عشرات الآلاف يهجرون دير الزور هرباً من معارك «النصرة» و«داعش»

تقدم المعارضة في حلب.. والأسد يبدأ حملته الانتخابية

حمصيون يجمعون أمس ما تبقى من منازلهم  في منطقة سوق المسقوف التي دمرها القتال بين النظام والمعارضة (أ.ف.ب)
حمصيون يجمعون أمس ما تبقى من منازلهم في منطقة سوق المسقوف التي دمرها القتال بين النظام والمعارضة (أ.ف.ب)
TT

عشرات الآلاف يهجرون دير الزور هرباً من معارك «النصرة» و«داعش»

حمصيون يجمعون أمس ما تبقى من منازلهم  في منطقة سوق المسقوف التي دمرها القتال بين النظام والمعارضة (أ.ف.ب)
حمصيون يجمعون أمس ما تبقى من منازلهم في منطقة سوق المسقوف التي دمرها القتال بين النظام والمعارضة (أ.ف.ب)

تمكنت فصائل المعارضة السورية في حلب، أمس، من إحكام سيطرتها على طريق استراتيجي يوصل إلى منطقة «جمعية الزهراء» قرب مقر المخابرات الجوية الذي يعد من أهم مواقع النظام في المدينة. وجاء ذلك متزامنا مع تحذيرات من كارثة إنسانية وبيئية في أحياء حلب الشرقية والغربية التي قطع جهاديون المياه عنها لليوم السادس على التوالي. وفي غضون ذلك، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من مائة ألف شخص فروا من محافظة دير الزور في شرق سوريا هربا من المواجهات العنيفة بين مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» وجبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا.
وقال المرصد، ومركزه بريطانيا، إن الاشتباكات بين جبهة النصرة و«داعش» أدت إلى مقتل 230 شخصا في الأيام العشرة الأخيرة. ومن بين القتلى 146 من مقاتلي جبهة النصرة وكتائب إسلامية أخرى بينهم من أعدمتهم «الدولة الإسلامية».
واندلعت في مطلع يناير (كانون الثاني) مواجهات عنيفة بين «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وكتائب من المعارضة المسلحة أبرزها النصرة، أدت إلى مقتل أربعة آلاف شخص، بحسب المرصد.
وتتهم فئات واسعة من المعارضة المسلحة «داعش» بأنها تعمل لصالح النظام. كما تأخذ عليها تطرفها في تطبيق الشريعة الإسلامية وإصدار فتاوى تكفير عشوائيا وقيامها بعمليات خطف وإعدام طالت العديد من المقاتلين.
وفي سياق متصل، أفاد ناشطون بأن عناصر من «داعش» فخخوا جثث قتلى من جبهة النصرة وكتائب من الجيش الحر في قرية جديد عكيدات بريف دير الزور الشرقي. وأكدوا «إصابة 10 من عناصر جبهة النصرة والجيش الحر إثر انفجار أربع جثث أثناء سحبها».
وفي حلب، سيطرت كتائب المعارضة على الطريق الرئيس المؤدي إلى جمعية الزهراء في المدينة إثر معارك عنيفة مع القوات النظامية أسفرت عن سيطرة مقاتلي المعارضة على عدد من المباني التي كانت تتمركز فيها القوات النظامية، وفق ما أفاد ناشطون.
وبعد سيطرتها على هذا الطريق تصبح كتائب المعارضة على بعد أمتار قليلة من فرع المخابرات الجوية التابع للقوات النظامية.
وأعلن المكتب الإعلامي التابع للغرفة المشتركة لـ«أهل الشام» في حلب المكونة من «الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين» و«جبهة النصرة» عن «أسر مقاتلي المعارضة ثمانية عناصر من القوات النظامية واستهدافها لمبنى المخابرات الجوية بصواريخ محلية الصنع وبقذائف الدبابات».
ورد الطيران الحربي النظامي على تقدم كتائب المعارض بقصف محيط المبنى بالرشاشات الثقيلة، كما أعلنت غرفة «أهل الشام» استخدام قواتها صواريخ «غراد» لقصف مطار النيرب العسكري التابع للنظام.
وجاء ذلك بينما حذر ناشطون من كارثة إنسانية وبيئية في حلب مع استمرار انقطاع المياه ستة أيام على التوالي بعدما قطع جهاديون من مجموعات إسلامية متطرفة إمدادات المياه عن مناطق خاضعة لسيطرة القوات الحكومية والمعارضة على حد سواء.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «جبهة النصرة» أوقفت عمل المضخة التي توزع المياه. وأوضح مدير المرصد، رامي عبد الرحمن أن المجموعات الإسلامية لم تتمكن من وقف إمدادات المياه للمناطق الخاضعة لسيطرة النظام من دون أن يؤثر ذلك أيضا على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة، واصفا ذلك «بالجريمة».
وفي حماه، قتل ستة سوريين وأصيب العشرات جراء انفجار سيارة مفخخة قرب حاجز نظامي في منطقة الحمرا في الريف الشرقي للمدينة. وأشار المرصد السوري إلى أن عدد القتلى مرشح للزيادة بسبب خطورة حالة بعض المصابين، لافتا إلى أنه «لم يعرف إذ كان القتلى من المدنيين أو العسكريين».
من جهتها، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بمقتل وجرح عدد من القوات النظامية جراء تفجير سيارة مفخخة في حاجز نظامي في ناحية ‫الحمرا‬ بريف‫ ‏حماة‬ الشرقي، وأشارت إلى مقتل17 من عناصر النظام بينهم ضابط برتبة مقدم.
وفي ريف دمشق، حاولت القوات النظامية اقتحام بلدة المليحة في الغوطة الشرقية. وأفاد ناشطون بأن القوات النظامية مدعومة بعناصر من لواء أبو الفضل العباس العراقي حاولت اقتحام البلدة من عدة محاور، إلا أن كتائب المعارضة تصدت لها وأجبرتها على التراجع.
وتتواصل الاشتباكات في بلدة المليحة منذ 39 يوما، حيث تحاول القوات النظامية اقتحام البلدة مدعومة بلواء أبو الفضل العباس العراقي وحزب الله اللبناني.
كما اندلعت اشتباكات في حي جوبر بدمشق، وأفاد ناشطون بشن الطيران الحربي النظامي أربع غارات عنيفة على الحي ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات ودمار هائل. وأشارت شبكة «شام» المعارضة إلى أن «حي جوبر استهدف كذلك من راجمات الصواريخ النظامية المثبتة على جبل قاسيون وفي كلية الزراعة وملعب الفيحاء بحي العدوي، وترافق هذا بغطاء كثيف من الرشاشات الثقيلة استهدفت محيط برج المعلمين والمسافة الممتدة من الحي حتى كراجات العباسيين، وشوهدت أعمدة الدخان الكثيف تتصاعد من الحي».
ويعتبر النظام السوري حي جوبر مصدر قذائف الهاون التي تستهدف العاصمة دمشق لا سيما ساحة العباسين المحاذية للحي، في حين تعتبره المعارضة صلة الربط بين العاصمة والريف.
وفي محافظة حمص وسط البلاد، وقعت اشتباكات في حي الوعر، شمال غربي المدينة، وأفاد ناشطون بأن قوات النظام استهدفت الجزيرة السابعة في الحي بقذائف الهاون والدبابات. وجاء ذلك بينما واصلت قوات النظام تمشيط أحياء حمص القديمة والسماح للمدنيين بالدخول إلى أطرافها، غداة إخلائها من مقاتلي المعارضة.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، عاد آلاف السوريين، أمس، إلى حمص القديمة لتفقد منازلهم أو ما تبقى منها، سيرا على الأقدام أو على دراجات هوائية ونارية وبعضهم كان يجر عربات على طرق مغطاة بالركام محاولين نقل ما تبقى من أثاث منازلهم. وكانت الصدمة بادية على وجوه الكثيرين لحجم الخسائر في هذه الأحياء.
وقالت ريما بطاح (37 عاما) من أهالي حي الحميدية بحمص القديمة «الدمار مخيف». وأضافت: «جاء زوجي إلى منزلنا أمس (الجمعة) ووجده مدمرا. عدنا اليوم (أمس) سويا لنأخذ مقتنياتنا» مشيرة إلى خمس حقائب كبيرة من المقتنيات بجانبها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.