تيريزا ماي تخسر الغالبية المطلقة وتواجه ضغوطا بالاستقالة

رئيس حزب "العمال" جيريمي كوربن فرحاً بعد إعلان النتائج الأولية (أ.ف.ب)
رئيس حزب "العمال" جيريمي كوربن فرحاً بعد إعلان النتائج الأولية (أ.ف.ب)
TT

تيريزا ماي تخسر الغالبية المطلقة وتواجه ضغوطا بالاستقالة

رئيس حزب "العمال" جيريمي كوربن فرحاً بعد إعلان النتائج الأولية (أ.ف.ب)
رئيس حزب "العمال" جيريمي كوربن فرحاً بعد إعلان النتائج الأولية (أ.ف.ب)

تواجه تيريزا ماي اليوم (الجمعة) ضغوطا للاستقالة غداة صدور نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت أمس (الخميس)، وخسر فيها حزبها المحافظ الغالبية المطلقة في البرلمان، في نتيجة مدوية، تلقي بالغموض على البلاد قبيل بدء مفاوضات «بريكست» للانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وتشكل النتيجة فشلا شخصيا لماي التي دعت إلى الانتخابات المبكرة أملا بتعزيز غالبيتها في البرلمان وإطلاق يدها في مفاوضات «بريكست». وكانت ماي تتمتع بغالبية من 15 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته وتأمل الحصول على تفويض أكبر حتى تخوض مفاوضات بريكست «متشدد» مع الاتحاد الأوروبي اعتبارا من 19 يونيو (حزيران) الحالي، بعد عام على الاستفتاء الذي قضى بخروج البلاد من التكتل.
وكشفت النتائج شبه النهائية أن المحافظين في الطليعة لكنهم خسروا نحو 15 مقعدا (315 مقعدا مقابل 330 في البرلمان المنتهية ولايته) بينما فازت المعارضة العمالية بنحو 29 مقعدا إضافياً (261 مقعداً مقابل 232 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته)، وهذا معناه أن المحافظين لم يعد بإمكانهم الاحتفاظ بالغالبية المطلقة، خصوصاً أن حزب العمال بزعامة جيريمي كوربن الذي قاد حملة وصفت بأنها ناجحة أحبط خطط ماي. وسارع كوربن الذي انتخب بغالبية كبرى في دائرته آيلنغتون (شمال لندن) إلى مطالبة ماي بالاستقالة.
وكانت ماي دعت إلى الانتخابات التشريعية المبكرة في أبريل (نيسان) الماضي على أمل كسب تفويض أكبر معولة على استطلاعات الرأي التي أعطت حزبها تقدما بـ20 نقطة على العماليين. إلا أن كوربن خاض حملة نشطة كثف خلالها اللقاءات مع الناخبين، مستغلا أخطاء ارتكبتها ماي خصوصا حول الضمان الاجتماعي. وطغت خلال هذه الحملة مسألة الضمان الاجتماعي والأمن على موضوع بريكست بعد تعرض البلاد لثلاثة اعتداءات في أقل من ثلاثة أشهر. إلا أن مسألة بريكست كانت حاضرة في أذهان الكثير من الناخبين عند إدلائهم بأصواتهم.
وقال كوربن متوجها إلى ناخبيه في وقت مبكر اليوم (الجمعة): «لقد خسرت (ماي) مقاعد (عائدة إلى) المحافظين، وخسرت الدعم والثقة، هذا كاف من أجل أن ترحل وتفسح المجال لحكومة تُمثّل حقاً» البريطانيين.
وانتقلت دعوات ماي إلى الاستقالة إلى صفوف المحافظين، إذ اعتبرت الوزيرة السابقة آن سوبري أن على ماي التفكير في الاستقالة مضيفة أنها «في وضع صعب للغاية»، لكن ماي التي أعيد انتخابها في دائرتها في ميدنهيد (غرب) اكتفت بالتعليق أن حزبها «سيضمن الاستقرار في البلاد أيا تكن النتائج».
وفور إغلاق مراكز الاقتراع، أدى نشر الاستطلاعات الأولية إلى تراجع الجنيه الإسترليني في نيويورك إزاء اليورو والدولار على حد سواء. وعلق توني ترافرز من «لندن سكول أوف ايكونوميكس» أنه «يبدو أننا سنشهد زعزعة للاستقرار وسيكون من الصعب على الحكومة البريطانية التفاوض حول بريكست من موقع قوة». كما اعتبر ماين فين من جامعة «وورويك» أن بريطانيا «أمام مرحلة من التحالفات أو بصدد انتخابات جديدة» والنتيجة «ستتم إعادة النظر بكل المقاربة المتعلقة ببريكست».
وبات على المحافظين تشكيل تحالف حكومي مع حزب آخر كالوحدويين الآيرلنديين أو الاكتفاء بتشكيل حكومة أقلية، وفي الحالتين فإن المفاوضات ستستمر أسابيع عدة ما قد يوجه ضربة قاسية إلى الجدول الزمني لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وامتدت الانتقادات إلى الصحافة البريطانية، إذ انتقدت اثنتان من أبرز الصحف البريطانية اليمينية وهما «ذي ديلي ميل» و«ذي صن» ماي، ونشرتا مقالتين عن «مقامرتها» بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، ووصفتا تلك الدعوة بأنها خاطئة وتسببت في «خسارة كارثية للمقاعد».
وقالت صحيفة «ديلي ميل» إن تيريزا ماي «ستواجه هذه الليلة إمكانية أن تكون لمقامرتها الانتخابية آثار عكسية بعد أن تنبأ استطلاع لآراء الناخبين بعد خروجهم من مراكز الاقتراع أن تسفر الانتخابات عن برلمان معلق».
وذكرت صحيفة «ذي صن»، التي ساندت ماي بقوة في حملتها الانتخابية مثل صحيفة «ذي ديلي ميل»، إن «مقامرة» ماي بالدعوة إلى انتخابات مبكرة من أجل تعزيز أغلبيتها وسلطتها في محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «قد أسفرت عن نتائج عكسية بشكل مذهل». أضافت: إن تلك النتيجة الكارثية تثير الشك في زعامتها المستقبلية لحزب المحافظين.
الانفصاليون الاسكوتلنديون يتراجعون
وفي اليسار، مني الانفصاليون الاسكوتلنديون بخسائر فادحة وتراجعت حصتهم من 54 مقعدا إلى 34. بحسب النتائج شبه النهائية. كما هزم المسؤول الثاني في الحزب آنغوس روبرتسون وزعيمهم السابق اليكس سالموند في معقليهما، ما يعني ضربة قوية إلى خطط حزبهما بشأن إجراء استفتاء ثان حول استقلال اسكوتلندا.
وعلى الرغم من هذه النتيجة، أكدت زعيمة الحزب القومي الاسكوتلندي الحالية نيكولا ستورجيون أن حزبها فاز في الانتخابات، مستشهدة بما وصفته بأنه نتيجة كارثية لحزب المحافظين بزعامة رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
مكاسب تاريخية للمرأة
إلى ذلك، دخلت النساء البرلمان البريطاني بأعداد قياسية بعد انتخابات أمس (الخميس)، بعد أن فزن بما لا يقل عن 200 مقعد في البرلمان المؤلف من 650 مقعدا. وكان عدد النساء في البرلمان السابق قد بلغ 196 نائبة فقط.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.