اليونيسيف: 100 ألف طفل عراقي مهددون بالموت غرب الموصل

مدنيون هاربون: أوضاع المحاصرين تزداد سوءاً مع اشتداد المعارك

أم تهز أرجوحة طفلها في مخيم الخازر لنازحي الموصل أمس (أ.ف.ب)
أم تهز أرجوحة طفلها في مخيم الخازر لنازحي الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

اليونيسيف: 100 ألف طفل عراقي مهددون بالموت غرب الموصل

أم تهز أرجوحة طفلها في مخيم الخازر لنازحي الموصل أمس (أ.ف.ب)
أم تهز أرجوحة طفلها في مخيم الخازر لنازحي الموصل أمس (أ.ف.ب)

تزداد أوضاع المدنين المحاصرين من قبل تنظيم داعش، فيما تبقى من أحياء الموصل، سوءاً تحت وطأة الحصار والجوع وانتشار الأمراض، وسط اشتباكات شرسة بين القوات العراقية ومسلحي التنظيم، بينما كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، أمس، أن نحو 100 ألف طفل عراقي مهددون بالموت غرب الموصل.
وقال أحمد عبد الله، المواطن الموصلي الذي تمكن مع عائلته خلال الأيام الماضية من الهروب من المدينة القديمة، لـ«الشرق الأوسط»: «التنظيم يُعدم يومياً العشرات من المواطنين في المناطق الخاضعة له. فقبل خروجنا من الحي الذي نسكنه، أعدم (داعش) أكثر من 40 شاباً ورجلاً عند محاولتهم الهرب باتجاه القوات الأمنية. كذلك نحن عندما هربنا من المنطقة، أطلق قناصو التنظيم النار علينا، فقتل عدد كبير من المدنيين، بينما أُصبت أنا برصاصة في ساقي».
سلمى صباح، طفلة لم تتعد بعد سن الثامنة، فقدت والديها وإخوتها الثلاثة أثناء محاولتهم الهروب من حي الزنجيلي، وروت ما شاهدته من أحداث خلال الهروب من الزنجيلي باتجاه القوات الأمنية، وقالت: «كنا نركض باتجاه الجيش، وفجأة سمعت أصوات إطلاق نيران كثيفة، وسقط والداي وإخوتي على الأرض، وسال الدم من جثثهم، كذلك الحال للناس الآخرين الذين كانوا معنا أثناء الهروب»، لافتة إلى أن العشرات من الأطفال من أصدقائها قتلوا خلال الهروب بقناصة «داعش».
ودعت منظمة اليونيسيف جميع الأطراف في غرب الموصل إلى حماية الأطفال، وإبعادهم عن الأذى في جميع الأوقات، وكشفت المنظمة عن أحدث إحصائية لها عن الأطفال المهددين بالموت في الموصل، وقال ممثل اليونيسيف في العراق بيتر هوكينز، في بيان: «هناك ما يقدر بـ100 ألف فتاة وفتى ممن لا يزالون يرزحون تحت ظروف بالغة الخطورة في المدينة القديمة ومناطق أخرى من غرب الموصل. كثير من هؤلاء عالقون بين إطلاق النار المتبادل، وتفيد التقارير الواردة بتعرّض المستشفيات وغيرها من المرافق الطبية للهجوم».
بدوره، شدد مسؤول لجنة حقوق الإنسان في مجلس محافظة نينوى، غزوان حامد، على أن الأطفال النازحين بعد وصولهم إلى مخيمات النزوح في جنوب وشرق الموصل يخضعون لبرامج تأهيل نفسية من قبل الحكومة العراقية وعدد من المنظمات الدولية المختصة بهذا المجال، وأضاف: «الوضع الذي يمر به البلد استثنائي، وليس بإمكان الحكومة في ظل هذه الظروف تقديم كل شيء، خصوصاً أن المكان الذي ينزح منه الأطفال ويعيشون فيه هي مناطق عسكرية».
وتزامناً مع استمرار تدفق موجات المدنيين الهاربين من المناطق الخاضعة لتنظيم داعش، واصلت القوات الأمنية، أمس، خوض الاشتباكات ضد مسلحي التنظيم في أحياء الزنجيلي والشفاء والمدينة القديمة، بينما وجهت طائرات القوة الجوية العراقية ضربات دقيقة لمواقع وتجمعات «داعش»، استناداً إلى معلومات استخبارات قيادة عمليات «قادمون يا نينوى». وذكر بيان لخلية الإعلام الحربي أن الضربات الجوية أسفرت عن تدمير مخزن للأسلحة والعتاد تابع لـ«داعش» في قرية الزنازل، الواقعة على جانب الطريق العام الرابط بين الموصل والكسك، ودمرت ضربة أخرى معملاً لصناعة العبوات الناسفة وقنابل الهاون في ناحية المحلبية.
وكشف البيان أن إحدى الضربات استهدفت 3 مواقع تابعة للتنظيم، كانت مفتوحة على بعضها في حي العروبة، أحد أحياء قضاء تلعفر، تستخدم كمعمل لتفخيخ العجلات، مبيناً أن 17 مسلحاً، من ضمنهم خبراء في مجال المتفجرات، كانوا داخل المعمل. كما دمرت الضربات الجوية كراجاً يستخدم كورشة لتصفيح العجلات في قضاء تلعفر، حي العروبة.
في غضون ذلك، نفذت الطائرات العراقية غارات جوية مكثفة، أمس، على قضاء الحويجة، التابع لمحافظة كركوك، وأدت الغارات إلى تدمير مقرين تابعين لـ«داعش» ومخزن للأسلحة والعتاد، وأسفرت عن مقتل العشرات من مسلحي التنظيم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم