لا يفارق صلاح أبو علي، الشجرة الأكثر شهرة في الأراضي الفلسطينية، المعروفة بشجرة «البدوي»، وهي أقدم شجرة زيتون على الإطلاق في فلسطين، ويقدر عمرها بين 4000 أو 5000 سنة.
ويقضي أبو علي معظم وقته عند الشجرة التي تملكها عائلته، بهدف العناية بها، يحرسها من أي متطفلين محتملين، ينظف حولها، يقنب أوراقها وعيدانها، ويحصل أيضاً على محصولها الأهم «زيت الزيتون».
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال أبو علي: «إنّها شغلي الشاغل». وأضاف: «كأنها ولد من أولادي... قد لا تصدّقني إن قلت ذلك».
ويزور أبو علي الشجرة بشكل يومي، وربما مرتين أو 3 كل يوم، على الرغم من الطريق الصعبة والشائكة التي يضطر للمرور عبرها من أجل الوصول إليها.
تبعد الشجرة عن بيت أبو علي نحو كيلومترين، وتقع في آخر بعض حقول ممتدة في المنطقة.
لكن أبو علي كما يقول لا يستطيع أن ينام إذا لم يطمئن عليها: «أحياناً آتي من أجل رعايتها، وأحياناً أشتاق لها وأحياناً أخرى آتي لأستظل بظلها وأقضي ساعات طويلة هنا، وفي أحيان كثيرة آتي بسبب الزوار والضيوف».
وتحولت الشجرة الكبيرة التي تمتد وتتفرع وتتربع على مساحة واسعة من الأرض المسيّجة والمغلقة، إلى مزار مهم في المنطقة بعدما راحت تكتسب اهتماماً متزايداً في السنوات القليلة الماضية.
وزار الشجرة خلال سنوات قليلة، آلاف الوفود الفلسطينية والعربية والأجنبية، بمن فيهم رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض الذي استجلب معه خبراء دوليين لتقييم عمر الشجرة ووضعها وكيفية رعايتها والحفاظ عليها.
ويصرّ أبو علي على ما يقوله رئيس مجلس محلي قرية الولجة عبد الرحمن أبو التين، بأنّ عمر الشجرة هو 5500 سنة، لكنّ خبراء قدروه بـ3500 أو 4000 سنة.
وساعدت «كرامات» يؤمن بها سكان الولجة على إبقاء الشجرة حية كل هذه الوقت. يضحك أبو علي ويقول: «لقد سُمّيت أصلاً بشجرة البدوي، نسبة لشيخ صوفي كان له أتباع في فلسطين، واسمه الشيخ أحمد البدوي، وقد ولد في المغرب وتوفي في مصر عام 267هـ، كان يعتقد السكان هنا أنّ للشجرة كرامات، وأنّهم إذا حاولوا أذيّتها سيغضب عليهم الشيخ البدوي. وظلت مثل هذه الأفكار متداولة، الأمر الذي ساعد في الحفاظ عليها حتى الآن».
يجهّز لنا أبو علي القهوة التي يحتفظ بها لزواره، ويمكن ملاحظة كيف يحتفظ الرجل الذي وظفته وزارة الزراعة حارساً للشجرة قبل سنوات، بكثير من المياه والقهوة والشاي والسكر وكذلك المقاعد، من أجل الزوار الذين لا يفوتون فرصة الاستظلال بالشجرة الضخمة وحتى تسلّقها والتقاط مزيد من الصور معها.
شرح لنا أبو علي الدهشة في عيون الزوار عندما يشاهدون حجم الشجرة.
وليس بعيداً، يمكن مشاهدة الآثار الإسرائيلية المدمرة، حول المكان، وكيف يلتف جدار الفصل الإسرائيلي حول القرية بأكملها، يحاصرها ويحاصر الشجرة كذلك. أيضاً يمكن مشاهدة القطار الإسرائيلي الذي يمر بقربها ويسبب اهتزازات في المكان، شاقاً القدس إلى إسرائيل.
والولجة واحدة من القرى الفلسطينية التي تعتمد بشكل كبير على زراعة الزيتون، وتنتج زيت الزيتون بجودة عالية بسبب مكانها المرتفع.
وتمتد القرية الجبلية، التي يعيش فيها نحو 2000 فلسطيني، على مساحة 4500 دونم من أصل 17793 دونماً استولت عليها إسرائيل، وحوّلتها إلى أراضي دولة ومستوطنات ومحميات أمنية. وتحوي الولجة أكبر شجرة زيتون في فلسطين، وعمرها 3000 سنة، وينابيع طبيعية أشهرها نبع عين الحنية. وتعتبر الولجة من أجمل قرى الجنوب الفلسطيني، وتطل على القدس المحتلة. ويضيف أبو علي قائلاً إنّ للشجرة الأقدم، زيتاً خاصاً ومذاقاً مختلفاً. ويتابع: «مثل الزبد... فيه لذّة خاصة، فهو كثير الدسم ثقيل ومميز».
ويحتفظ أبو علي بمعظم ما تنتجه الشجرة لنفسه والعائلة والأصدقاء. ويرفض أن يبيع أياً منه.
الرجل الذي تعلقت حياته بشجرة زيتون
أبو علي لا يبارح «البدوي» في فلسطين وعمرها 5000 سنة
الرجل الذي تعلقت حياته بشجرة زيتون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة