل اللورد باتن إلى ذروة فترته أثناء تغطية الـ«بي بي سي» المتميزة لدورة الألعاب الأوليمبية في صيف عام 2012. ولكن بدأت الأمور تسوء في خريف عام 2012 بعد ظهور مزاعم بتورط جيمي سافيل في انتهاكات جنسية واسعة النطاق وارتكابه بعضها في مقر الـ«بي بي سي». وازدادت الأمور سوءا في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، بعد إجبار إنتويستل على الاستقالة بعد 54 يوما فقط من توليه منصب مدير عام الهيئة بسبب اتهام برنامج «نيوز نايت» لمسؤول حزب المحافظين السابق اللورد ماك آلبين في فضيحة جنسية.
يذكر أن رئاسة باتن لـ«بي بي سي» تنتهي في نيسان (أبريل) 2015، لكنه خضع لجراحة في القلب منذ فترة وجيزة. وقد واجه اللورد كريس باتن ضغوطا كبيرة للاستقالة من منصبه، بعد أن كشفت إحدى الصحف البريطانية أنه يمارس 10 وظائف أخرى ومن بينها 5 من دون أجر، تدر عليه 200 ألف جنيه إسترليني في العام، إلى جانب راتبه البالغ 110 آلاف جنيه إسترليني في العام من منصبه كرئيس مجلس أمناء «بي بي سي». وأشارت الصحيفة إلى أن اللورد باتن يتقاضى أيضا راتبا مقداره 40 ألف جنيه إسترليني من عمله مستشارا لدى شركة الطاقة «إي دي إف»، ورواتب غير معروفة من عمله مديرا غير تنفيذي في شركة «راسل رينولدز»، ومستشارا لدى شركة الموانئ «هاتشينسون وامباوا»، وشركة الاستثمارات «بريدج بوينت». ويظل السؤال عن السبب في عدم كفاءة شخص موثوق في قدراته. أعتقد أن الإجابة هي أن هيئة الـ«بي بي سي» في الحالة التي كانت عليها تحتاج إلى رئيس مجلس إدارة متفرغ بالكامل. ولكن كان اللورد باتن يعمل مستشارا في جامعة أكسفورد، ومستشارا براتب أو مديرا غير تنفيذي في مجموعة من الشركات، مما جعله لا يجد وقت كبيرا لـ«بي بي سي» كما هو مطلوب خاصة أثناء الأزمات.
واجه اللورد باتن اتهامات بعدم الشفافية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما رفض الكشف عن وثائق أمام أعضاء البرلمان بشأن مبادرة الإعلام الرقمي التي فشلت بعد أن كبدت مسددي رسوم الترخيص 100 مليون جنيه إسترليني. كذلك ليس من الواضح ما التقدم الذي حققه اللورد باتن من أجل الدفاع عن موقف الـ«بي بي سي» في مراجعة ميثاقها المقبل في عام 2016، في حين تحتاج الهيئة إلى دفاع أكثر قوة مما يبدو أن لورد باتن كان سيقدم.
يجب على الـ«بي بي سي» أن تقنع دافعي رسوم الترخيص العاديين بأنها لم تصبح متضخمة، وأن نظامها البيروقراطي ليس كبيرا بدرجة مفرطة، وأن مديريها ونجومها لا يحصلون على رواتب مبالغ فيها. وينبغي على الهيئة أن تواجه اتهامات التحيز، خاصة في تقاريرها عن أوروبا والهجرة.
وكان باتن قد درس التاريخ، وبدأ حياته السياسية عام 1966 في إدارة البحوث التابعة لحزب المحافظين. ودخل باتن البرلمان عام 1979، وهو العام نفسه الذي اختيرت فيه مارغريت ثاتشر رئيسة للوزراء. وفي ما بعد تدرج باتن في مناصب حزب المحافظين البريطاني إلى أن أصبح رئيسا له. وكان باتن آخر حاكم بريطاني لهونغ كونغ حيث تقلد هذا المنصب عام 1992 واستمر به حتى أغسطس (آب) 1997. ويذكر أن باتن كان قد نجح قبل تسليم حكم هونغ كونغ إلى الصين في إدخال إصلاحات ديمقراطية مهمة. وفي عام 1999 أصبح باتن عضوا في المفوضية الأوروبية، وبوصفه مفوض العلاقات الخارجية، فإن باتن هو وزير الخارجية الفعلي للاتحاد الأوروبي. وعلاوة على ذلك، فإن كريس باتن هو مؤلف «شرق وغرب: آخر حاكم لهونغ كونغ.. السلطة والحرية والمستقبل» الذي نشر عام 1998.



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.