40 % من شركات المقاولات في السعودية «متعثرة»

دعوات لتوفير التمويل والتوازن بين العرض والطلب

يواجه قطاع المقاولات تحديات عدة على المستوى العربي والخليجي والسعودي من أبرزها نقص السيولة والتمويل (تصوير: خالد الخميس)
يواجه قطاع المقاولات تحديات عدة على المستوى العربي والخليجي والسعودي من أبرزها نقص السيولة والتمويل (تصوير: خالد الخميس)
TT

40 % من شركات المقاولات في السعودية «متعثرة»

يواجه قطاع المقاولات تحديات عدة على المستوى العربي والخليجي والسعودي من أبرزها نقص السيولة والتمويل (تصوير: خالد الخميس)
يواجه قطاع المقاولات تحديات عدة على المستوى العربي والخليجي والسعودي من أبرزها نقص السيولة والتمويل (تصوير: خالد الخميس)

دعا اقتصاديون إلى معالجة تعثر بعض مشاريع قطاع المقاولات على المستويين السعودي والعربي، وتهيئتها للمشاركة في أعمال مشاريع وزارة الإسكان السعودية المقبلة، في وقت تعاني فيه 40 في المائة من شركات المقاولات بالمملكة من التعثر.
وذكر فهد الحمادي رئيس اتحاد المقاولين العرب، أن تحديات عدة تواجه قطاع المقاولات على المستوى العربي والخليجي والسعودي من أبرزها نقص السيولة والتمويل، مشيرًا إلى أنه رغم ذلك شهد نموًا وتطورًا ملحوظًا خلال الأعوام العشرة الماضية، من حيث عدد الشركات العاملة وحجم الأعمال، منوهاً بالجهود الساعية لتحريك عجلة التطور والتنمية وتقليل نسبة البطالة.
وشدد الحمادي على ضرورة حماية القطاع، منوهاً بأن حجم استثماراته يبلغ 30 تريليون دولار على المستوى العربي، في ظل وجود 100 قطاع مساند للقطاع، تسهم في توفير فرص عمل كثيرة، مشيرًا إلى أن القطاع يمثل المحرك الأكبر للاقتصاد الوطني والمشغل الأوسع، منوهاً بأهمية تضافر الجهود لحماية استثمارات هذا القطاع، لافتاً إلى حزمة من الرؤى التي ستسهم في نهضة القطاع.
إلى ذلك، قال الدكتور خالد الرويس سعود رئيس جمعية الاقتصاد السعودي: «أنفقت السعودية على مشاريع قطاع المقاولات العقارية في السنوات الـ10 الماضية نحو 4 تريليونات ريال (1 تريليون دولار)، حيث تمثل شركات المقاولات 27 في المائة من إجمالي المنشآت المسجلة في المملكة».
وأضاف أن عدد الشركات والمؤسسات في القطاع بلغ نحو 243 ألف شركة ومؤسسة، منها 173 ألف شركة ومؤسسة صغيرة جداً، و54 ألف شركة صغيرة، و14 ألف شركة متوسطة وألف شركة كبيرة، و242 شركة عملاقة، حيث يعمل نحو 4.5 مليون عامل في مجال البناء.
وتطرق إلى أن حجم أصول قطاع الإنشاءات يبلغ نحو 53.3 مليار دولار، حيث تستحوذ المملكة على 39 في المائة من حجم سوق المقاولات الخليجية، في حين يمثل قطاع المقاولات نسبة تتراوح بين 6 و7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي السعودي.
ولفت الرويس إلى أن حجم هذه الصناعة يبلغ بين 300 (80 مليار دولار) و350 مليار ريال (93.3 مليار دولار)، يعمل فيها 300 ألف مواطن سعودي، منهم 35 ألف مهندس، غير أنه في الوقت نفسه، فإن 40 في المائة، من شركات المقاولات، تعاني من تعثر مشاريعها، وبالتالي تأخر صرف رواتب العمال.
وأكد أن نسبة تعثر المشاريع نتيجة الخلاف على الجودة والمواصفات الفنية قدرت بنحو 70 في المائة، وتقدر نسبة تعثر المؤسسات الصغيرة بسبب الأزمات المالية وعدم الصرف لحقوق العمال والموردين وعدم جدولة المستخلصات، إضافة إلى عدم تعاون البنوك في التمويل بنسبة 90 في المائة.
وقال الرويس: «من أكثر المعلومات التي لفتت الاهتمام هي المعلومة المنشورة على الموقع الرسمي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تنص على أن من أسباب تعثر المقاولات وجود شبهة للفساد والمحسوبية وعدم المتابعة لما يتم تنفيذه، حيث بلغ عدد المشاريع التي تمت مراجعتها منذ إنشاء الهيئة 1526، وبلغت نسبة المتعثر والمتأخر منها 44 في المائة بعدد 672 مشروعًا».
وأشار إلى أن من أهم أسباب تعثر قطاع المقاولات، اعتماده بشكل رئيسي على مشاريع الدولة، وكثير من الصناعات المرتبطة بالبناء اعتمدت في خطط توسعها على مشاريع الدولة المستقبلية حسب الخطط الخمسية، ورغم ذلك ما زالت هناك مشاريع تمت ترسيتها بهذا العام من فوائض إيرادات الميزانيات السابقة تقدر بنحو 2650 مشروعاً، بلغت تكلفتها نحو 18 مليار ريال (4.8 مليار دولار).
من جهته، اتفق عبد الله المليحي عضو مجلس الغرف السعودية، مع الرويس فيما ذهب إليه بأهمية الأخذ بمفهوم النظام التخطيطي الشامل، كوسيلة معاصرة وضرورية لتطوير التخطيط الاستراتيجي على مستوى كل دولة، مع العمل على دمج مفهوم التنمية المستدامة، والمجتمعات المستدامة في صلب العملية التخطيطية الاستراتيجية الشاملة.
وشدد على أهمية التحسب إلى مواجهة الازدياد المطرد في عدد السكان، مع العمل على تفعيل وتطوير آليات متابعة وتنفيذ المخططات العمرانية، من حيث العمران العشوائي، والعمل على إيجاد حلول لارتفاع تكاليف الإنشاء والتطوير للمناطق السكانية، وسبل معالجة عدم التوازن بين العرض والطلب في وحدات الإسكان المتاحة.



كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
TT

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم، مع ارتفاع أسعار المعدن المشعّ، استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية التي تهدد الإمدادات، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وقد توقعت شركة «كاميكو»، أكبر منتج في البلاد، أن يقفز إنتاج اليورانيوم بمقدار الثلث تقريباً في عام 2024 إلى 37 مليون رطل في منجميها بقلب صناعة اليورانيوم في البلاد، شمال ساسكاتشوان.

ووفقاً لبنك الاستثمار «آر بي سي كابيتال ماركتس»، فإن المناجم والتوسعات الجديدة التي تخطط لها الشركة، وكذلك مناجم «دينيسون»، و«أورانو كندا»، و«بالادين إنرجي» و«نيكسجين إنرجي» في المنطقة نفسها، يمكن أن تضاعف الإنتاج المحلي بحلول عام 2035.

وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية في كندا، جوناثان ويلكينسون، إن الاستثمار في سوق اليورانيوم في البلاد بلغ أعلى مستوى له منذ 20 عاماً، مع ارتفاع الإنفاق على التنقيب وتقييم الرواسب «بنسبة 90 في المائة ليصل إلى 232 مليون دولار كندي (160 مليون دولار أميركي) في عام 2022، و26 في المائة إضافية في عام 2023، ليصل إلى 300 مليون دولار كندي».

أضاف: «لا تقوم كندا باستخراج ما يكفي من اليورانيوم لتزويد مفاعلاتنا المحلية بالوقود فحسب، بل نحن أيضاً الدولة الوحيدة في مجموعة الدول السبع التي يمكنها تزويد اليورانيوم، لتزويد مفاعلات حلفائنا بالوقود. وتصدّر كندا كل عام أكثر من 80 في المائة من إنتاجنا من اليورانيوم، مما يجعلنا دولة رائدة عالمياً في هذه السوق».

أسعار اليورانيوم

تتسابق هذه الصناعة للاستفادة من الارتفاع الكبير في أسعار اليورانيوم التي ارتفعت فوق 100 دولار للرطل في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، وهو مستوى لم نشهده منذ عام 2008. وعلى الرغم من انخفاضها منذ ذلك الحين إلى 73 دولاراً للرطل، فإنه لا يزال أعلى بكثير من المتوسط الذي يقل عن 50 دولاراً سنوياً على مدار العقد الماضي.

ويمثل هذا التوسع تحولاً في صناعة اليورانيوم في كندا، التي كانت أكبر منتج للمعدن في العالم (المكون الرئيسي للوقود النووي) حتى عام 2008، لكنها تقلَّصت عندما انخفضت الأسعار في أعقاب كارثة «فوكوشيما» في اليابان عام 2010 التي دمَّرت الصناعة النووية في الغرب، وفق الصحيفة البريطانية.

وضع كازاخستان

وقد ساعد الانكماش شركة «كازاتومبروم»، وهي شركة كازاخستانية مملوكة للدولة، على تعزيز مكانتها كأكبر منتج في العالم. وبحلول عام 2022، أنتجت كازاخستان 43 في المائة من إجمالي اليورانيوم المستخرج (وهي الحصة الأكبر على مستوى العالم)، وجاءت كندا في المرتبة الثانية بنسبة 15 في المائة، تليها ناميبيا بنسبة 11 في المائة، وفقاً لـ«الرابطة النووية العالمية».

لكن الزخم قد يتحوّل لصالح كندا؛ حيث من المتوقَّع أن يرتفع الطلب على اليورانيوم بعد تعهُّد 31 دولة بمضاعفة نشر الطاقة النووية 3 مرات، بحلول عام 2050، لمعالجة تغيُّر المناخ.

وتتجه شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل «أمازون» و«غوغل» و«ميتا»، أيضاً إلى الطاقة النووية لتشغيل مراكز البيانات المتعطشة للطاقة، لأن الوقود لا ينتج غازات الدفيئة.

وتُقدِّر شركة «نكست جين»، التي تعمل على تطوير منجم «روك 1» في حوض أثاباسكا شمال ساسكاتشوان، أنها يمكن أن تفوق إنتاج كازاخستان في غضون السنوات الـ5 المقبلة، مما يعزز أمن الطاقة للصناعة النووية في الغرب.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «نكست جين»، لي كوريير: «مشروعنا لديه القدرة على رفع كندا مرة أخرى إلى الصدارة، المنتج الأول لليورانيوم في العالم».

وأضاف أن شركات مرافق الطاقة في الولايات المتحدة تصطف لشراء اليورانيوم من مشروع «روك 1»، الذي هو في المراحل النهائية من التصاريح، ويمكن أن يبدأ البناء في منتصف عام 2025، إذا تم تأمين الموافقات والتمويل.

وتتوقع شركة «نكست جين» أن يكلف المنجم 1.6 مليار دولار أميركي، ويُنتِج 30 مليون رطل من اليورانيوم سنوياً عند الإنتاج الكامل، أي ما يقرب من خُمس الإنتاج العالمي الحالي.

وفي الوقت نفسه، تقوم شركة «دينيسون» بتطوير مشروع «ويلر ريفر»، كما تقوم شركة «بالادين للطاقة» بتطوير بحيرة باترسون، وكلاهما في ساسكاتشوان، ويمكنهما معاً إنتاج ما يصل إلى 18 مليون رطل من اليورانيوم سنوياً.

وتدرس شركة «كاميكو» زيادة الإنتاج في مشروع «ماك آرثر ريفر» بأكثر من الثلث ليصل إلى 25 مليون رطل سنوياً.

وقال غرانت إسحاق، المدير المالي لشركة «كاميكو»: «لم نشهد رياحاً خلفية كهذه من قبل. ليس هناك شك في أن هناك طلباً متزايداً على اليورانيوم».

وقال محللون في بنك «بي إم أو كابيتال ماركتس» الاستثماري إن الاهتمام التكنولوجي الكبير بالطاقة النووية «يفتح الأبواب أمام مجموعة كبيرة من الاستثمارات الخاصة، بالإضافة إلى السياسات الحكومية الإيجابية المتزايدة»، ويمثل «عودة الاهتمام باليورانيوم».

وأشاروا في مذكرة صدرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى أنه «يبدو أن الحديث قد تجاوز مرحلة كسب الدعم الحكومي والعام الحاسم إلى مرحلة التمويل».

وعلى الرغم من أن منتجي اليورانيوم في أستراليا والولايات المتحدة وعدد من البلدان الأخرى يخططون أيضاً لتوسعات مناجم اليورانيوم، فإنها على نطاق أصغر بكثير من تلك الموجودة في كندا وكازاخستان.

وفي الوقت نفسه، اصطدمت قدرة كازاخستان على التوسُّع أكثر استجابةً للطلب المتزايد بعدد من العقبات؛ فقد شهدت شركة «كازاتومبروم»، التي تمثل 23 في المائة من الإنتاج العالمي، تعثُّر قدرتها على زيادة الإنتاج، العام الماضي، بسبب نقص حامض الكبريتيك الذي يُستخدَم في عمليات التعدين بالغسل.

كما جعلت التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022 من الصعب على الشركة إمداد الدول الغربية.

وفي أغسطس (آب)، حظرت الولايات المتحدة واردات اليورانيوم الروسي كجزء من جهودها لأمن الطاقة، على الرغم من وجود إعفاءات حتى عام 2027 لبعض العقود التي تُعتبر حيوية. وردَّت موسكو بفرض قيود مماثلة على تصدير اليورانيوم إلى الولايات المتحدة.

وتعتبر الصين أكبر مشترٍ لليورانيوم الكازاخستاني، وقد اشترت في 17 ديسمبر (كانون الأول) حصصاً في بعض الرواسب التي طورتها «كازاتومبروم» و«روساتوم» الحكومية الروسية للطاقة النووية.

وقال رئيس مجموعة الأبحاث «يو إكس سي»، جوناثان هينز، إن «تسارع اتجاه معظم اليورانيوم الكازاخستاني المتجه شرقاً، والصين على وجه الخصوص، قد يكون بمثابة جرس إنذار لشركات المرافق الغربية».

وقال إسحاق من «كاميكو» التي تمتلك 40 في المائة من «إنكاي» إن سوق اليورانيوم العالمية تعاني حقاً من انقسام لم يكن موجوداً من قبل. وقال إسحاق إن الحرب في أوكرانيا دفعت بعض شركات المرافق الغربية إلى التحول عن الإمدادات المرتبطة بروسيا، بينما كانت شركات أخرى تنتظر لمعرفة مدى تقدُّم الصراع قبل اتخاذ القرارات النهائية.

ويعني هذا التأخير أن شركة «كاميكو» لم تتخذ بعد قراراً استثمارياً نهائياً بشأن أحدث توسعاتها المقترحة في موقع «ماك آرثر ريفر» بساسكاتشوان.

وقال: «هذه ليست سوقاً من نوع (قم بالبناء وسيأتون)»، مضيفاً أن التأخير أدى فقط إلى زيادة الطلب وزيادة خطر حدوث أزمة في العرض وارتفاع الأسعار في السنوات اللاحقة.