من سيدير الرقة بعد طرد المتطرفين منها؟

من سيدير الرقة بعد طرد المتطرفين منها؟
TT

من سيدير الرقة بعد طرد المتطرفين منها؟

من سيدير الرقة بعد طرد المتطرفين منها؟

تقود قوات سوريا الديمقراطية معركة طرد تنظيم داعش من مدينة الرقة، معقله في سوريا، وتثير سيطرتها المحتملة على المدينة تساؤلات حول الجهة التي ستتولى إدارة الرقة في المستقبل.
تقع مدينة الرقة على ضفاف نهر الفرات في شمال سوريا، وكان يسكنها قبل الحرب 300 ألف نسمة غالبيتهم من المواطنين العرب السنة، وبينهم أيضا نحو 20 في المائة من المواطنين الأكراد الذين كانوا يتركزون «في أحياء عشوائية في شمال المدينة»، وفق ما يقول الخبير في الجغرافيا والشؤون السورية فابريس بالانش.
في مارس (آذار) 2013 وبعد عامين من بدء حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري، تمكن مقاتلو المعارضة وجبهة النصرة من السيطرة على المدينة لتكون أول مركز محافظة في سوريا يخرج عن سلطة النظام. وبعد أقل من عام، فرض تنظيم داعش سيطرته على المدينة ما دفع غالبية السكان الأكراد إلى الفرار منها.
بعد فرار الأكراد وأقليات أخرى من مسيحيين أرمن وسريان يشكلون أقل من واحد في المائة من السكان، بات، وفق بالانش، «99 في المائة من سكان الرقة من العرب السنة».
تنوي قوات سوريا الديمقراطية بعد طرد المتشددين من الرقة، «تسليمها إلى مجلس مدني وعسكري من أبناء المدينة بكافة مكوناتهم الاجتماعية والعشائرية»، وفق ما قال المتحدث باسمها طلال سلو لوكالة الصحافة الفرنسية، نافيا «وجود أي حساسية بالنسبة لمشاركة الوحدات الكردية» في معركة الرقة.
في منتصف أبريل (نيسان) وأثناء تقدمها في اتجاه المدينة، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إنشاء «مجلس مدني» معني بإدارة شؤون مدينة الرقة وريفها بعد طرد تنظيم داعش. وأكدت القوات أن هذا «المجلس المدني» يتألف من أهالي محافظة الرقة بكل مكوناتهم وبينهم وجهاء عشائر وشخصيات سياسية وثقافية.
ويشرح مسؤول العلاقات العامة في المجلس عمر علوش أن المجلس يتضمن من «14 هيئة منها العدل والصحة والتربية والشباب والمرأة والخدمات والأمن الداخلي، ومهمتها إدارة أمور المناطق المحررة وضمان تقديم خدماتها وحفظ استقرارها».
ولم يجر البحث، وفق علوش، في «مسألة الانضمام لفيدرالية الشمال السوري» التي أعلنها الأكراد في مارس 2016 في مناطق سيطرتهم في شمال وشمال شرقي سوريا.
ولكن يبقى هذا المجلس «المدني» غير كاف لطمأنة خصوم الأكراد، وبينهم تركيا وحلفاؤها من فصائل المعارضة السورية.
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، تنظيما «إرهابيا» وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمردا ضدها منذ عقود. ولذلك يثير دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية بشكل عام والأكراد بشكل خاص غضب أنقرة.
ويرى بالانش أن «الأكراد يطمحون لسيناريو مشابه لما حصل في منبج»، أحد معاقل (داعش) سابقا، والتي سيطرت عليها (قسد) في أغسطس (آب) 2016. بعد السيطرة على منبج، تم إنشاء مجلس مدني لإدارة شؤون المدينة، لكن ذلك لم يمنع خصوم الأكراد وخصوصا أنقرة والفصائل المعارضة المدعومة منها، من رفع الصوت عاليا، متهمة القوات بالتحكم فعليا بالمدينة. ويقول بالانش «توجد في منبج أقلية كردية يعتمد عليها بقوة حزب الاتحاد الديمقراطي (الذراع السياسية للوحدات الكردية)، ولكن هذا لا ينطبق على الرقة». ويرى المحلل أن «عشائر الرقة ليست جاهزة للقبول بهيمنة كردية».
ويوافقه الرأي النائب في مجلس الشعب في سوريا فيصل السيباط، وهو أحد وجهاء قبيلة «الولدة»، واحدة من أهم عشائر الرقة. ويقول السيباط «القوات التي تتقدم باتجاه الرقة لا تحظى بدعم شعبي»، مشيرا إلى أن «من شارك في المجلس لا يمثل أبناء العشائر مطلقاً ولا يمثلون إلا أنفسهم».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.