الجيش العراقي يتأهب لـ«معركة الفلوجة»

عمليات واسعة لطرد «داعش» من المناطق المحاذية لبغداد

عبد الملك السعدي
عبد الملك السعدي
TT

الجيش العراقي يتأهب لـ«معركة الفلوجة»

عبد الملك السعدي
عبد الملك السعدي

أعلن رجل الدين السني البارز عبد الملك السعدي «النفير العام» للدفاع عن مدينة الفلوجة بعد إعلان وزارة الدفاع البدء بعملية عسكرية لتحرير المدينة من عناصر تنظيم «داعش»، بينما وسعت القوات العراقية من نطاق عملياتها لتشمل مناطق شمال محافظة بابل المحاذية لمحافظة الأنبار. وقال السعدي في بيان له أول من أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «ما يقوم به رئيس الوزراء نوري المالكي الآن من إبادة جماعية وتخريب وهدم ونهب في الفلوجة والرمادي، وما تقوم به الميليشيات في ديالى، وجرف الصخر، لأكبر دليل على أنها إبادة طائفية بتوجيه من إيران ورضا ودعم أميركا»، مبينا أن «الهدف ليس قتال الإرهاب أو ما يسمونه داعشيا، لأن وجودهم لا يستوجب هذا التصعيد الغاشم والإبادة الشاملة».
ووجه السعدي «نداء إلى المرابطين المدافعين عن أنفسهم وأهليهم وأعراضهم وأموالهم وبخاصة أهلنا أبطال مدينة المساجد الفلوجة المتصدّين للمهاجمين»، مبينا أنّ «ما تقومون به من أعظم العبادات والقربات، لأنكم المعتدى عليكم، واثبتوا واصبروا فإن النصر مع الصبر، وإياكم من الاعتداء على المسالمين لكم من الجيش والشرطة وغيرهم»، داعيا الجميع إلى أن «ينفروا للدفاع عن المعتدى عليهم ومؤازرة المدافعين بالنفس والمال والسلاح، فإن المالكي استهان بكم في كل مكان»، مؤكدا أنه «من الواجب عليكم شرعا أن تلبوا طلب المرابطين واستنصارهم بكم وإلا فكل مستطيع قادر آثم لتركه واجبا من واجبات الشرع».
في سياق ذلك أعلنت القوات الأمنية العراقية وبمساندة العشائر من تضييق الخناق على عناصر «داعش» في المناطق المحيطة بالفلوجة وداخلها وقتل عدد كبير منهم. وقال مصدر أمني في تصريح صحافي إن «طيران الجيش تمكن من قصف عدة مناطق في الفلوجة، بينها الحي العسكري والمناطق الصناعية، وحققت القوات الأمنية المسنودة بأفراد العشائر تقدما واضحا في تلك المناطق وتضيق الخناق على المسلحين وقتل عدد كبير منهم». وأضاف أنه «إلى الآن لم تقُم القوات الأمنية باقتحام مدينة الفلوجة».
في سياق ذلك أعلن قائد القوات البرية الفريق الأول الركن علي غيدان أن القوات البرية قامت بعمليات واسعة لغرض طرد «داعش» من المناطق المحاذية لحدود عمليات بغداد. وقال غيدان في بيان له أول من أمس إن «القوات البرية قامت بعمليات واسعة لغرض طرد العدو من المناطق المحاذية لحدود عمليات بغداد والقيام بعمليات تعرضية في عامرية الفلوجة، التي تزامنت متسلسلة وبمراحلها مع تخطيط القيادة، وكانت عملياتنا الأولى جيدة وجرى إحكام السيطرة على جميع المناطق المحيطة بعامرية الفلوجة». وأضاف غيدان أن «إحكام السيطرة على مكان حيوي ومهم مشرف ومسيطر على القاطع الشرقي لمدينة الفلوجة، في العمارات الكائنة أمام جامعة الفلوجة وما تسمى بمنطقة (الهياكل)، والذي يؤثر على الطريق الدولي العام»، مبينا أن «هناك أفكارا تبلورت لدينا بأن نكمل العمل ونسيطر على سدة الفلوجة وجسر التفاحة».
من جهتها أعلنت عمليات بابل أنها أطلقت حملة أمنية واسعة لتطهير ناحية جرف الصخر من المسلحين، في حين انفجرت أربع آليات زراعية، موضوع فيها عبوات ناسفة استهدفت أرتال الجيش، كما انفجرت عبوة ناسفة استهدفت سيارة همر، مما أسفر عن مقتل ضابط وإصابة أربعة جنود».
في سياق ذلك تراوحت ردود الفعل داخل الأوساط العشائرية هناك بين مؤيد للحملة العسكرية ومعارض لها. ففي الوقت الذي أكد فيه الشيخ حميد الكرطاني أحد شيوخ ووجهاء مدينة الفلوجة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن تحفظه لهذه العملية لأنها «تتناقض مع ما يعلن الآن من وجود مؤشرات على حل سلمي للأزمة بين الحكومة من جهة، وأطراف في مجلس ثوار العشائر والمجلس العسكري من جهة أخرى، تمهيدا لعزل (داعش)» مبينا أن «هذا العمل العسكري سوف يعطي المبرر، لمن لا يريد الصلح إلى القول إن الحكومة ليست جادة في ما تدعيه من وعود، وبالتالي فإنه كان الأولى لها أن تتأنى بانتظار ما يمكن أن تسفر عنه المناقشات الجارية في كل من عمان وأربيل».
لكن الشيخ غسان العيثاوي، أحد رجال الدين في محافظة الأنبار، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المباحثات الجارية الآن هي بين ثوار العشائر وأطراف من المجلس العسكري والحكومة وليست (داعش)، لأن (داعش) لا تؤمن بصلح ولا مفاوضات، وبالتالي فإن العملية العسكرية تستهدف جماعة (داعش) التي عاثت خلال الشهور الماضية بالأرض فسادا».
وأضاف العيثاوي أن «المشكلة أن هناك معلومات مضللة تعطى للسياسيين ولرجال الدين، وهو ما يؤدي إلى خلط الأوراق، وبالتالي يؤدي إلى عرقلة أي إمكانية للوصول إلى حل»، مبينا أنه «ما لم يتحقق شيء على الأرض فإن مسلحي (داعش) سوف يستمرون في اختطاف المدن والأهالي مع استمرار عمليات النزوح والتهجير».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.