الأموال الصينية تستحوذ على أفريقيا.. وتثير مخاوف بروكسل وواشنطن

ظمأ بكين للمواد الخام الأفريقية قد ينسيها حقوق الإنسان وظروف العمل في أفريقيا

الأموال الصينية تستحوذ على أفريقيا.. وتثير مخاوف بروكسل وواشنطن
TT

الأموال الصينية تستحوذ على أفريقيا.. وتثير مخاوف بروكسل وواشنطن

الأموال الصينية تستحوذ على أفريقيا.. وتثير مخاوف بروكسل وواشنطن

بدا كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في النظر بعين الشك والريبة للنفوذ الصيني المتزايد في أفريقيا، وأعربا عن القلق بشأن فتح خطوط ائتمانية دون التأكد من سبل إنفاق هذه الأموال هناك بشكل حقيقي، وبحسب تقارير إعلام أوروبية ببروكسل، فهناك انتقادات مفادها أن الظمأ الصيني للمواد الخام الأفريقية ينسي بكين حقوق الإنسان وظروف العمل في أفريقيا في ظل وجود 2500 شركة صينية في أفريقيا، وتباينت ردود الأفعال بشأن نتائج القمة الأوروبية الأفريقية التي استضافتها بروكسل أبريل (نيسان) الماضي، في محاولة لإنقاذ شراكة متعثرة نتيجة لتجدد الصراعات وغياب عامل الأمن والاستقرار في بعض مناطق القارة السمراء مما يعطل برامج تنموية أوروبية.
ويرى البعض أن القمة أرست قواعد جديدة للتعاون بين القارتين خاصة في مجال التنمية والاستثمار، حيث سيجري توسيع آفاق التعاون الاقتصادي. بينما يرى البعض أن الهاجس الأمني سيظل عائقا أمام تحقيق شراكة قوية.. وتوصل المشاركون في القمة، إلى خارطة طريق مشتركة للفترة ما بين 2014 - 2017 تشمل مختلف أنواع التعاون من أجل تعزيز السلام والاستقرار وتحقيق التنمية ومواجهة التحديات المشتركة مثل المناخ والهجرة إلى جانب تنسيق المواقف بشأن كثير من الملفات الدولية ذات الاهتمام المشترك.
واختتم رئيس الوزراء الصيني لي كي تشيانغ زيارة إلى أفريقيا شملت إثيوبيا ونيجيريا وكينيا وأنغولا واستمرت أسبوعا وكانت الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء الصيني، هي المدخل لتقرير إخباري تحت عنوان «الأموال الصينية تستحوذ على أفريقيا»، ونشرته صحيفة «ستاندرد» البلجيكية الناطقة بالـ«فلامنية»، وبعد أن أشارت إلى أهمية زيارة رئيس الوزراء الصيني، ركزت الصحيفة على حجم الاستثمارات الصينية الضخمة الموجهة نحو أفريقيا والتي بدأت بـ200 مليون دولار لإقامة مقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا مع استمرار تدفق الاستثمارات الصينية بمبلغ 12 مليار دولار في البنية الأساسية مع رهان رئيس الوزراء الصيني بإقامته خط قطار سريع يربط العواصم الأفريقية بعضها ببعض لتسهيل التعاون الأفريقي - الأفريقي ليجعل الحلم حقيقة، هذا إلى جانب الاستثمارات الضخمة في مجال التكنولوجيا المتقدمة وكذلك إعلان الصين عن تحديد حجم قروضها لأفريقيا للفترة 2013 – 2015 بـ20 مليار يورو.
وترغب الصين في تدفق المواد الأولية نحو مراكز إنتاجها، ولذلك فهي لا تستثمر ملياراتها في البنية الأساسية الأفريقية ولكن أيضا في إقامة مشروعات الطاقة، إذ تشير إحصائيات بنك التنمية الأفريقي إلى 85% من إجمالي صادرات أفريقيا للصين من المواد الأولية والمعادن، فأنغولا على سبيل المثال تمثل نموذجا جيدا للاستثمارات الصينية، بالإضافة إلى أنها تعد ثاني أكبر مورد للنفط للصين بعد السعودية.
ويبذل رئيس الوزراء الصيني قصارى جهده لتحسين علاقات بلاده مع القارة الأفريقية، فقد ارتفعت السوق التجارية بين بكين وأفريقيا إلى 210 مليارات دولار العام الماضي مع طموح صيني بوصول هذا الرقم إلى 400 مليار من الآن وحتى عام 2020.
وشهد عام 2006، نموا متسارعا في مجال التجارة - على وجه الخصوص - بين الطرفين؛ خاصة بعد أن أصدرت الحكومة الصينية «وثيقة سياسة الصين تجاه أفريقيا»، والتي طرحت من خلالها إقامة شراكة استراتيجية صينية / أفريقية على نمط جديد.. ليبدأ الرئيس الصيني السابق «هو جين تاو» في نفس العام زيارة للقارة السمراء شملت 14 بلدا أفريقيا على التوالي، فيما زار رؤساء 12 بلدا أفريقيا بكين؛ ووقعت الصين اتفاقيات تجارية مع 41 بلدا أفريقيا، واتفاقيات ثنائية لدفع وحماية الاستثمار مع 29 بلدا، واتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي والوقاية من التهرب الضريبي مع تسع دول، تجاوزت قيمتها حاجز العشرة مليارات دولار، وحافظت على معدل نمو بلغ أكثر من 30% في السنوات السبع الماضية. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2006 ذاته، أضفى مؤتمر القمة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي حيوية جديدة على تطور التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول الأفريقية؛ حيث طرح الرئيس الصيني السابق أثناء المؤتمر ثمانية إجراءات عملية لبلوغ قيمة التجارة الصينية الأفريقية عشرة تريليونات دولار أميركي.. هذا، وقد قدرت دراسة حديثة حجم مشاريع المساعدة الاقتصادية الصينية في أفريقيا بـ800 مشروع؛ منها 137 مشروعا زراعيا، و133 مشروع منشآت تحتية، و19 مدرسة، و38 مستشفى، وملاعب رياضية؛ وبعثت الصين نحو 16 ألفا من العاملين في الحقل الطبي إلى أفريقيا.
وفي هذا السياق، قال المحلل البحثي لبنك ساوث أفريكا ستاندرد «سيمون فريمانتل»، والخبير الاقتصادي «جيرمي ستيفنز»، في تقرير نشر العام الماضي، إن الاعتماد المتبادل يمكن رؤيته في التجارة البينية بين الجانبين، فحصة الصين من إجمالي الصادرات الأفريقية زادت من 10% عام 2008 إلى ما يقرب من 18% لعام 2012، محققا ربطا ماليا مقدراه 50 مليار دولار، بزيادة 25.5% على أساس سنوي من 39.5 مليار دولار عام 2011. وأضاف التقرير بأن الصين تقدم نحو ملياري دولار مساعدة ثنائية سنويا، ويقدم صندوق التنمية الصيني - الأفريقي نحو ملياري دولار استثمارات في الأسهم الأفريقية. وبحسب التقرير، الذي نشرته منظمة التجارة العالمية، فقد تفوقت الصين على الولايات المتحدة بفارق كبير في حجم وحصة الصادرات العالمية لأفريقيا في عام 2012؛ حيث تصدرت الصين قائمة الدول الـ30 الأكبر من حيث الصادرات بفارق 502 مليار دولار، فيما جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية.. وأوضح التقرير بأن الصادرات الصينية بلغت 2.049 تريليون دولار عام 2012.
وبلغ نصيب الصين من إجمالي الصادرات العالمية حصة 11.2% مقابل حصة 8.4% للولايات المتحدة التي بلغت صادراتها 1.547 تريليون دولار. ولكن اقتصاديا يابانيا قال على هامش مؤتمر في لندن إن حجم الصادرات الصينية لا يعكس بدقة حجم التجارة الفعلي للصين. وأن كثيرا من مكونات الصناعة الصينية تصنع في الخارج، وضرب مثلا على ذلك بهاتف «آبل»، الذي يصدر من الصين.. وقال إن 50% من مكوناته تصنع في اليابان. وفي الشهر الماضي دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الاتحاد الأوروبي لضخ المزيد من الاستثمارات في قارة أفريقيا لمواجهة المنافسة الاقتصادية المتزايدة من جانب الصين في القارة السمراء.
ورأت ميركل ضرورة أن تكون المنافسة الصينية لأوروبا في أفريقيا حافزا لأوروبا على زيادة الاستثمارات هناك وليس سببا للانتقاد.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).