المسحراتي... يستحضر مظاهر رمضان العثمانية في شوارع تركيا

ظهر تاريخياً في مصر... وبات مهنة نظامية للرجال والنساء

فرقة موسيقى شعبية تجوب شوارع مدينة بورصة وقت السحور
فرقة موسيقى شعبية تجوب شوارع مدينة بورصة وقت السحور
TT

المسحراتي... يستحضر مظاهر رمضان العثمانية في شوارع تركيا

فرقة موسيقى شعبية تجوب شوارع مدينة بورصة وقت السحور
فرقة موسيقى شعبية تجوب شوارع مدينة بورصة وقت السحور

على الرغم من التقدم الكبير لوسائل التنبيه ودعوات الاستغناء عنه بسبب الإزعاج في ساعات الليل المتأخرة، يحافظ المسحراتي بقوة على وجوده في شوارع تركيا، بل إن الأعوام الأخيرة شهدت اعتناء كبيراً بأحياء هذا الموروث العثماني، ليبقى حيّاً وتتناقله الأجيال. ومع مرور مئات الأعوام على مهنة المسحراتي، وبدء انقراضها في كثير من المدن التركية، فإن هناك مَن سعى للحفاظ على هذا المظهر من مظاهر رمضان التقليدية.
وقبل أيام من شهر رمضان المبارك، تمنح البلديات في تركيا تصاريح لمن يمتهنون مهنة المسحراتي، لإيقاظ الناس من نومهم، فهي ليست مهنة عشوائية يمارسها الناس من تلقاء أنفسهم، بل أصبحت تلقى العناية والتدريب أيضاً، فقد نظّمت مدينة أدرنة في شمال غربي تركيا دورة تدريبية للعزف على الطبل، لتأهيل المسحراتي للعمل شهراً في مركز التعليم العام بالمدينة، بمشاركة 35 شخصاً تدربوا على كثير من الإيقاعات والأشكال المختلفة لاستخدام طبل المسحراتي.
وقال مدير التعليم في المركز رجب كوزان، إن الدورة استمرت لمدة يومين، يخرج المتدرب بعدها مؤهلاً للعمل «مسحراتيّاً».
وهذا العام استحدثت أيضاً فرق «المهتر» التقليدية، وبدأت تعمل خلال السحور، وقد كانت فرقة الموسيقى العسكرية التي ترافق الجيوش وقت الحرب، في زمن الدولة العثمانية، ولا تظهر حاليا إلاّ في مناسبات محدودة.
كما أصبحت بعض الفرق الفلكلورية تجوب الشوارع بالأزياء العثمانية القديمة في كثير من المدن.
وتنتشر مجموعات من الشباب يعزفون على آلاتهم الموسيقية من أكورديون، ودف، وطبل، وغيرها يجوبون الشوارع ويشاركهم الأهالي بالغناء والرقص مبتهجين بالأسلوب الجديد.
وقال رئيس مركز بورصة لتعليم الفولكلور آدم سربست، إنّ المركز بدأ في تنظيم هذه الفعالية في رمضان قبل ثلاث سنوات، مشيراً إلى استمتاع الأهالي بتلك الطريقة المختلفة للإيقاظ من أجل السحور، وتجلّى ذلك في ترحيبهم بالفرقة، وفي تقديم الأطعمة لها، بعد انتهاء جولتها في الحي.
وعلى الرغم من حفاظ تركيا على العادات الأصيلة المتوارثة من الحقبة العثمانية، فإن بعض العادات القديمة تواجه انقساماً بشأن التمسُّك بها، على اعتبار أنّها لا تناسب روح العصر. من بين تلك العادات المسحراتي بطبلته التقليدية، الذي يلقى معارضة متزايدة.
ومع حلول رمضان في كل عام، يتجدّد الجدل في جدوى الإبقاء على المسحراتي، مما اضطر السلطات لمنعه عن العمل في بعض المدن الكبرى، خصوصاً في مدينة إسطنبول، بسبب شكاوى سكان عبروا مراراً عن انزعاجهم من ضجيج طبلته، إلى حد دفع أحد المواطنين الغاضبين ذات مرة إلى إطلاق النار عليه.
ومهنة المسحراتي في تركيا ليست مهمة عشوائية يمارسها البعض طواعية، إنّما هي وظيفة تشرف عليها البلديات، مثلما تشرف على موائد الرحمن، كما تتسع المهنة الآن للرجال والنساء، وقد جرى الترخيص لبعض السيدات بمزاولتها.
في المقابل، يتمسك كثيرون، لا سيما في الأحياء الصغيرة، بالمسحراتي كتراث يعيدهم إلى الماضي وذكريات الطفولة. ففي حي «أيوب» الشهير وسط العاصمة الذي يزخر بالمساجد القديمة، يطل الناس من النوافذ خصيصاً ليشاهدوا المسحراتي يجوب الشوارع الخلفية الهادئة التي لا يقطع صمتها إلا قرع طبلته.
يقول محمد يلديز أحد سكان الحي: «لا بدّ أن يستمر عمل المسحراتي»، ويعبّر عن رفضه لمن يبدي انزعاجه من طبلته. ويضيف: «رمضان يأتي مرة واحدة في العام... والمسحراتي هو مَن يقول للناس إنّنا الآن في شهر الصيام».
ويدافع العاملون في المهنة أيضاً عن المسحراتي قائلين: «قد أبدى كثيرون انزعاجهم من أصوات طبولنا قرب الفجر، ولكنّ الطبلة التي نحملها في رمضان هي جزء أصيل من تراث هذا البلد».
قبل رفع آذان الفجر بنحو ساعة ونصف الساعة، يتجول المسحراتي في الأزقة والحارات والشوارع، لا سيما في المدن التركية الرئيسية، وجرت العادة أن يرافقه شخص آخر ينادي بصوته، من خلال تلحين عبارات وقصائد وأشعار محفوظة: منها «قوموا إلى سحوركم»، و«قوموا إلى صلاتكم واذكروا الله»، وذلك لتنبيه الناس إلى أنّ موعد السحور قد حان، لكن لم يعد الأمر كذلك الآن.
ويحصل المسحراتي على أُجرَتِه من سكان الحي الذي يعمل فيه، فينتظر مجيء منتصف رمضان ويوم عيد الفطر، حتى يمر بطبلته من أمام المنازل ليعطيه الناس الهدايا والمال والحلويات، كما يطرق الأبواب في أيام رمضان ليحصل على ما تيسر من مال وطعام.
في المقابل، يرى البعض أنّ الطبلة باتت مصدر إزعاج للنائمين، وهي موروث قديم تجاوزه الزمن، لا سيما مع التقدم الكبير في وسائل التنبيه الحديثة. فيما يعتقد الشاب العشريني أحمد شنر الذي يعمل منذ أن كان عمره 10 سنوات مع والده في مهنة المسحراتي بمنطقة أوسكدار في إسطنبول، أن هذه المهنة جزء من الثقافة العثمانية التي يجب المحافظة عليها والافتخار بها. ويضيف أنّ «الشعور بأنّك تنتمي إلى ثقافة وتحافظ عليها شيء جميل جداً، ويعطينا سعادة كبيرة للغاية». ويتابع أنّه يعمل نهاراً في أعمال متنوعة في التجارة والنقل وغيرهما، وخلال الليل يخرج لإيقاظ الناس بطبلته.. «هذه الثقافة يجب ألا تندثر، حتى لو كانت مهنة المسحراتي شاقة بالنسبة لنا».
وعن طريقة الحصول على أجره يقول: «في منتصف رمضان من كل عام، أذهب إلى بيوت الناس وأقرع طبلتي أمام أبوابهم، للحصول على إكراميتي مقابل عملي كمسحراتي، وفي نهاية رمضان ويوم العيد أعمل الشيء نفسه».
وتقول المصادر التاريخية إن أهل مصر هم أول من عرف المسحراتي لإيقاظ الناس في شهر رمضان بقرع الطبلة، حيث كان المسحراتي ولا يزال، يطوف أزقة المدن والقرى، مردداً أناشيد دينية ومنادياً السكان بأسمائهم، ليستيقظوا لتناول طعام السحور والاستعداد لصلاة الفجر.



زلزال عنيف يضرب منطقة الهيمالايا... ويُخلِّف 126 قتيلاً (صور)

TT

زلزال عنيف يضرب منطقة الهيمالايا... ويُخلِّف 126 قتيلاً (صور)

تجمع النيباليون خارج منازلهم بعد زلزال بقوة 7.1 درجة ضرب كاتماندو (د.ب.أ)
تجمع النيباليون خارج منازلهم بعد زلزال بقوة 7.1 درجة ضرب كاتماندو (د.ب.أ)

ارتفعت حصيلة الزلزال القوي الذي ضرب إقليم التبت في جبال الهيمالايا جنوب غربي الصين، الثلاثاء، إلى 126 قتيلاً، حسبما أفادت «وكالة الصين الجديدة» للأنباء (شينخوا) الرسمية.

وأوردت الوكالة أنه «تأكّد مصرع إجمالي 126 شخصاً، وإصابة 188 آخرين حتى الساعة السابعة مساء الثلاثاء (11.00 ت غ)».

منازل متضررة في شيغاتسي بإقليم التبت جنوب غربي الصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وقالت «شينخوا» إنّ «مراسلاً في مكتب الزلازل بمنطقة التبت ذاتية الحُكم علم بأنَّ أناساً لقوا مصرعهم في 3 بلدات، هي بلدة تشانغسو، وبلدة كولو، وبلدة كوغو، بمقاطعة دينغري».

وكان سكان العاصمة النيبالية كاتماندو قد شعروا، فجر الثلاثاء، بهزَّات أرضية قوية، إثر زلزال عنيف بقوة 7.1 درجة، ضرب منطقة نائية في جبال الهيمالايا قرب جبل إيفرست، حسبما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» و«هيئة المسح الجيولوجي» الأميركية.

صورة تظهر صخوراً على الطريق السريع الوطني بشيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وقالت «هيئة المسح الجيولوجي» الأميركية، إنّ مركز الزلزال يقع على بُعد 93 كيلومتراً من لوبوش، المدينة النيبالية الواقعة على الحدود الجبلية مع التبت في الصين، في حين أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن كثيراً من المباني اهتزَّت في كاتماندو الواقعة على بُعد أكثر من 200 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي.

نيباليون خرجوا من منازلهم بعد تعرضهم لزلزال ويقفون وسط مواد البناء في كاتماندو (أ.ب)

وكان تلفزيون الصين المركزي قد ذكر أن زلزالاً قوته 6.9 درجة هز مدينة شيغاتسي في التبت، الثلاثاء. وقال مركز «شبكات الزلازل الصيني» في إشعار منفصل، إن الزلزال وقع في الساعة (01:05 بتوقيت غرينتش) وكان على عمق 10 كيلومترات.

وشعر السكان بتأثير الزلزال في منطقة شيغاتسي، التي يقطنها 800 ألف شخص. وتدير المنطقة مدينة شيغاتسي، المقر التقليدي لبانشين لاما، إحدى أهم الشخصيات البوذية في التبت. وأفادت قرى في تينغري بوقوع اهتزازات قوية أثناء الزلزال، أعقبتها عشرات الهزات الارتدادية التي بلغت قوتها 4.4 درجة.

آثار الدمار في أحد المنازل كما ظهرت في فيديو بالتبت (أ.ف.ب)

ويمكن رؤية واجهات متاجر منهارة في مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر آثار الزلزال في بلدة لهاتسي، مع تناثر الحطام على الطريق.

صورة ملتقطة من مقطع فيديو يظهر حطاماً على طريق في مدينة شيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وتمكّنت وكالة «رويترز» للأنباء من تأكيد الموقع من المباني القريبة والنوافذ وتخطيط الطرق واللافتات التي تتطابق مع صور الأقمار الاصطناعية وصور الشوارع.

وذكرت «شينخوا» أن هناك 3 بلدات و27 قرية تقع على بُعد 20 كيلومتراً من مركز الزلزال، ويبلغ إجمالي عدد سكانها نحو 6900 نسمة. وأضافت أن مسؤولي الحكومة المحلية يتواصلون مع البلدات القريبة لتقييم تأثير الزلزال والتحقق من الخسائر.

حطام على طريق في مدينة شيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

كما شعر بالزلزال سكان العاصمة النيبالية كاتماندو على بُعد نحو 400 كيلومتر؛ حيث فرّ السكان من منازلهم. وهزّ الزلزال أيضاً تيمفو عاصمة بوتان وولاية بيهار شمال الهند، التي تقع على الحدود مع نيبال.

جانب من الحطام على طريق في مدينة شيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وقال مسؤولون في الهند إنه لم ترد حتى الآن تقارير عن وقوع أضرار أو خسائر في الممتلكات.

منازل متضررة بعد زلزال بقرية في شيغاتسي بمنطقة التبت (رويترز)

وتتعرض الأجزاء الجنوبية الغربية من الصين ونيبال وشمال الهند لزلازل متكررة، ناجمة عن اصطدام الصفيحتين التكتونيتين الهندية والأوراسية. فقد تسبب زلزال قوي في مقتل نحو 70 ألف شخص بمقاطعة سيتشوان الصينية في 2008، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وفي 2015، هزّ زلزال قوته 7.8 درجة منطقة قريبة من كاتماندو، ما أودى بحياة نحو 9 آلاف شخص، وتسبب في إصابة آلاف في أسوأ زلزال تشهده نيبال.