طفلة مسيحية عراقية خطفها «داعش» تعود إلى عائلتها

أم كريستينا وصفت عودتها بـ«المعجزة»

كريستينا مع أحد أشقائها في مخيم للنازحين قرب أربيل (رويترز)
كريستينا مع أحد أشقائها في مخيم للنازحين قرب أربيل (رويترز)
TT

طفلة مسيحية عراقية خطفها «داعش» تعود إلى عائلتها

كريستينا مع أحد أشقائها في مخيم للنازحين قرب أربيل (رويترز)
كريستينا مع أحد أشقائها في مخيم للنازحين قرب أربيل (رويترز)

بعد 3 سنوات على خطفها من قبل تنظيم داعش، عادت الطفلة العراقية كريستينا (6 أعوام) المتحدرة من بلدة قرقوش المسيحية إلى حضن عائلتها، التي لم تكل يوماً من انتظار حدوث هذه «المعجزة».
في مخيم اشتي في مدينة أربيل والمخصص للنازحين المسيحيين من مدينة الموصل وسهل نينوى، تخيم أجواء الفرح على كرفان من غرفتين تقيم فيه عائلة كريستينا عزو عبادة. يضيق بالمهنئين الذين يطلقون بالسريانية تعبير «بريخا» أي مبروك، وتطلق بعض النسوة الزغاريد. وتقول الوالدة عايدة (46 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية بتأثر شديد دون أن تتمكن من حبس دموعها: «أن أرى ابنتي يعني هذه معجزة»، مضيفة: «صدمت لأنها كبرت وتغيرت. لم أعرفها».
وكانت عائلة كريستينا في عداد مئات العائلات التي غادرت في أغسطس (آب) 2014 بلدة قرقوش التي تعد إحدى أهم البلدات المسيحية في العراق. وخيّر المتطرفون عند اجتياحهم محافظة نينوى السكان بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية، المغادرة أو الموت. فكان خيار الغالبية العظمى الرحيل، ولاذ 120 ألفاً منهم بالفرار.
وتروي والدة كريستينا أن تنظيم داعش أخذ ابنتها من حضنها في 20 أغسطس 2014، فيما كانت داخل حافلة أجبرهم عناصره على الصعود إليها بعد طردهم من منازلهم لإخراجهم من البلدة. وفيما تلهو كريستينا بثياب مزركشة مع دميتها الجديدة في غرفة متواضعة، تقول عايدة بانفعال: «لو كان لديهم (داعش) دين لما أخذوا الطفلة من حضني»، متسائلة بغصة: «ماذا يريدون أن يفعلوا بنا؟ بيتنا فجروه وابنتنا أخذوها وأموالنا راحت».
وبعد مرور أكثر من 5 أشهر على خطفها، علمت العائلة عبر أحد معارفها في مدينة الموصل أن ابنتهم تقيم مع أسرة من 12 فرداً في حي التنك. خلال أكثر من عامين كانت الأسرة تحصل على معلومات متقطعة من دون أن يتسنى لها يوماً التواصل مباشرة مع كريستينا.
وبعد نزوح العائلة التي «تبنت» كريستينا وفق والدتها من غرب الموصل أخيراً، تلقى شقيقها البكر إلياس مساء الخميس اتصالاً يطلب منه التوجه إلى عنوان محدد في مدينة الموصل لتسلم شقيقته.
وفي الموعد المحدد، التقت العائلتان وعادت كريستينا إلى حضن عائلتها الحقيقية التي يوجه أفرادها شكرهم للعائلة التي رعتها خلال السنوات الثلاث الماضية بعدما عثرت عليها وحيدة، وهي تبكي قرب أحد المساجد في الموصل.
في الكرفان الذي يصطف إلى جانب 1200 كرفان تؤوي 5 آلاف نازح، لا يتمكن شقيقا كريستينا وشقيقتاها والأقارب من وصف شعورهم بعودة صغيرة البيت التي تقول والدتها إن «محبتها خاصة».
لكن أكثر ما يؤلم عايدة أن ابنتها لم تتمكن من التعرف عليهم. وتقول: «لم تتذكر شيئاً، اعتادت على العائلة التي كانت معها، لكن سنحاول أن نعودها علينا لتعرف أنني أمها الحقيقية، وهذا والدها الحقيقي وإخوانها»، مضيفة: «هذه هي الحقيقة ويجب أن تعود إلى الحقيقة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».