حماس تختار ماليزيا أو غزة لقياداتها إذا طلبت منها الدوحة المغادرة

حماس تختار ماليزيا أو غزة لقياداتها إذا طلبت منها الدوحة المغادرة
TT

حماس تختار ماليزيا أو غزة لقياداتها إذا طلبت منها الدوحة المغادرة

حماس تختار ماليزيا أو غزة لقياداتها إذا طلبت منها الدوحة المغادرة

قالت مصادر فلسطينية مقربة من حركة حماس لـ«الشرق الأوسط»، إن قطر لم تطلب من الحركة مغادرة الدوحة حتى الآن، لكنها تخشى من طلب كهذا في مرحلة مقبلة، مما يعني ضرورة البحث عن موطئ قدم آخر.
وبحسب المصادر، فإن خيارات الحركة، إذا ما طُلِب منها المغادرة، تنحصر حالياً بين ماليزيا التي تربطها بها علاقات قوية للغاية، وقطاع غزة، باعتباره معقل حماس، وستفحص الحركة إمكانية الإقامة في لبنان أيضاً.
وتأمل حماس ألا تُضطَرّ إلى مغادرة العاصمة القطرية، خصوصاً بعدما أبدت استعدادها للتعاون مع طلبات سابقة لقطر، بتخفيف وجودها العلني، ووقف استخدام أراضيها في أي نشاط ضد إسرائيل، ومغادرة بعض كوادرها كذلك.
وتدرك حماس أن خياراتها بعد قطر أصبحت صعبة للغاية، فقد خسرت الحركة مقرها الدائم والطويل في سوريا، ويصعب عليها الذهاب إلى إيران الذي يعدّ مغامرة قد تكلفها رصيدها السني، فيما يُستَبعد أن تفتح مصر ذراعيها لحماس للإقامة فيها، بسبب صراع القاهرة الكبير مع تنظيم الإخوان المسلمين.
وتفضِّل حماس البقاء في قطر في الوقت الحالي، إذ توفر العاصمة القطرية للحركة، الدعم السياسي والمالي، والحماية الأمنية على أراضيها أيضاً، وهذا لن يكون متوفراً في عواصم أخرى.
وقال القيادي في حركة حماس أحمد يوسف، إن حركته مستعدة لمغادرة قطر حال أرادت الدوحة ذلك، مؤكداً أن كثيراً من قيادات الحركة غادر قطر طوعاً، لعدم وضع الدوحة في موقف حرج أمام أي طرف كان.
وأضاف، في حديث بثته وكالة «معا» المحلية: «إن حماس مستعدة لنقل مكتبها السياسي إلى أي مكان في حال طلبت قطر ذلك، من أجل تخفيف الضغط عليها فالدوحة كانت وما زالت من أكثر الداعمين للفلسطينيين وحماس ونكنّ لها كل الاحترام والتقدير». وتابع يوسف: «قيادات حماس يمكن أن تستقر في ماليزيا أو لبنان، أو تعود إلى غزة التي ستبقى الحاضنة لكل قيادات الشعب الفلسطيني».
ولم يُشِر القائد الحمساوي، إلى إمكانية أن تستقر حماس في إيران، على الرغم من أنه أكد أن اتصالات حماس مع إيران لم تنقطع قطّ، على الرغم من أحداث سوريا والعراق، وهي منذ 6 أشهر في طور التحسن.
ووفقا لما قال، فإن «التحالفات الجديدة في المنطقة، ستدفع باتجاه سرعة إعادة توطيد العلاقة بين حماس وإيران، لحماية مصالح الحركة ومشروعها الوطني».
وزعم يوسف أن «انحراف البوصلة لدى بعض الدول العربية والإسلامية، قد يدفع بعض الحركات الإسلامية - الإخوان المسلمين - إلى التوجه نحو تحالفات جديدة ودول قوية في المنطقة لحماية نفسها، مثل إيران».
وفي الوقت الذي لم تتضح فيه بعد خطوة حماس المقبلة في ظل التطورات التي وضعتها في عين العاصفة، حذرت مصادر إسرائيلية من أن تداعيات الأزمة المتعلقة بحماس قد تؤثر على حلبة جديدة وهي غزة.
وكتب المحلل الإسرائيلي للشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، القريب من قادة الأمن والجيش، في صحيفة «هآرتس»، أمس: «إن تراجع الدعم القطري لحماس في أعقاب الأزمة الخليجية، قد يحث الحركة على التصعيد في الصيف القريب، على خلفية أزمة المياه والكهرباء المتفاقمة في القطاع».
وأضاف أن تفاقم الأزمة في غزة يقلق القيادة الإسرائيلية، خصوصاً أن الحركة قامت في الأسبوعين الأخيرين بتشجيع المظاهرات على الحدود الشمالية للقطاع، التي تحول بعضها إلى العنف.
ويوضح هرئيل كيف أن قطر أضحت في السنوات الأخيرة، الداعم الوحيد لحكم حماس في القطاع، بعد تدهور العلاقات مع مصر إثر سقوط نظام الإخوان المسلمين وصعود عبد الفتاح السياسي، عام 2013، وتقليص الدعم الإيراني على خلفية الصراع السني - الشيعي في الحرب الأهلية في سوريا، وتراجع الدور التركي الداعم لحماس عقب اتفاق المصالحة مع إسرائيل، وزيادة متاعب الرئيس إردوغان في بلده وخارجها.
وظلَّت قطر تدعم الحركة مالياً وسياسياً، فنقلت أكثر من مرة أموالاً لخزينة حماس، لسد احتياجات سكان غزة، وتدخلت لحل أزمات الحركة مع مصر، وإسرائيل والسلطة. وحضنت في السنوات الأخيرة، رموز حركة حماس، وعلى رأسهم الرئيس السابق للمكتب السياسي، خالد مشعل. وكذلك رموز عسكرية للحركة، مثل صالح العاروري، الذي طردته إسرائيل من الضفة قبل 7 سنوات ووصل إلى تركيا، فطُرِد منها بضغط أميركي، حيث واصل العاروري نشاطه العسكري ضد إسرائيل.



انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

بالتزامن مع بيانات أممية أكدت اتساع رقعة الفقر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تواصل الجماعة المدعومة إيرانياً إشعال الصراعات القبلية التي تحولت إلى أحد مصادر كسب الأموال لدى قادتها، إلى جانب إشغال فئات المجتمع بالصراعات البينية لتجنب أي انتفاضة شعبية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

وذكرت مصادر قبلية أن وجهاء محليين في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أبرموا اتفاقاً للهدنة بين قبيلتي «المعاطرة» و«ذو زيد» بعد أسبوع من المواجهات القبلية التي أدت إلى وقوع 16 قتيلاً وجريحاً من الجانبين.

عناصر حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن الوسطاء أعادوا فتح الطرقات بين منطقتي المواجهة التي تأتي في سياق تغذية الصراعات القبلية في المحافظة لإضعاف القبائل وإبعادها عن أي مواجهة مرتقبة مع الحوثيين.

واندلعت الاشتباكات - بحسب المصادر - نتيجة خلافات قبلية على ملكية جبل يسمى «نهم» يفصل بين القبيلتين، ويدَّعي كل طرف ملكيته، لكنها اتهمت قيادات في جماعة الحوثي بالوقوف خلف تلك الاشتباكات بعد تغذيتها للخلافات بين الطرفين منذ ما يقارب الشهرين، وعدم فصلها فيها رغم لجوء الطرفين إلى المشرفين الحوثيين هناك.

نزاع في إب

وفي مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قام القيادي الحوثي أشرف الصلاحي، وهو المسؤول عن إدارة المديرية، بشن حملة لاختطاف العشرات من السكان، وتغذية خلافات بين عائلتي «شهبين» و«عبية» على خلفية السعي لافتتاح طريق فرعي يمر عبر أراضٍ زراعية تملكها الأولى، رغم وجود طريق رئيسي تم تعبيده على نفقة السكان، ويُستخدم منذ عشرات السنين.

ووفقاً لما ذكره سكان في المنطقة التي تعد واحدة من بؤر المعارضة لسلطة الحوثيين، نشب خلاف بين الأسرتين في قرية «الشريحيين» بعزلة الأملوك حول استحداث طريق إضافي في المنطقة، حيث رفضت عائلة «شهبين» ضغوط القيادي الحوثي الصلاحي المعين مديراً للمديرية لفتح الطريق بقوة السلاح.

حملة عسكرية أرسلها الحوثيون لنصرة طرف ضد آخر في محافظة إب (إعلام محلي)

وأكد السكان أن الوضع في طريقه للانفجار في ظل إصرار القيادي الحوثي على انحيازه إلى أحد الأطراف، والحصول على أموال مقابل ذلك الموقف، وتمسُّك المعارضين بموقفهم.

وطبقاً لما روته مصادر قبلية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين الحوثيين في معظم المناطق يعتمدون على الجبايات في جمع الأموال، وتدبير نفقاتهم وإدارتهم، حيث يرغمون السكان على دفع نفقات تحرك أفراد الشرطة لمعاينة أي حادثة أو إحضار أحد المطلوبين، كما يحرصون على أن يكونوا محكمين في أي قضايا خلافية بين السكان للحصول على مبالغ مالية والحيلولة دون وصول هذه القضايا إلى المحاكم.

العبث بالقضاء

كانت الجماعة الحوثية قد شكلت قبل عامين ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.

وأخيراً منحت الجماعة نفسها من خلال التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية، حق تعيين معممين طائفيين قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة 3 أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هوى الجماعة.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

التعديلات التي قوبلت باعتراض رسمي وشعبي واسع رفضتها نقابة المحامين اليمنيين؛ إذ عبّرت عن أسفها من إقدام ما يسمى مجلس النواب في صنعاء الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسيين، على إقرار مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش.

وبينما أكدت النقابة تمسُّكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية برمتها، وإدانة تمرير المشروع، رأى محامون أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول ما يسمى مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الجماعة»، وإجبار القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها.

ووصف المحامون تلك التعديلات التي أُدخلت على قانون السلطة القضائية بأنها نتيجة التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

اشتداد الفقر

تأتي هذه الممارسات الحوثية بينما لا يزال انعدام الأمن الغذائي مرتفعاً، حيث يعاني واحد من كل اثنين من الأسر من استهلاك غير كافٍ للغذاء، في حين تأثرت نحو 43 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الجماعة بشكل كامل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة استهلاك الغذاء الرديئة، وهي مقياس للحرمان الشديد من الغذاء، تعكس مستويات مثيرة للقلق حيث تأثرت نحو 20 في المائة من الأسر سلباً، وفق ما ورد في بيانات أممية حديثة.

مع اتساع رقعة الفقر يخشى الحوثيون من انتفاضة شعبية (الأمم المتحدة)

وطبقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يرجع في المقام الأول إلى خفض المساعدات الإنسانية، ما يؤثر في أولئك الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع الفيضانات الأخيرة والانحدار العام في سبل العيش.

وأدى ذلك - وفق المنظمة الأممية - إلى صدمات للأسر وفقدان الدخل في تلك المناطق، حيث أثرت على نحو 59 في المائة من الأسر، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالشهرين الماضيين، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فقد واجهت نحو 53 في المائة من الأسر صدمات خلال شهر.