السيسي: مصر ستظل نموذجاً للتعايش السلمي

عقب لقائه وفداً من قيادات كنائس أستراليا ونيوزيلندا

السيسي لدى لقائه مجلس أساقفة وممثلي الكنائس الرسولية الشرقية في أستراليا ونيوزيلندا («الشرق الأوسط»)
السيسي لدى لقائه مجلس أساقفة وممثلي الكنائس الرسولية الشرقية في أستراليا ونيوزيلندا («الشرق الأوسط»)
TT

السيسي: مصر ستظل نموذجاً للتعايش السلمي

السيسي لدى لقائه مجلس أساقفة وممثلي الكنائس الرسولية الشرقية في أستراليا ونيوزيلندا («الشرق الأوسط»)
السيسي لدى لقائه مجلس أساقفة وممثلي الكنائس الرسولية الشرقية في أستراليا ونيوزيلندا («الشرق الأوسط»)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر «ستظل نموذجاً للتعايش السلمي، وأنها حريصة على إعلاء مبدأ المواطنة، وترسيخ ثقافة التعددية وقبول الآخر»، وذلك في ظل ما يمتلكه شعبها من وعى حقيقي وتاريخ طويل من التسامح والمحبة.
جاء ذلك خلال لقاء السيسي مجلس أساقفة وممثلي الكنائس الرسولية الشرقية في أستراليا ونيوزيلندا، برئاسة روبرت إيلى رباط مطران الملكيين الكاثوليك بسيدني، وبحضور مطارنة وأساقفة الكنائس القبطية والمارونية والأرمينية في أستراليا ونيوزيلندا.
وقال مصدر كنسي مصري إن الزيارة تؤكد أن مصر بلد مستقر وآمن، رغم الهجمات التي تستهدف المصريين، ومن بينهم المسيحيون وكنائسهم، فضلاً عن تعزيز الحوار بين الأديان، ومكافحة العنف الطائفي، ونشر تعاليم ومبادئ الديانات السماوية التي ترسخ السلام.
واستهدف تنظيم داعش الإرهابي حافلة تقل مسيحيين أثناء قيامهم برحلة دينية في محافظة المنيا بصعيد مصر، الجمعة الماضية، ما أسفر عن مقتل 29 وإصابة 23. وشنت القوات المسلحة هجوماً جوياً على معاقل «داعش» في مدينة درنة الليبية، عقب ثبوت تلقى عناصر إرهابية تدريبات داخل تلك المدينة.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أمس، إن الوفد عزى الرئيس في ضحايا حادث المنيا الإرهابي، وإن مطران الكاثوليك المارونيين في سيدني أوضح أن الزيارة تضامن مع مصر وشعبها في مواجهة الإرهاب الآثم، وتأكيد للثقة في قدرة مصر على تجاوز كل الصعاب، والتصدي للإرهاب ومحاولاته للنيل من وحدة الشعب المصري.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس رحب بوفد المجلس، مشيراً إلى الأهمية التي توليها مصر لمد جسور الصداقة مع القيادات الدينية والروحية حول العالم، وموضحاً أن الرئيس أكد أن الدولة تسعى إلى ضمان تحقيق المساواة الكاملة بين كل المواطنين، وعدم التمييز بينهم، فلكل المصريين الحقوق نفسها، وعليهم الواجبات نفسها تجاه بلدهم، وأن وحدة المصريين وتكاتفهم هي السبيل الوحيد للتصدي لمحاولات ضرب الوحدة الوطنية، وبث الفرقة بين أبناء الشعب المصري.
وأشاد وفد الكنائس بجهود مصر في التصدي للفكر المتطرف، والدعوة للتسامح وقبول الآخر، مؤكدين أن هذه الجهود تساهم بفاعلية في التقريب بين الشعوب والثقافات، ومواجهة العنف والتطرف. وشهد اللقاء مناقشة سبل تعزيز الجهود الدولية الرامية لنشر قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر وإرساء دعائم السلام.
وزار وفد الكنائس في وقت سابق مقر مشيخة الأزهر، وأشاد بمشروع القانون الذي يعده الأزهر لتجريم الحض على الكراهية والعنف باسم الدين.
وكانت اللجنة المكلفة بإعداد مشروع قانون لمكافحة الكراهية والعنف باسم الدين قد أعلنت الانتهاء من إعداد المسودة الأولى لمشروع القانون، تمهيداً لعرضه على هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة دينية بالأزهر) لمناقشته، ثم تقديمه إلى مجلس النواب (البرلمان) خلال دور الانعقاد المقبل، وفقاً للإجراءات المنظمة لذلك.
ويقول مراقبون إنه «من المنتظر أن يسهم هذا القانون في الحد من مظاهر الكراهية والتعصب التي تروج لها بعض الجماعات والتيارات المتشددة فكرياً، والتأكيد على قيم المواطنة والتعايش المشترك بين أبناء الوطن».
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تفجير كنيستي الإسكندرية وطنطا في أبريل (نيسان) الماضي، وسبق أن تبنى تفجير الكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة في ديسمبر (كانون الأول)، وهو التفجير الذي أعقبه نشر فيديو هدد فيه باستهداف المسيحيين.
من جانبه، قال المصدر الكنسي نفسه إن «البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريك الكرازة المرقسية، أكد لوفد الكنائس أن مصر بكل مؤسساتها تسعى إلى التصدي للإرهاب، وأن المسلمين لهم علاقات طيبة مع الأقباط».



​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.