نشاطات مكثفة لتثبيت ضم الجولان إلى إسرائيل

سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي في زيارة للجولان السوري المحتل أمس (أ.ف.ب)
سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي في زيارة للجولان السوري المحتل أمس (أ.ف.ب)
TT

نشاطات مكثفة لتثبيت ضم الجولان إلى إسرائيل

سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي في زيارة للجولان السوري المحتل أمس (أ.ف.ب)
سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي في زيارة للجولان السوري المحتل أمس (أ.ف.ب)

تشهد هضبة الجولان السورية المحتلة نشاطات محمومة من الحكومة الإسرائيلية لتكثيف الاستيطان واستغلال الكنوز الطبيعية بغية تعزيز السيطرة عليها. وقد بادر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى إقامة مؤتمر الشباب الإسرائيلي في المدينة الاستيطانية «كتسرين»، داعيا إياهم إلى القدوم للاستيطان فيها. كما قامت سلطة المياه بتوسيع نطاق الحفريات للوصول إلى المياه الجوفية فيها لاستغلالها في تطوير الزراعة وصناعات المياه المعدنية.
ولا يخفي نتنياهو رغبته في استغلال الانشغال السوري في الحرب الداخلية لتعزيز الاحتلال في الجولان. وقال لجمهور الشباب، إن «منطقة الجولان قد شهدت قبل آلاف السنين ازدهار القرى اليهودية. وأنصحكم، بعد أن تختتموا هذا اللقاء المثير للانفعال، لتشاهدوا عشرات المعابد اليهودية التي نعيد ترميمها هنا. إنه لأمر في غاية الجمال. ما ستشاهدونه هنا يعزز معرفة الأرض وحبها. نشاهد هنا المعابد، نشاهد هنا المصابيح، نشاهد هنا الكتب المكتوبة باللغة العبرية والتي تعود لفترة التلمود. إن الجولان لنا. لقد كان لنا في الماضي، وسيبقى كذلك. وبطبيعة الحال لو لم يكن لدينا حضور هنا، لكان الإسلام المتطرف موجودا هنا».
وقد جاءت هذه النشاطات المكثفة بسبب عدم تحمس الإسرائيليين للسكن في الجولان، رغم المغريات الهائلة التي تقدمها لهم الحكومة. فعدد المستوطنين اليهود لا يزيد على 25 ألف مستوطن، منذ أكثر من عشر سنوات. والحكومة تدرس اتخاذ إجراءات جديدة لتشجيعهم، خصوصا في مضمار التطور الصناعي والزراعي. ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل. فالإسرائيليون يصلون بمئات الألوف إلى الجولان في كل سنة، يسيحون ويتفرجون ويتزلجون على قمم جبل الشيخ الثلجية ويتناولون الطعام في القرى العربية الخمس الباقية في الجولان (من مجموع 110 قرى جرى ترحيل أهلها وهدم بيوتها عن بكرة أبيها عند احتلالها سنة 1967)، لكنهم لا يرونها موطنا ولا مكان إقامة أو عمل.
وفي هذا المجال، كشف أمس عن أن سلطة المياه الإسرائيلية، التي تستغل موارد المياه حتى الرمق الأخير، قررت حفر أربع آبار ارتوازية جديدة شمال الجولان في مشروع سمته «مشتل4». وتم الكشف عن المشروع من هيئات حماية الطبيعة التي تعارض الفكرة وتعتبرها مدمرة للكنوز الطبيعية في الجولان. وتقول إن عمليات الحفر تعرض للخطر تدفق المياه الجوفية إلى الينابيع والأودية في هضبة الجولان وفي سهل الحولة. وقالت إن الحديث يجري عن حفريات عميقة للوصول إلى حوض المياه الجوفية في هضبة الجولان، الذي يطلق عليه «حوض البازلت». كما تعارض المشروع سلطة حماية الطبيعة والحدائق الوطنية، التي تقول إن لديها دراسة أعدتها، العام الماضي، هيئة الدراسات المائية (الهيدرولوجية)، تحذر فيها من أن كمية المياه المتدفقة في ينابيع شرق سهل الحولة بدأت تتراجع في السنوات 1985 حتى 2015 بنسب تتراوح ما بين 28 في المائة و47 في المائة، وفي الفترة ذاتها حصل تراجع في كمية الرواسب في المنطقة بنسبة تصل إلى 25 في المائة، ما يعني أن مزيدا من الحفر سيضاعف هذا التراجع ويلحق أضرارا لا حدود لها في الثروات الطبيعية.
تجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يسيطر على 60 في المائة من أراضي الجولان، أعلن صباح أمس عن «حالة طوارئ»، لعدة ساعات على الحدود الجنوبية، وأمر المستوطنين في تلك المناطق بعدم مغادرة منازلهم. وتبين لاحقا أن سبب ذلك يعود إلى وصول معلومات بوجود مجموعة من الأفراد في الجزء السوري. وعاد الجيش وألغى حظر التجوال وأعلن انتهاء حالة الطوارئ، بعد عملية مسح أجرتها قواته في المنطقة الحدودية المشتبه بعبورها.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».