حملة انتخابات الرئاسة السورية تتجاهل الحرب.. وشعاراتها تصلح لكل مكان وزمان

دمشق تأسف لمنع فرنسا إجراء الاقتراع على أراضيها

صورة وزعتها وسائل إعلام النظام السوري لملصق دعائي ضخم  لمرشح الانتخابات الرئاسية بشار الأسد («الشرق الأوسط»)
صورة وزعتها وسائل إعلام النظام السوري لملصق دعائي ضخم لمرشح الانتخابات الرئاسية بشار الأسد («الشرق الأوسط»)
TT

حملة انتخابات الرئاسة السورية تتجاهل الحرب.. وشعاراتها تصلح لكل مكان وزمان

صورة وزعتها وسائل إعلام النظام السوري لملصق دعائي ضخم  لمرشح الانتخابات الرئاسية بشار الأسد («الشرق الأوسط»)
صورة وزعتها وسائل إعلام النظام السوري لملصق دعائي ضخم لمرشح الانتخابات الرئاسية بشار الأسد («الشرق الأوسط»)

بينما انطلقت، أمس، الحملة الانتخابية للرئاسة السورية، أعربت دمشق عن أسفها لعدم تمكن المواطنين السوريين المقيمين على الأرض الفرنسية من ممارسة ما سمته «حقهم الدستوري» بالمشاركة في الانتخابات، بعدما أبلغت فرنسا رسميا السفارة السورية في باريس، اعتراضها على إجراء الانتخابات على الأراضي الفرنسية كاملة. ووصفت الخارجية السورية في بيان، أمس، الإجراءات الفرنسية، بأنها «لا مسؤولة» وطالبت الرأي العام العالمي بإدانتها.
واتهمت الخارجية السورية فرنسا و«مجموعة من الدول» بشن حملة «دعائية عدائية» ضد الشعب السوري. وقالت: «أبلغت فرنسا رسميا سفارتنا في باريس الاعتراض على إجراء هذه الانتخابات على الأراضي الفرنسية كاملة، بما فيها السفارة السورية في باريس». وأعربت عن أسفها لهذا القرار «الجائر».
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية للسوريين في الخارج يوم الأربعاء 28 مايو (أيار) الحالي، فيما يقترع السوريون في الداخل في الثالث من يونيو (حزيران) المقبل.
وفي سياق متصل، بدأ المرشحون الثلاثة لمنصب رئاسة الجمهورية، وهم: ماهر عبد الحفيظ حجار، والدكتور حسان عبد الله النوري، و«الدكتور بشار حافظ الأسد»، أمس، حملاتهم الانتخابية بعد أن أعلنت المحكمة الدستورية العليا أول من أمس أسماءهم ضمن القائمة النهائية للمقبول ترشحهم.
وامتلأت شوارع دمشق والمدن السورية، التي تقع تحت سيطرة القوات النظامية، بملصقات دعائية للمرشحين مع مقتطفات من برنامجهم الانتخابية. كما بدأت وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ومواقع التواصل الاجتماعي بعرض مقاطع ترويجية للمرشحين الثلاثة وبرامجهم الانتخابية وتصوراتهم لمستقبل سوريا.
وطغت صور الأسد ووالده الرئيس الراحل حافظ الأسد على جميع لوحات الإعلانات الطرقية وجدران واجهات المؤسسات الرسمية وعلى حواجز قوات النظام، في ظل غياب شبه كامل للإعلانات التجارية. وبينما احتل ملصق «سوا» (معا) الخاص بالحملة الانتخابية للأسد المساحة الأوسع من أرصفة وشوارع دمشق، بدت إعلانات المرشحين الآخرين خجولة من حيث الحجم والانتشار. لكن صورة الأسد الشخصية غابت عن ملصق (سوا) لتحضر في ملصق آخر باللون الأزرق يبدو فيه واقفا بين العلم السوري والشعار الجمهوري المكتوب تحته «الله سوريا وشعبي وبس».
وأطلقت حملة الأسد على صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، وتخطى عدد متابعي صفحتها على «فيسبوك» السبعين ألف شخص حتى ظهر أمس، في حين تجاوز عدد متابعي حساب «تويتر» ألف شخص.
وبثت صفحة «فيسبوك» شريطا دعائيا مدته 12 ثانية لشعار «سوا» مكتوبا بخط اليد باللون الأخضر، على خلفية ألوان العلم السوري (الأحمر والأبيض والأسود)، ومذيلا باسم بشار الأسد وتوقيعه بخط اليد.
وعند نقطة جديدة يابوس الحدودية مع لبنان، وضعت على نوافذ دائرة الهجرة والجوازات ملصقات صغيرة عليها صورة الرئيس السوري، وكتب فيها «بالدم ننتخب بشار الأسد». وعلى الطريق باتجاه دمشق، رفع شعار الحملة ولافتات مؤيدة، كتب في إحداها «بشارنا لن نرضى غيرك.. بايعناك كل الولاء من القلب».
وجاءت ملصقات الدعاية الانتخابية للأسد لتضاف إلى آلاف الصور والشعارات التي ترفعها قوات النظام والموالون له منذ بداية العام، كملصق حملة «كلنا بشار الأسد.. معا للمطالبة بترشيح الأسد للانتخابات الرئاسية» و«بشار الأسد خيارنا المطلق» وهو شعار رفعه «الحزب الاشتراكي الوحدوي»، أحد الأحزاب المنضوية في إطار «الجبهة الوطنية التقدمية» بزعامة حزب البعث. أما الملصق الأبرز الذي رفع منذ نحو سنة عند حواجز المخابرات الجوية مرفقا بصور الأسد ووالده والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فهو «لن تغمض العيون حتى نبايع طبيب العيون»، في إشارة إلى الأسد.
أما المرشح حسان النوري، فنشر صوره الشخصية مع شعارات ذات طابع اقتصادي مثل «مكافحة الفساد للنهوض بالمجتمع» و«إعادة الطبقة الوسطى» و«الاقتصاد الحر الذكي». فيما اعتمد المرشح ماهر الحجار ملصقات أقرب إلى منشورات الإرشاد المجتمعي، حيث طغى عليها اللون الأحمر وتتوسطها بقعة ضوء يظهر فيها ظل رجل بالأسود وامرأة بالأحمر، وبينهما نجمتا العلم السوري الخضراوان، ليشكلا معا علم البلاد. ومهرت الملصقات بعبارات أقرب إلى الأقوال الفلسفية العامة الصالحة لكل زمان ومكان، منها: «إرادة الشعوب أقوى من إرادة القطب الواحد» و«سوريا لفلسطين» و«من مات في سبيل قضية نبيلة فهو شهيد».
وستستمر الحملات الانتخابية للمرشحين حتى ما قبل 24 ساعة من بدء عملية الانتخاب المقررة في الثالث من يونيو (حزيران). وينص قانون الانتخابات العامة على أن يلتزم المرشحون بتفادي الطعن في المرشحين الآخرين أو التشهير بهم أو التحريض ضدهم وعدم تضمين الدعاية الانتخابية أي دلالات مذهبية أو طائفية أو إثنية أو قبلية أو ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة.
وخلت الشعارات من أي إشارة إلى ما يجري في سوريا، بخصوص وقف الحرب المندلعة، أو وعود بإعادة الإعمار أو أي شيء يشير إلى أن الانتخابات تجري في أجواء حرب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.