الدوحة نقضت «اتفاق الرياض» بدعم الإعلام المعادي للخليج

فتحت نوافذ لجماعات متطرفة لمهاجمة دول المنطقة

الدوحة نقضت «اتفاق الرياض» بدعم الإعلام المعادي للخليج
TT

الدوحة نقضت «اتفاق الرياض» بدعم الإعلام المعادي للخليج

الدوحة نقضت «اتفاق الرياض» بدعم الإعلام المعادي للخليج

في العام 2014. كان ما يُعرف إعلاميا بـ«اتفاق الرياض» نقطة مهمة في السياسة القطرية، بعد زلزال أغرق الدوحة في بحر الغضب الخليجي حين أعلنت ثلاث دول خليجية: السعودية، والإمارات، والبحرين، سحب سفرائها من دولة قطر، بعد فشل كافة الجهود في إقناع قطر بضرورة الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول مجلس التعاون بشكل مباشر أو غير مباشر، واتجاه الدوحة آنذاك للتأثير السياسي على بعض دول المجلس، ودعم الإعلام المعادي للمنظومة الخليجية.
حينها كان اتفاق الرياض، بوابة العودة للدوحة، التزمت فيما يُرى بالشكل، لا المضمون، وإن كانت بعض نتائج الاتفاق أصبحت سريعة خاصة عبر الإعلام، حيث أغلقت قناة «الجزيرة مباشر مصر»، ولمس من يتابع بدقة الخطاب في سياسة قطر الإعلامية عبر منبر الجزيرة أصبحت في إطار الموضوعية لا البحث بمجهر في طرقات الحدث السعودي.
كان تعويل قطر على جماعة الإخوان المسلمين في عدد من الدول، خاصة مصر، أحد الأهداف التي كانت تموج بها القناة القطرية، لكن سقوط الجماعة عن الحكم في أقل من عام، أعطى حركة أسرع في تفاصيل الخبر عبر شاشاتها لتكون مهاجمة في وقت كانت مصر تتفادى الكثير من الضربات الاقتصادية والأمنية، لمعاودة الركض على الأقل كما هي اليوم.
انتهت تلك الأزمة. ضبط اتفاق الرياض السياسة القطرية حتى حين، لكنها ظلت حتى ما بعد موضوع تصريحات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التي تبعت قمة الرياض، القمة العربية الإسلامية الأميركية، وادّعت وكالة الأنباء القطرية أنها تعرضت إلى «قرصنة إلكترونية»، رغم أن تفاصيل التقنية ووجه السياسة الآخر لدى الدوحة أعطى كل ذلك مؤشرا أن الحقيقة هي ما ظهر أولا.
ما حدث في تلك الآونة، هو اتجاه الآلة الإعلامية القطرية إلى دور بتكتيك متعدد الأوجه، أسست صحفا وألغت الدعم عن صحف أخرى، وافتتحت قناة تلفزيونية، وجعلت منابر لصحافة الشباب في منصات اجتماعية، ولم تجعل لأي منها أن يكون مركزها الرئيسي في قطر.
صممت قطر قناتها التلفزيونية الجديدة، وبدأ العمل في أواسط العام 2014، لتكون القناة فتحا لتلميع الصورة القطرية، وركزت على ذلك، ويرأس المستشار في الحكومة القطرية، عزمي بشارة، مجموعة إعلامية تشرف على القناة، مؤسسات إعلامية أخرى، أتت بعد موجة الغضب على قطر، التي لعبت كثيرا على ما يسمى «الربيع العربي» قبل أن تجعله جماعات الإسلام السياسي خريفا مرعبا لا تزال آثاره حتى اليوم.
ويدير عزمي بشارة، الذي يعد أيضا «صديقا» لحكام قطر، المجموعة الإعلامية، ويديرها تنفيذيا رجل أعمال قطري بارز، في طريق وضع بصمة في القوة الناعمة القطرية، خاصة أنها في مرمى الاتهامات بدعم الجماعات المتطرفة والمنظمات التي يرفضها الغرب أيضا.
ما بعد تصريحات الشيخ تميم، صمتت «الجزيرة» ليس كثيرا، لكنها أعادت نهوض خطابها القديم، وإن لم تكن تعرضت للسعودية تصريحا كما كان سابقا، لكنها كانت ترمي من خلف صفوف «الجزيرة»، وعادت الأخيرة في يومين ماضيين.
في وقت تطالب منظمات ودول شتى بمحاسبة «الحشد الشعبي» الذراع العسكرية الإيرانية الطائفية في العراق، نظرا لجرائمه العابرة للحدود العراقية، كان هناك مشهد منقول على شاشة قناة «الجزيرة» القطرية، بتصريح نقلته تلفزيونيا وأمدت به منصاتها في حسابات التواصل الاجتماعي، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، الذي قال إن قوات الحشد ستلاحق تنظيم داعش وتواجهه على أرض المعركة أينما يكون حتى لو في «الرياض»، على حسب تعبيره الذي نقلته «الجزيرة».
نقل يأتي بعد أن قلمت قليلا تلك المخالب التي ترفضها الوحدة الخليجية، بعدم دعم أي حديث مضاد للخليج، ولا يجعل من تلك التصريحات أيا كانت بابا ولو صغيرا لولوج الاحتفاءات به.
مشهد آخر، ومن اليمن، وإن ظلت القناة بعيدة عن أن تنقل تصريحات تهدد السعودية والخليج، إلا أنها عادت إلى ما كانت، حيث نقلت القناة في جزئية واسعة، حديثا للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، الذي أعاد التهديد، بأنه يملك الصواريخ التي لن يطالها أحد، ولو كان بيده ميناء الحديدة - على حد تعبير المخلوع - سيفتحه أمام الإيرانيين ليمدوهم بالسلاح، وفي محور آخر، قال صالح: ندعم «حزب الله» في لبنان بقيادة حسن نصر الله لأنهم يواجهون إسرائيل.
وتظل عين المتابعة وقياس أثر التعاطي من قبل الإعلام القطري في الأزمة اليوم، تجعل المقياس بعيدا عن الغرابة، لأن مشوارها القديم لم يتوقف، بل قامت به فرق رديفة شتى، على الأقل هذا ما يسير في اتجاه التأكيد أن حمل الفكرة المؤدلجة لا يزال في خضم الإعصار، وإن بدا في صورته القاتمة.


مقالات ذات صلة

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد مستثمر ينظر إلى شاشة تعرض معلومات الأسهم في سوق أبوظبي للأوراق المالية (رويترز)

الأخضر يسيطر على الأسواق الخليجية بعد فوز ترمب 

أغلقت معظم أسواق الأسهم الخليجية تعاملاتها على ارتفاع في جلسة الأربعاء، وذلك بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية رسمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتحدثان أمام شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (رويترز)

افتتاحات خضراء للأسواق الخليجية بعد فوز ترمب

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية في بداية جلسة تداولات الأربعاء، بعد إعلان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب فوزه على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

في يومهم العالمي… السعودية تفتتح «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة» وتستعرض تجربتها

الدكتور عبد الله الربيعة استعرض جوانب من تجربة السعودية لأكثر من 3 عقود في فصل التوائم الملتصقة (مركز الملك سلمان)
الدكتور عبد الله الربيعة استعرض جوانب من تجربة السعودية لأكثر من 3 عقود في فصل التوائم الملتصقة (مركز الملك سلمان)
TT

في يومهم العالمي… السعودية تفتتح «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة» وتستعرض تجربتها

الدكتور عبد الله الربيعة استعرض جوانب من تجربة السعودية لأكثر من 3 عقود في فصل التوائم الملتصقة (مركز الملك سلمان)
الدكتور عبد الله الربيعة استعرض جوانب من تجربة السعودية لأكثر من 3 عقود في فصل التوائم الملتصقة (مركز الملك سلمان)

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، اليوم (الأحد)، أعمال «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، بمناسبة مرور 30 عاماً على «البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة»، وسط حضور واسع من عدد من المسؤولين المعنيّين والأطباء والمهتمّين بالمجال.

وبرعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، افتتح الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، الحفل، الذي يوافق اليوم الدولي للتوائم الملتصقة، مشيراً خلال كلمة ألقاها نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين، إلى أن عمليات التوائم الملتصقة تعدّ تحديات معقدة بما في ذلك ندرتها، حيث يقدّر معدل حدوثها بنحو 1 لكل 50 ألف ولادة، مما يتطلب تكريس الجهود العلمية والطبية لتجاوز تلك التحديات وتكثيف المساعي الإقليمية والدولية بما يكفل تذليل الصعاب في هذا المجال.

ولفت إلى أن بلاده أولت اهتماماً منذ أكثر من 3 عقود بحالات التوائم الملتصقة، إيماناً بأهمية تمكينهم بحقوقهم في التمتّع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية، مضيفاً أن ذلك أنتج تقديم نموذج متميز في الرعاية الطبية جسّده البرنامج، وتمثّل في رعاية 143 حالة من 26 دولة وإجراء 61 عميلة فصل ناجحة، مما جعله واحداً من أكبر البرامج الطبية الإنسانية المتخصّصة على مستوى العالم.

وأكدت كلمة خادم الحرمين الشريفين أن «البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة» هو الوحيد المتخصص عالمياً في فصل التوائم الملتصقة، وانطلاقاً من تجربة السعودية الناجحة في عمليات فصل التوائم الملتصقة ودورها، وإيماناً منها بأهمية الاهتمام بهذه الفئة، بادرت المملكة بتقديم مشروع القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، يوماً دولّياً للتوائم الملتصقة، لتعزيز الوعي بحالات التوائم الملتصقة على جميع المستويات.

ودشّن الأمير فيصل بن بندر الموقع الإلكتروني لـ«البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة»، كما رعى عدداً من الاتفاقيات التي وقعها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» مع عدد من الجهات ذات العلاقة لدعم وتمكين أعمالها الإنسانية.

وشهد افتتاح المؤتمر تكريم عدد من الأطباء والشخصيات التي أسهمت في مسيرة عمليات فصل التوائم الملتصقة منذ عقود.

من جانبه، هنّأ تيدروس أدهانوم مدير عام منظمة الصحة العالمية، السعودية على قيادتها في تنظيم هذا المؤتمر المهم بمناسبة اليوم العالمي للتوائم الملتصقة، مؤكّداً أن المؤتمر يوفِّر فرصة لطرح «رؤى حاسمة من الابتكارات الجراحية إلى الاستراتيجيات طويلة المدى»، مما يشكل مبادرات نادرة في المجال، مشدّداً على دعم المنظمة الكامل للسعودية في هذا الإطار.

وأشاد أدهانوم بالدور الرائد للبرنامج السعودي للتوائم الملتصقة، عادّاً أن ما يقدمه البرنامج يمثِّل تقدّماً مذهلاً في العلوم الطبية، ويظهر التزاماً بكرامة وحياة الأطفال المتأثرين وأسرهم، موجّهاً شكراً خاصاً للدكتور عبد الله الربيعة على الدور الذي يلعبه محلّياً وعالمياً في هذا النوع من الجراحات النادرة.

وكشف أدهانوم أن 8 ملايين من الأطفال يعانون من تشوّهات عند ولادتهم، و40 ألفاً يموتون خلال أول شهر من ولادتهم، وتستمر التحدّيات طوال فترة حياة أولئك الأفراد، مثمّناً دور السعودية في مجال التوائم الملتصقة وسجلّها في دعم العائلات وإنشاء منصّات لتوسيع نطاق تسجيل التوائم، مما يساعد الدول ذات المداخيل المتوسطة والقليلة في مواجهة هذه الحالات النادرة.

وأكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف العام على «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، أن هذا التجمع يأتي احتفالاً بمناسبة مرور 3 عقود على بدء البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة، منوّهاً بتوجيه القيادة السعودية بحضور التوائم الذين تم فصلهم في السعودية، «ليكونوا سفراء على تصدّر السعودية بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعالم في هذا المجال الإنساني والطبي الدقيق».

وأضاف الربيعة أن البرنامج منذ بدايته عام 1990، رعى 143 حالة من 26 دولة، وجرى فصل 61 توأماً بنجاح، مع بقاء 7 حالات بانتظار قرار الفصل، وسلّط الضوء على أن البرنامج يعكس التوجه الاستثماري لبلاده في تطوير الكوادر الطبية والتعليم المتخصص، مع الاعتماد على التقنيات الحديثة، ونوّه بالدعم المستمر للقيادة السعودية التي أسهمت في تحقيق إنجازات عالمية غير مسبوقة، مشيراً إلى أن كل الطلبات التي رفعت لمقام القيادة لإحضار الحالات من خارج السعودية قوبلت بالموافقة على الدوام إلى جانب الدعم بما في ذلك الدعم المالي.

وشدّد الربيعة على أن البرنامج سيواصل العطاء والتقدم في هذا المجال، مؤكداً الرسالة الإنسانية التي يحملها البرنامج بغض النظر عن اللون أو الدين أو العرق.

وكانت جلسات المؤتمر انطلقت اليوم (الأحد)، وتستمر حتى غد (الاثنين)، وأشار الدكتور عبد الله الربيعة خلال جلسة حوارية، إلى أن السعودية وضعت نظاماً صحيًّا رقميّاً عبر التقنية بهدف العناية بالتوائم الملتصقة، لافتاً إلى هناك أخلاقيات متعلقة بالتوائم الملتصقة وعمليات فصلهم، وشدّد على أنها لا بد أن تشمل عوائلهم.

وعن صعوبة الوصول إلى الحالات التي تحتاج للتدخل الجراحي في مناطق النزاع، كشف الربيعة عن رقم قياسي تمثّل في تنفيذ 40 عملية جراحية في يوم واحد للاجئين في مناطق بسوريا وتركيا عبر «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».

ووفقاً للمسؤولين، سيتبادل المشاركون من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك بعض التوائم الملتصقة الذين تم فصلهم في إطار البرنامج تجاربهم، لتعزيز التفاهم حول التحديات والفرص القائمة في هذا المجال، وتعزيز جبهة موحدة لمعالجة الصعوبات.