برلمان تونس يقر مقترحاً لمحاكمة المتشددين أمام {الجنائية الدولية}

برلمان تونس يقر مقترحاً لمحاكمة المتشددين أمام {الجنائية الدولية}
TT

برلمان تونس يقر مقترحاً لمحاكمة المتشددين أمام {الجنائية الدولية}

برلمان تونس يقر مقترحاً لمحاكمة المتشددين أمام {الجنائية الدولية}

وافق البرلمان التونسي خلال جلسته العامة أمس، على مقترح تقدمت به «حركة مشروع تونس» المعارضة، يدعو إلى عرض الإرهابيين التونسيين الموجودين في بؤر التوتر على أنظار المحكمة الجنائية الدولية، عوض الاكتفاء بتجريمهم وفق قانون مكافحة الإرهاب المحلي، المصادق عليه في تونس سنة 2015.
ودعا صلاح البرقاوي، النائب في البرلمان عن حركة مشروع تونس، الأحزاب السياسية وممثليها في البرلمان إلى مساندة وتأييد هذا المقترح، الذي يقضي بملاحقة ومعاقبة الإرهابيين التونسيين المشاركين في جرائم «داعش» و«جبهة النصرة» و«جبهة الشام»، و«القاعدة»، وغيرها من التنظيمات المصنفة في خانة الإرهاب.
وفي رده على الانتقادات الموجهة إلى هذا المقترح، باعتبار أنه يخالف دستور البلاد، شدد البرقاوي على أن هذا المقترح لا يتضمن أي مخالفة أو إخلال بالدستور، بل يتوافق مع المعاهدات الدولية، التي صادقت عليها تونس، ومن بينها نظام روما الأساسي المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، الذي تم اعتماده في يوليو (تموز) 1998.
وتتهم عدة أحزاب الإرهابيين التونسيين بالتورط في جرائم ضد الإنسانية، وهو ما يبرر تطبيق لوائح نظام المحكمة الجنائية الدولية في حقهم، ورفعت هذه الأحزاب شعار «لا لعودة الإرهابيين التونسيين» إلى البلاد من بؤر التوتر، ونظمت عددا من المسيرات الاحتجاجية الرافضة لعودتهم.
لكن المقترح المقدم من قبل «حركة مشروع تونس» لقي عدة انتقادات رغم موافقة البرلمان عليه، ومن بينها أن القضاء التونسي قادر على الحسم في هذه القضايا باقتدار، وبالتالي لا توجد ضرورة لاتخاذ مثل هذا الإجراء، كما أن ترسانة القوانين المجرمة للإرهاب وللتنظيمات الإرهابية متوفرة في الدستور وقادرة على معاقبة كل مقترفي الجرائم الإرهابية، سواء داخل تونس أو خارجها. والأهم من ذلك كله أن عدد التونسيين المنضمين للتنظيمات الإرهابية يصل إلى الآلاف، مما يجعل من الصعب تتبعهم بصفة جماعية، ودراسة لاختلاف حالاتهم وتحديد مستوى مشاركتهم في الجرائم الإرهابية. وفي هذا الصدد قال عمار عمروسية، النائب عن تحالف الجبهة الشعبية المعارضة، إن مقاومة الإرهاب أمر ضروري، لكنها تتطلب الوضوح ومقاربة ناجعة. ودعا إلى فتح ملف شبكات التجنيد والتسفير من خلال اللجنة البرلمانية التي تشكلت لهذا الغرض، بغية تحديد مسؤوليات بعض الأطراف السياسية التي قد تكون دعمت أو غضت الطرف عن هذه الظاهرة، التي ورطت آلاف الشبان التونسيين.
وفي حين أعلنت وزارة العدل إحالة نحو 1951 قضية إرهابية أمام المحاكم، شدد غازي الجريبي، وزير العدل، على وجود تعاون قائم مع عدد من البلدان المعنية بملف تسفير التونسيين إلى أماكن القتال وارتكاب جرائم إرهابية، مشيرا إلى إرسال إنابات عدلية إلى كل من ليبيا وسوريا لتعقب الإرهابيين التونسيين الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية في هذين البلدين.
وكان هادي المجدوب، وزير الداخلية، قد أعلن عن وجود ثلاثة آلاف تونسي داخل التنظيمات الإرهابية، يتوزعون بين سوريا وليبيا والعراق ودول أخرى، يوجد نحو 60 في المائة منهم في سوريا، و30 في المائة في ليبيا، والبقية في مناطق نزاع مختلفة.
ووفق مصادر رسمية، فقد عاد إلى تونس نحو 800 إرهابي منذ سنة 2011، بينهم 190 يقبعون في السجون، و137 تحت الإقامة الجبرية، و55 تم القضاء عليهم خلال المواجهات المسلحة في الأحداث الإرهابية، أما البقية فيخضعون للمراقبة الأمنية، فيما لقي 760 إرهابيا حتفهم في بؤر التوتر.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.