حمزة بن لادن... نجل أسامة الغامض ووجه «القاعدة» الجديد

قدمه الظواهري للعالم في 2015 وظهر مؤخراً لاجتذاب الشباب

أسامة بن لادن مع نجله حمزة
أسامة بن لادن مع نجله حمزة
TT

حمزة بن لادن... نجل أسامة الغامض ووجه «القاعدة» الجديد

أسامة بن لادن مع نجله حمزة
أسامة بن لادن مع نجله حمزة

الصوت كان لصاحب النبرة الرقيقة ابن الثامنة والعشرين عاما، والرسالة كانت لزعيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن بامتياز عند إصداره أوامر بالقتل. فعندما جرى تحميل المقطع الصوتي على موقع للمتطرفين منذ أسبوعين، بدا وكأن روح الإرهابي القتيل قد حلت في ابنه المقرب.
وفي تسجيل صوتي بنبرة تقترب إلى حد بعيد من نبرة والده، وجه حمزة بن لادن، ابن العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول)، نداء قال فيه: «استعدوا لشن ضربات تشلون بها أيادي الكفار... سيروا على خطى من نالوا الشهادة قبلكم». يعتبر التسجيل الذي أذيع للمرة الأولى في 13 مايو (أيار) الماضي، ضمن سلسلة من البيانات التي صدرت عن شاب يراه كثير من خبراء الإرهاب «ولي عهد التنظيم الإرهابي العالمي». أذيع المقطع الصوتي قبل يومين فقط من تفجير مانشستر الانتحاري بإنجلترا، وشمل نداء لشن هجمات محددة على مدن أميركية وشمال أوروبية للثأر من الضربات الجوية.
وتضمن التسجيل أدلة جديدة على حدوث تغييرات قريبة داخل التنظيم الإرهابي الذي أعلن الحرب على الغرب منذ قرابة العقدين، وفق مسؤولي استخبارات أميركيين وأوروبيين وشرق أوسطيين وخبراء في الإرهاب.
ونتيجة لتراجع تنظيم داعش في العراق وسوريا، يعمل تنظيم «القاعدة» على اللعب على اجتذاب أعضاء «داعش» المتمردين والمتعاطفين مع «القاعدة» حول العالم، بحسب محللين.
ويبدو أن التحول يهدف إلى تمكين رمز شاب صاحب اسم كبير في التنظيم للعب دور قيادي في إعادة صياغة طبيعة العمليات لتحاكي أسلوب تنظيم داعش ضد خصوم في الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا الشمالية.
وأفاد مسؤول أمني شرق أوسطي طلب عدم ذكر اسمه بأن «القاعدة» تحاول استغلال اللحظة الراهنة التي يتعرض فيها تنظيم داعش للهجوم لتوفير بديل آخر، مضيفا أن «اسم بن لادن كان الأقوى والأكثر تأثيرا».
ويعتبر حمزة بن لادن جديدا على عالم التطرف المسلح، حيث تعود بداياته إلى عام 2015 عندما قدمه زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري في مقطع مصور بوصفه «أسد من عرين» تنظيم القاعدة. لكن في الشهور الأخيرة ظهر في المواقع الموالية لـ«القاعدة» بوصفه نجما صاعدا يحث أتباعه على القيام بهجمات أو التعليق على أحداث الساعة. ويقول محللو قضايا الإرهاب إن إظهار حمزة بن لادن يقصد به اجتذاب المغرمين بالأب أسامة بن لادن من المسلحين الإسلاميين الذين يرون أن «القاعدة» قد ولى زمنها.
وقال بروس ريدل الذي قضى 30 عاما في العمل بوكالة الاستخبارات الأميركية: «سي آي إيه» ويعمل الآن مديرا لمشروع معهد بروكنغز للدراسات: «حمزة يعتبر أكثر الشخصيات التي تتحلى بالكاريزما في الجيل الجديد بسبب تاريخه وميوله». وأضاف أنه «في الوقت الذي خبا فيه نجم الظواهري والبغدادي، برز حمزة كنجم جديد».
غير أن حمزة بن لادن لا يتبع أسلوب والده نفسه في القتال، فأسامة بن لادن كان معروفا عنه طموحه الكبير، وعملياته الإرهابية الدقيقة التي يتقن حبكتها جنرالات «القاعدة» التي تستهدف أهدافا استراتيجية. وعلى النقيض، فإن ابنه يحث أتباعه على اقتناص أي فرصة لضرب الأهداف والمصالح الأوروبية والأميركية والمناصرة للغرب باستخدام أي أسلحة قد تكون متاحة أمامهم.
وبحسب المقطع الصوتي الذي ظهر في 13 مايو لحمزة بن لادن: «لا يهم أن يكون معك سلاح عسكري. إن استطعت استخدام مسدس، فلا بأس، فإن لم تجد، فالخيارات متاحة وكثيرة».
الغريب أن رجلا يطمح في أن يكون النجم القادم للجيل الجديد من المتطرفين، والمقصود هنا أن حمزة بن لادن يصر على إخفاء جميع بياناته الشخصية عن الناس، حتى وجهه.
لا توجد صور شخصية مؤكدة للإرهابي الشاب منذ طفولته عندما ظهر في بعض الصور بوصفه طفل والده المدلل. ويعتقد أنه متزوج وله طفلان على الأقل وعاش لفترة في منطقة قبلية شمال غربي باكستان، لكن موقعه تحديدا غير معلوم.
وربما يكون سبب رفضه نشر صورته الشخصية هو حرصه على سلامته، لكن ذلك يعقد من مهمة المسلحين الإسلاميين في جعله أيقونة الإرهاب، بحسب ستيفين ستيلنسكي، المدير التنفيذي لمعهد أبحاث الشرق الأوسط بواشنطن المعني برصد الميليشيات المتطرفة على مواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف ستيلنسكي: «الموالين لـ(القاعدة) والمناهضين لـ(داعش) يريدون ملهما، ويدركون أن بمقدور حمزة أن يكون ذلك الملهم»، لكن بالنسبة لشباب هذه الأيام، فهناك حاجة لما هو أكثر من الصور القديمة والمقاطع المصورة.
معلوماتنا عن حمزة بن لادن حصلنا عليها من تسجيلاته الكثيرة ومن التقارير الاستخباراتية وكميات الوثائق التي حصلت عليها الولايات المتحدة أثناء الحملة التي شنتها لاعتقال أسامه الأب عام 2011 من بيته بباكستان. من ضمن كنز الوثائق كانت بعض الخطابات الشخصية التي أرسلها حمزة إلى والده وبعض التعليمات المدونة من أسامة إلى مساعديه بشأن كيفية تعليم وتنشئة حمزة.
وتكشف الوثائق عن الصلة الخاصة التي جمعت حمزة بأبيه التي استمرت رغم فترات التباعد الطويلة. يعتبر حمزة الابن الخامس عشر ضمن نحو 20 طفلا لأسامة، وهو الابن الوحيد من زوجة أسامة الثالثة.
وقضى حمزة فترة طفولته الأولى بين والديه، في البداية في السعودية ولاحقا في السودان وأفغانستان عندما شرع أباه في تكوين شبكته الإرهابية العالمية. ووفق صديق مقرب من العائلة، فإن حمزة أظهر في فترة طفولته قدرا كبيرا من الطموح المبكر.
وأضاف الصديق الذي ينتمي إلى تنظيم القاعدة منذ زمن طويل الذي أمكن التواصل معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «كان حمزة صبيا ذكيا ونبيها إلى حد بعيد، ومغرما بركوب الخيل مثل والده». ورغم أن والديه أرادا له أن يبقى بعيدا، فقد جادل معهما كثيرا لأنه أراد استكمال مسيرة والده.
*خدمة «واشنطن بوست» - * خاص بـ«الشرق الأوسط»


مقالات ذات صلة

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.