معرض الشارقة.. مؤشرات على تحولات سريعة

النساء أكثر شراء من الرجال بثلاثة أضعاف تقريبا

معرض الشارقة.. مؤشرات على تحولات سريعة
TT

معرض الشارقة.. مؤشرات على تحولات سريعة

معرض الشارقة.. مؤشرات على تحولات سريعة

تبقى الكتب التي تطبعها دور النشر سنويا من المؤشرات على توجهات الرأي العام من جهة، وعلى الطلب الذي يحكمه السوق من جهة أخرى. هكذا يمكن للمراقب لساحة النشر، والمراجع للقوائم التي تطبعها دور النشر الفاعلة في الشأن الواقعي، ولمجريات الحياة اليومية أن يرصده. مثلا منذ سنة 2000 وإلى 2007 كانت الكتب تتعلق بالحوار مع الغرب والإرهاب ومسألة الخطاب الديني والمؤسسة الدينية وإصلاح التعليم، لتسود حالة من الجمود في القضايا الملحّة، أذابتْها الأحداث التي نشبت في ديسمبر (كانون الأول) 2010 حيث انفجرت دور النشر عن كتبٍ تتعلق بالربيع العربي والثورات ومفاهيمها، وأخذتها بالمناقشة لجهة الفاعلية والأعطال، بينما تضاءل هذا الشغف منذ منتصف 2012 إذ بدأت الكتب تتجه نحو مساءلة الأحداث العربية، والحديث عن الإرهاب عاد مجددا لمناقشة ولاداته المتفاعلة وبالذات بعد تحولات العنف. أما في هذا العام 2013 فقد لاحظتُ وجود الكثير من الكتب التي تتحدث عن فشل الدولة وأزمة الإسلام السياسي وتجارب كثيرة للمنشقّين عن الإخوان وغيرهم بعد ثلاث سنوات مخاضٍ عاشتها المنطقة.
لاحظتُ أيضا على مستوى المؤلفات تنامي موضوع الحديث عن التنمية في الشرق الأوسط وتحديدا في الخليج، إذ رأيتُ لدى دور نشر كثيرة عناوين تتعلق بالتنمية الزراعية في السعودية، والتنمية في الإمارات وتجاربها، وانفتحت الأقلام لتتحدث عن سلطنة عمان لجهة الحالة المؤسسية والأنماط الحضارية والفكرية وسبل التنمية دراسة الآفاق والمآلات بناء على معطيات الواقع. كما تمت مناقشة التطور السياسي وشأنه في البحرين، علاوة على المسألة الكويتية والموضوع البرلماني والحكومي والسلطات المتنافية هناك، هذه المساحة لا تتسع لذكر دراسات كثيرة في هذا الشأن صدرت هذا العام.
من الملاحظ تنامي الاهتمام بالتاريخ «الانثربولوجي» للثقافات والإقبال عليها بازدياد. كتب كثيرة تتعلق بالأطعمة والتوابل والشاي وتاريخ كرة القدم وعادات الشعوب، وقصص النمو الآسيوي، إضافة إلى موضوعات نمو الهند وتاريخها وثقافتها، وجوانب من موسيقاها. كما توافرت كتب كثيرة تتناول ثقافات الشعوب وأنماط عيشها وأسس تقاليدها. يأتي في سياق هذا الاهتمام الترجمات الغنية من الشعر الروسي والكردي والأفغاني والهندي والأمازيغي والتركي، وسواها من أشعار الشعوب التي هي علامات وأوعية ثقافية، فالشعر هو عصب الثقافة لأي مجتمع. من هنا يكون لعادات الشعوب وثقافاتها الحضور الكبير، وقد رأيت أكثر من ثلاثين عنوانا جديدا في الانثروبولوجيا وتاريخ العلامات الشعبية وتفاصيلها، وهذا مؤشر آخر على التحولات التي تشهدها الاهتمامات الشعبية في الخليج وسواها.
في الشارقة هناك دعم للطلاب لشراء الكتب، وخصص يوم لمدارس الشباب، ويوم لمدارس الفتيات، في اليوم الذي يكون مخصصا لمدارس الفتيات تلحظ إقبالا منقطع النظير، وقد تحدث إلى «الشرق الأوسط» الملحق السعودي في السفارة السعودية بالإمارات، في جناح السعودية مندهشا وسعيدا بهذا الزخم، إذ لا تجد لك موطئ قدمٍ حين يكون المجال للطلاب في النهار. في سياقٍ آخر حتى على مستوى الشراء لاحظتُ أن الإقبال على المعرض كان من الفتيات أكثر، وقد درتُ القاعات الخمس في المعرض أكثر من عشرين مرة على مدى ثمانية أيام ووصلتُ إلى مؤشرٍ أطمئن إلى الوصول إليه، وهو أن النساء أكثر شراء من الرجال بثلاثة أضعاف تقريبا. والفتيات اللواتي يشترين الكتب تتراوح أعمارهنّ بين الـ17 والـ30 من العمر. بينما تقول لي قارئة تجاوزت الثلاثين: «أعطني كتبا قيمة، فقد كبرتُ على الروايات».
وبينما الدكتور رشيد الخيون والدكتور هيثم الزبيدي وأنا في جولة في القاعة الثالثة من المعرض، يلفت نظرنا غلبة الجيل الشاب على المعرض من الشباب والفتيات. ثم رأيتُ رجلا يبدو أنه من «الدعاة» قال لي أين الكتب «الملوّنة» وكان حينها قرب دور نشرٍ تراثية، فقلت أي كتبٍ تريد؟! قال أريد الكتب الملوّنة التي يشتريها الشباب والفتيات، ثم دللته على أكثر من دار. ووجدته مرة يقول لأحد الناشرين «اتقوا الله في هذا الجيل» وكان الناشر يضع غلاف رواية عاطفية تقبل عليها جموع الشباب والفتيات بشكلٍ لافت.
لاحظتُ تطوّر سلوكيات الشراء، إذ يقسّم المحترفون بالشراء والأذكياء العارفون للمعارض زياراتهم إلى ثلاث زيارات، الأولى استطلاعية بحيث يطلب من دور النشر «قائمة الكتب المنشورة» ثم يغيب يوما أو يومين، ثم يبدأ الرحلة الثانية للكتب الضرورية، وفي الرحلة الثالثة تكون للكتب غير الضرورية وجولة عامة هادئة تكون فيها النفس مرتاحة. وهذه الطريقة لمن لديه الوقت أفضل الطرق للتعامل مع المعارض.
يمتاز معرض الشارقة بالسعة والضخامة إذ ضم أكثر من ألف دار نشر. وقد رأيتُ الكثير من المتخصصين بالشؤون الشرعية والدينية والتراث لكثافة وجود هذه الدور في معرض الشارقة تحديدا.
تتغير الأذواق تبعا لتغير المراحل، وتجدد الأزمات، وتفاعل الصراعات الحديثة. غير أن ما كان يبهر في العام الماضي لم يعد يبهر الآن، ثمة أزماتٍ تتجدد وتتوالد، وبالتأكيد أن للتحول الكبير بمصر في 30 يونيو (حزيران) أكبر الأثر على المناقشات الدائرة في طيات الكتب، أظنّ أننا سنرى دراساتٍ حولها أعمق من المحاضرات التي طبعت، ستكون دراساتٍ مهمة حول الآثار التي نعيشها الآن وعلى رأسها العلاقة بين فشل الدولة وأزمات الإسلام السياسي.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.