ما زال المواطنون في المناطق التي خضعت لسيطرة تنظيم داعش، يعانون أوضاعا معيشية واجتماعية وإنسانية معقدة، رغم تمكن قوات الأمن العراقية من طرد التنظيم الإرهابي من أغلبها بعد سيطرته عليها في يونيو (حزيران) 2014. ولعل من بين الأوضاع التي ما زالت بحاجة لحلول جذرية من قبل الدولة، تلك المتعلقة بعائلات عناصر «داعش» عموما، والنساء اللاتي تزوجن منهم وأطفالهن.
وتعتقد الناشطة المدنية ورئيسة «منظمة أمل» المدافعة عن حرية المرأة، هناء أدور، بأن أغلب النساء اللائي تزوجن من عناصر «داعش»: «محطمات وبحاجة ماسة إلى الرعاية النفسية والشعور بالأمان، وإلى مرونة من مؤسسات الدولة، لإعادة الثقة لهن وتضميد جراحهن». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو تزوجن عن طيب خاطر من عناصر (داعش)، فلا بد من رعايتهن؛ لأنهن ببساطة كنّ مضطرات لفعل ذلك، وربما لا يعلمن طبيعة عمل أزواجهن، كما يحدث مع كثيرات غيرهن وفي ظروف طبيعية».
وتعترف هناء أدور، بعدم وجود إحصاءات دقيقة حول أعداد النساء المتزوجات من عناصر من «داعش». لكن الباحث والمتخصص في الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، الذي يرأس فريقا بحثيا لتقصي حالات الزواج هذه، يشير إلى أن الوثائق التي تركها التنظيم تسجّل نحو 3700 حالة زواج أقرتها محاكمه الشرعية. ويؤكد الهاشمي، أن الرقم المسجل يشمل حالات زواج لعناصر «داعش» وغيرهم من السكان المحليين، ولا يعني أنها تمثل مجموع حالات الزواج التي تمت خلال السنوات الثلاث من سيطرة التنظيم؛ لأن كثيرا من السكان المحليين يتزوجون خارج سجلات أو محاكم «داعش».
وتوصل الفريق البحثي إلى وجود 4 حالات للزواج من عناصر «داعش» أثناء سيطرته على الموصل ومناطق أخرى، الأولى زواج المرأة من عنصر داعشي برضا وعلم أهلها وأولياء أمرها. والثانية الزواج بإكراه تتعرض له الفتاة من أولياء الأمور، مثل الأب أو الأخ. والثالثة هي الزواج من دون علم أولياء الأمور؛ لأنهم غادروا هربا من «داعش» خوفا على حياتهم من بطشه؛ لأنهم عملوا في صفوف الشرطة أو غيرها. أما الحالة الرابعة فهي النساء المتزوجات من مقاتلين أجانب، والأخير من أكثر أنواع الزواج تعقيدا لصعوبة إثبات هوية الأب.
ويقول الهاشمي إن «عناصر من 68 جنسية أجنبية انضمت للقتال مع (داعش) في العراق، وأكثر الزيجات من الأجانب حدثت في غرب الموصل ومدينة تلعفر ذات الأغلبية التركمانية، وأغلب عمليات الزواج حدثت مع العناصر الأذربيجانية باعتبار أصولهم التركمانية». ويعتقد أن أكبر المشكلات المتعلقة بالزواج من عناصر «داعش»، تتعلق بهذه الفئة، حيث تعجز السلطات العراقية عن إثبات نسب الأطفال إلى آبائهم بحكم مغادرتهم للعراق أو قتلهم، ولا توجد لديهم وثائق ومستمسكات رسمية، الأمر الذي اضطر الدولة إلى إحالة الأطفال إلى قانون التعامل مع اللقطاء، ويتم تسجيلهم باسم الأب أو الأخ من ناحية الأم، ويؤكد الهاشمي «وجود نحو 67 حالة من هذا النوع».
وتتفق أغلب الأطراف العاملة على ملف الزواج، على أن الحكومة العراقية تتعامل مع أغلب حالات الزواج من عناصر «داعش» من وجهة نظر قانونية، وتعتبرها زيجات شرعية، باستثناء زواج المرأة من مقاتل أجنبي، وتقوم الدولة عبر عمليات التدقيق الأمني بتحديد عناصر «داعش» وتاليا معرفة زوجاتهم وأبنائهم.
ويقول الهاشمي إن عملية التدقيق الأمني المتعلقة بالزواج وبعد التأكد من انتساب الشخص إلى «داعش»، تشترط وجود «ورقة من المحكمة الشرعية لـ(داعش) وهي تكفي لتحويلها إلى عقد قانوني ورسمي حكومي، وإن تعذر وجود ذلك، فيتوجب على المرأة الإتيان بشاهدين يؤكدان صحة الزواج، مع إقرار أهل الداعشي بشرعية الابن وزواج ابنهم من المرأة، ثم يصادق القاضي الحكومي على عقد الزواج».
وحسب الهاشمي تمكنت الدولة عبر عمليات التدقيق من «رصد 80 حالة زواج من عناصر (داعش)، أما غير المنتمين فتتم عملية المصادقة على زواجاتهم بطريقة سهلة». ويشير إلى أن بعض الحالات يقوم فيها أهل العنصر الداعشي بنكران زواج ابنهم من هذه المرأة أو تلك، ولا يقبلون بالابن المولود، وفي هذه الحالة تتم الاستعانة بفحص الحمض النووي، وذلك يستغرق من شهر إلى ستة أشهر؛ لأن هذا النوع من الفحوصات متوفر في العاصمة بغداد فقط.
يشار إلى أن بعض أسر عناصر «داعش» محتجزون في معسكر مجاور لمخيمي الجدعة الأول والثاني للنازحين قرب القيارة جنوب الموصل. ولا يجرّم القانون العراقي أسر الدواعش، إلا أن عشائر ومجالس محافظتي صلاح الدين والأنبار أمرت بنقلهم إلى خارج المحافظتين، وليس من الواضح بعد قيام عشائر نينوى بعمل مماثل.
4 طرق لزواج العراقيات من «الدواعش»
مصير أبناء المقاتلين الأجانب «دور اللقطاء»
4 طرق لزواج العراقيات من «الدواعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة