أهالي ضحايا السلاح المتفلت يطالبون الدولة اللبنانية بالحد من جرائمه

وزير الداخلية: الحريري متفهم لمطالب تفعيل عقوبة الإعدام

أهالي ضحايا السلاح المتفلت يطالبون الدولة اللبنانية بالحد من  جرائمه
TT

أهالي ضحايا السلاح المتفلت يطالبون الدولة اللبنانية بالحد من جرائمه

أهالي ضحايا السلاح المتفلت يطالبون الدولة اللبنانية بالحد من  جرائمه

نظّم ناشطون وأهالي ضحايا السلاح المتفلت وقفة احتجاجية في ساحة الشهداء، بوسط العاصمة اللبنانية بيروت للمطالبة بوضع حد للسلاح المتفلت الذي أدى إلى وقوع 107 جرائم منذ بداية العام الحالي حتى شهر مايو (أيار) الماضي، في وقت أعلن فيه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن هناك مباحثات بين المسؤولين لإعادة العمل بقانون الإعدام.
المشنوق قال خلال تأديته واجب العزاء لعائلة روي حاموش الشاب الذي قُتِل قبل أيام على أيدي أحد المسلحين، إن «رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري متفهم لمطالبته تفعيل قانون الإعدام في جرائم القتل المتعمد، وإنه سيواصل مساعيه الأسبوع المقبل مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، للبحث في هذا الموضوع، بهدف ردع المجرمين ومنع تكرار مأساة فقدان العائلات اللبنانية لشباب أعزاء لها»، معتبراً أن «هذا الأمر يتطلب (توافقاً سياسياً)».
من جهته، أبدى البطريرك الماروني بشارة الراعي خشيته من استمرار مسلسل الجرائم في لبنان وأن تسود شريعة الغاب إذا ما استمرت السلطة في هذا التهاون في العدالة وتطبيق القانون. وسأل: «أهكذا تُستباح بدم بارد الحياة البشرية وقدسيتها في لبنان؟ إلى متى يستمر السلاح متفلتاً ومتفشياً بين الأيدي؟»، متوجهاً إلى السلطة قائلاً: «فلتدرك السلطة السياسية أن هذا التهاون في العدالة والقانون يشجع المجرمين على مزيد من الإجرام ويكثر عددهم».
وفي تحركهم حمل الناشطون والأهالي الورود البيضاء وصور الضحايا وأسماءهم ولافتاتٍ كتب عليها عبارات تطالب المسؤولين باتخاذ الإجراءات اللازمة ومواجهة الفلتان الأمني، منها «وزير الداخلية سحاب السلاح من أيد الزعران، رئيس الجمهورية السلاح المتفلت سلاح سياسي ومسؤولية كل سياسي وجماعته». ووزع بيان خلال الوقفة باسم الشعب اللبناني وطالب الدولة «بتحمل مسؤولياتها لأنها المعنية بحماية امن المواطنين وملاحقة المرتكبين ووضع حد لتفلت حمل السلاح وإعطاء التراخيص، وإصدار توجيهات لقوى الأمن الداخلي بمنع حمل السلاح في المآتم والأعراس والمناسبات العامة، ومنع إطلاق المفرقعات والأسهم النارية بين الأحياء السكنية ورفع الحمايات والتغطيات الحزبية عن المرتكبين وتعويض المتضررين من الرصاص الطائش والتفلت الأمني».
وألقت صاحبة المبادرة زينة باسيل شيمعون كلمة قالت فيها: «أنا أم أنانية، لا أريد أن يموت أولادي بالطريقة نفسها التي مات بها روي وغيره من الضحايا». وطالبت المعنيين «بوقف السلاح المتفلت وضبط الأمن وعدم إعطاء رخص للسلاح بطريقة عشوائية». ودعت إلى «معاقبة المرتكبين بطريقة مشددة في حال لم يتم تنفيذ أحكام الإعدام».
وتحدث أهالي الضحايا عن أوضاعهم بعد فقدانهم أولادهم جراء سلاح ما سموه «سلاح الزعران»، فطالبت والدة الضحية إيليان صافتلي الدولة بإعلان عدم التجول في حال لم تستطع حماية شعبها. وطالب والد إيف نوفل الدولة بـ«إكمال ما تقوم به»، مبدياً «الثقة الكبيرة بالأجهزة الأمنية»، سائلاً: «أعدموا ابني فلماذا لا يعدمون المجرم»؟ ومن جهتها، قالت زوجة جورج الريف، الذي قتل في منطقة الأشرفية قبل عامين: «على الجاني أن يُعاقَب على فعلته، وعلى الشعب اللبناني التضامن مع الضحايا وأهاليهم، ونناشد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير العدل تنفيذ حكم الإعدام في قاتل جورج».
واختتم اللقاء بكلمة لأحد منظمي المبادرة سلمان سماحة الذي تساءل بدوره: «إلى متى السكون والتغاضي عن تحويل وطننا إلى غابة تعبث بها وحوش متفلتة من أي ضوابط؟»، وتابع: «لن نرتاح ولن ندع أحداً يرتاح حتى ينام أولادنا وأمهاتنا مرتاحين مطمئنين إلى سلامة أبنائهم، ولن نستكين قبل أن تصبح شوارعنا نظيفة من آفات التخلف من المخدرات والسلاح». ودعت الإعلامية مي شدياق التي تضامنت مع الأهالي إلى «التشدد في منح رخص السلاح ورخص الزجاج (الفيميه)»، وحثَّت على «إزالة كل الأسباب التي تمنع القوى الأمنية من الدخول إلى بعض المناطق وإلى رفع الغطاء عن كل المرتكبين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.