قانون الانتخابات المقترح: نسبي بمفعول أكثري... والتغيير رهن التحالفات الحزبية

الثنائيان «الشيعي» و«المسيحي» أكبر الرابحين... و«المستقبل» أبرز الخاسرين

الرئيس اللبناني ميشال عون متوسطاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الدين الحريري في القصر الجمهوري أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون متوسطاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الدين الحريري في القصر الجمهوري أمس (دالاتي ونهرا)
TT

قانون الانتخابات المقترح: نسبي بمفعول أكثري... والتغيير رهن التحالفات الحزبية

الرئيس اللبناني ميشال عون متوسطاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الدين الحريري في القصر الجمهوري أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون متوسطاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الدين الحريري في القصر الجمهوري أمس (دالاتي ونهرا)

بعد إنجاز أولى الخطوات في طريق حل أزمة قانون الانتخابات، عبر إصدار رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون مرسوماً بفتح دورة استثنائية للبرلمان، تتجه الأنظار إلى القانون المرتقب و«التفاصيل» التي بات يرتكز عليها البحث الآن. وبات من المتوقع أن يطرح على طاولة الحكومة الأسبوع المقبل تمهيداً لإحالته إلى مجلس النواب لإقراره قبل 20 يونيو (حزيران) الحالي.
وفي حين بات محسوماً تأجيل الانتخابات التي كان يفترض إنجازها الشهر الحالي، بين 6 أشهر وسنة لأسباب تقنية، وصفت «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات» القانون المقترح، الذي يعتمد على النسبية وفق 15 دائرة، بـ«الإنجاز النسبي بمفعول أكثري»، محذّرة من عدم الأخذ بالإصلاحات التي يجب أن ترافق هذا القانون. غير أن محمد شمس الدين، الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات»، اعتبره «أفضل القوانين التي طرحت، وأقلهم سوءاً».
ويوم أمس، قال وزير الخارجية جبران باسيل: «لن نقبل إلا بتمديد تقني بحت، لا يتعدى الستة أشهر»، بينما أوضح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن «الحد الأدنى لتدريب الموظفين على القانون الانتخابي الجديد هو ستة أشهر»، مشيراً بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى أنه «من خلال حملة إعلامية مكثفة، واعتماد التقنيات الحديثة، يمكن اطلاع المواطنين على قانون الانتخاب».
وأوضح شمس الدين لـ«الشرق الأوسط»، في لقاء معه، أن «العيب الأساسي في القانون المقترح هو توزيع الدوائر تبعاً للمعايير الطائفية، وحصر الصوت التفضيلي في القضاء، بينما كان يفترض حصره في الدائرة، ووضع صوتين تفضيليين بدل الواحد، ليكون هناك حرية في الاختيار لدى الناخب».
ويرى شمس الدين أن أكبر المستفيدين من هذا القانون هو «الثنائي المسيحي» (القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر)، ويليهما «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل)، وأكبر المتضرّرين هو «تيار المستقبل»، بينما قد ينجح الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، في الحفاظ على حصّته (8 نواب)، إذا عقد تحالفات مع «المستقبل» في دائرتي الشوف وعاليه، مع العلم بأن التوقعات تشير إلى أن خسارة «المستقبل» قد تتراوح بين خمسة وعشرة نواب.
وفي حين لم ينف شمس الدين أن الصيغة الجديدة «ستسمح بتمثيل شرائح أكبر في المجتمع، ويزيد عدد المرشحين، وكذلك المنافسة والدينامية»، فإنه يرى أن التغيير ونتائج الانتخابات رهن التحالفات الحزبية، موضحاً: «إذا اتفقت الأحزاب، وتحالفت فيما بينها، ستقصي عندها المستقلين والأحزاب الصغيرة. أما إذا تشتّت، فعندها قد تبرز قوى جديدة».
كذلك يلفت الباحث اللبناني إلى أن صيغة القانون النهائية التي يفترض الإعلان عنها بعد الانتهاء من التفاصيل - الجاري تركيز البحث عليها الآن - من شأنها أيضاً حسم إمكانية بروز قوة صغيرة وجديدة أم لا، وذلك انطلاقاً من اعتماد «عتبة التمثيل» و«الحاصل الانتخابي» أم عدمه، وذلك بعد تجاوز مسألة نقل المقاعد، التي باتت تقتصر على نقل مقعد «الإنجيليين» من بيروت الثالثة إلى الأولى، و«الماروني» من طرابلس إلى البترون في الشمال.
من ناحية ثانية، في ضوء الحديث عن «التفاصيل» الجاري البحث فيها بين الأفرقاء، وأبرزها الصوت التفضيلي وفق القضاء أو المذهب أو الوطن، وكيفية احتساب الأصوات، ونسبة العتبة الوطنية، يبدو واضحاً غياب موضوعين أساسيين، هما: «الكوتا النسائية» وإشراك المغتربين في الانتخابات. وهذان موضوعان لطالما كانت الأحزاب اللبنانية تؤكد على أهمية إقرارهما في الإصلاحات.
كذلك في تقويمها للقانون المقترح، اعتبرت «الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات» (لادي) أنّ إقرار النسبية الكاملة في لبنان أمر إيجابي يبيّن تقدماً ملحوظاً في ملف الانتخابات العالق منذ عام 2009، لكنها رأت في الوقت عينه أن الصيغة المطروحة تعطي مفعول النظام الأكثري تحت مسمى النسبية. وحذّرت من أنّ النظام النسبي بدوائر صغيرة أو متوسطة، كما هو مطروح حالياً (15 دائرة، يتراوح عدد المقاعد فيها بين 5 و13)، مع «كوتا» مذهبية ومناطقية، يضعف كثيراً من مفعول النسبيّة، ويحوّلها إلى نظام أكثري مُبطّن.
ونبّهت الجمعية إلى أن تقسيم الدوائر والمقاعد بالشكل المطروح يعزّز الخطاب الطائفي للقوى السياسية، ويحدّ من التنوع في الدوائر الانتخابية. وأشارت إلى أن اعتماد الصوت التفضيلي على أساس القضاء، لا الدائرة الانتخابية، يمكن أن يؤدي إلى شدّ العصب الطائفي بين أطراف القضاء نفسه، عدا عن أن اعتماد الصوت التفضيلي أساساً يعيد «فردنة» المعارك الانتخابية، ويضرب وحدة اللوائح.
ومع ملاحظة «لادي» أنّ الطرح الانتخابي الحالي «ليس واضحاً بعد في شأن مسائل أساسية في كيفية احتساب الأصوات، مثل وجود أم عدم وجود عتبة انتخابية ونسبتها، وكيفية احتساب وتوزيع الأصوات، وغيرها»، فإنها رأت في هذا السياق أن بعض القوى السياسية تتحدث عن عتبة انتخابية تتعدى الـ10 في المائة على مستوى الوطن أو الدائرة، وهي عتبة عالية جداً وإلغائية، مطالبة بعدم اعتماد أي شكل من أشكال العتبات الانتخابية في النظام المقترح كي لا يؤدي ذلك إلى استبعاد مقصود لبعض الفئات أو المجموعات من التمثّل.
وحذّرت «لادي» من التغاضي عن الإصلاحات التي نصّت عليها اقتراحات سابقة، مؤكدة رفضها أي قانون انتخابات نسبي لا يتضمن البطاقة المطبوعة سلفاً، و«الكوتا» النسائية، وغيرها من الإصلاحات الهامّة. وجزمت بأنّ أي قانون جديد للانتخابات، مهما تضمّن من إصلاحات، لن يحتاج إلى أكثر من 6 أشهر لتطبيقه، واعتبرت انطلاقاً من ذلك أنّ تسويق فكرة التمديد المحتمل لسنة غير مقبول، وأسبابه سياسية بحتة، وليست تقنية.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.