«قسد» تسيطر على 3 سدود وتتقدم صوب عاصمة «داعش»

أنقرة: واشنطن أبلغتنا بانطلاق عملية الرقة ليل الجمعة

عربات عسكرية أميركية في الطريق إلى قرية عين عيسى بريف الرقة استعداداً لمعركة طرد «داعش»  (أ.ف.ب)
عربات عسكرية أميركية في الطريق إلى قرية عين عيسى بريف الرقة استعداداً لمعركة طرد «داعش» (أ.ف.ب)
TT

«قسد» تسيطر على 3 سدود وتتقدم صوب عاصمة «داعش»

عربات عسكرية أميركية في الطريق إلى قرية عين عيسى بريف الرقة استعداداً لمعركة طرد «داعش»  (أ.ف.ب)
عربات عسكرية أميركية في الطريق إلى قرية عين عيسى بريف الرقة استعداداً لمعركة طرد «داعش» (أ.ف.ب)

قالت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة، إنها انتزعت السيطرة على سد رئيسي على نهر الفرات من تنظيم داعش، أمس، في أحدث مكسب تحققه في تقدمها صوب مدينة الرقة، في وقت قالت فيه أنقرة، إن واشنطن أبلغتها بانطلاق عملية الرقة ليل الجمعة.
وقالت «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تحالف من مقاتلين أكراد وعرب، لـ«رويترز» إنها سيطرت على سد البعث، صباح أمس، وغيرت اسمه إلى «سد الحرية». ويقع السد على مسافة نحو 22 كيلومترا من مدينة الرقة قاعدة عمليات تنظيم داعش في سوريا.
وقال المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية الفصيل الرئيسي في «قوات سوريا الديمقراطية»: إن المقاتلين يقومون بتمشيط القرى المجاورة بحثا عن ألغام ولتعزيز خطوطهم الدفاعية. وقال نوري محمود إنهم سيطروا على السد بالكامل. ويعني هذا التقدم أن قوات سوريا الديمقراطية تسيطر الآن على ثلاثة سدود رئيسية على نهر الفرات بعد أن سيطرت على أكبر سد في سوريا الشهر الماضي.
وما زال التنظيم يسيطر على مساحات كبيرة من المنطقة الشرقية الصحراوية في سوريا على الحدود مع العراق وأغلب محافظة دير الزور التي ستصبح أكبر معقل متبقي له في سوريا بعد أن يخسر الرقة.
إلى ذلك، أعلنت أنقرة أن واشنطن أبلغتها بانطلاق الحملة العسكرية لتحرير الرقة معقل «داعش» في سوريا بعد منتصف ليل الجمعة وزودتها بالمعلومات اللازمة قبل بدايتها، لكنها أعربت في الوقت نفسه عن استيائها من الطريقة التي بدأت بها الحملة لاعتماد أميركا على الميليشيات الكردية في هذه العملية.
وأكد رئيس الوزراء التركي يلدريم، الذي أعلن عن انطلاق العملية في تصريحات لممثلي وسائل الإعلام عقب مأدبة إفطار أقامها الليلة قبل الماضية بمقر رئاسة الوزراء في أنقرة، أن تركيا لا تؤيد الطريقة التي بدأت بها الولايات المتحدة الحملة على الرقة.
ولفت إلى أن واشنطن أبلغت أنقرة بأن اعتمادها على مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية (المكون الأكبر لتحالف «قوات سوريا الديمقراطية») للقيام بهذه العملية لم يكن اختياريا، وإنما ضرورة فرضتها الظروف.
ونفى كل من رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، وإبراهيم إبراهيم المتحدث باسم «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري، بدء معركة مدينة الرقة، فيما قال أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت»: «إلى حد ما يمكن القول إن الكلام التركي صحيح».
وفي حين قال إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» إن التصريحات التركية تأتي في سياق تخبط أنقرة، خاصة بعد إبعادها من معركة تحرير الرقة، والخطاب الاستهلاكي للرأي العام التركي»، أوضح أبو محمد «أن المعركة بدأت على الأرض إنما من دون الإعلان عنها رسمياً»؛ إذ إن «قسد وصلت نهاية الأسبوع الماضي إلى أحياء الرقة الشرقية، وتحديداً حيي الرميلة والمشلب».وأبلغت أنقرة واشنطن أكثر من مرة رفضها مشاركة الميليشيات الكردية في عملية تحرير الرقة، وعرضت الاستعاضة عنها بعناصر عربية من الجيش السوري الحر قوامها نحو 12 ألف مقاتل تم تدريبهم استعدادا للعملية، لكن واشنطن لم تأخذ بالاقتراح التركي بسبب ما قالت مصادر إنه يرجع لعدم ثقة واشنطن في فصائل الجيش السوري الحر، واعتبارها أن القوات الكردية هي الوحيدة المؤهلة لهزيمة «داعش».
وقال يلدريم: «واشنطن أبلغتنا بأن تعاونها مع مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري (وحدات حماية الشعب الكردية) هو تكتيك عسكري، لن يدوم طويلا، وقدموا لنا الضمانات اللازمة، للحيلولة دون انتقال الأسلحة المقدمة لهم إلى «العناصر الإرهابية» الناشطة داخل أراضينا (في إشارة إلى مقاتلي حزب العمال الكردستاني). وأضاف: «استراتيجيتنا التي لا تتغير، هي أننا لن نتهاون في ضرب أي منظمة إرهابية تهدد أمننا وسلامتنا، سواء كانت هذه المنظمة داخل حدود بلادنا أو خارجها».
في السياق نفسه، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، أنه أبلغ الجانب الأميركي أن تركيا سترد بقوة على أي اعتداء يستهدف الأراضي التركية من الجانب السوري، لافتا إلى أن الولايات المتحدة مستمرة في ارتكاب الأخطاء رغم التحذيرات التركية، وذلك من خلال إصرارها على تنفيذ الحملة العسكرية على محافظة الرقة بالتعاون مع تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومقاتليه (وحدات حماية الشعب الكردية).
وأضاف: «حذرنا الأميركيين مرارا من عواقب التعاون مع (منظمة إرهابية) (في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي) ضد منظمة إرهابية أخرى (داعش)، وقلنا لهم إن هذا لا يخدم مصلحة السوريين، غير أنهم أصروا على دخول الرقة بالتعاون مع هذه العناصر وقلنا لهم «إذن هنيئا لكم»، لكن حذرناهم بأننا لن نستأذن أحدا وسنرد بقوة في حال تعرضنا لأي اعتداء من الجانب السوري».
وأكد إردوغان، أن عملية درع الفرات توقفت، لكنها لم تنته، وقد تتكرر في مناطق أخرى غير التي حررتها بالتعاون بين القوات التركية والجيش السوري الحر حتى مارس (آذار) الماضي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.