ارسين فينغر يبتسم محاولا التخلص من آلام ومعاناة نادي آرسنال. ويقول المدير الحائز على بطولة كأس إنجلترا: «إن التزامي من الأمور التي لا تدانيها الشكوك، فلدي الرغبة، ولدي حب وظيفتي، ولدي حب الفوز، كما أنني أحب البناء والإنجاز».
وبأكثر من أي شيء، بدأ أرسين فينغر سعيدا للغاية. وعلى مدى شهور، كان المدير الفني لفريق آرسنال مقطبا حاجبيه ومقلصا من عضلات جسده مع تهافت الهجمات من كل حدب وصوب عليه. ولقد شعر بالمؤامرات تُحاك ضده عند كل منعطف، وأحس بفخ منصوب له مع كل سؤال. ولقد كان الأعداء يتربصون به الدوائر في كل مكان، بما في ذلك داخل النادي وأعضاؤه. لقد كان الأمر كالأمطار المنهمرة على رأسه في كل زاوية.
وفي ويمبلي يوم السبت الماضي، بدأت حدة المخاوف والقلق تجد بعض الهدوء، وكانت الصورة السائدة والثابتة لفوز فريق آرسنال في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم على نادي تشيلسي تحمل ابتسامة فينغر العريضة. وحتى أولئك الذين انتقدوه وتصيدوا أخطاءه شعروا ببعض الدفء والهدوء. وعندما انطلقت صافرة الحكم في نهاية المباراة، جمع المقاتل القديم قبضاته ومدد ذراعيه في تفاخر. ثم سارع إلى الملعب ليحتضن كل من مد إليه يد المساعدة في الحصول على كأس الاتحاد الإنجليزي للمرة السابعة. وكان الانطباع العام الشائع لا يختلف كثيرا عن الفرحة البريئة الجزلة التي يشعر بها الأطفال. وهذا بالضبط ما يعيش فينغر لأجل تحقيقه. وهذا هو تماما أصل أسباب معاناته وتعبه.
وبالعودة إلى ما قبل نهائي كأس إنجلترا. كان فريق آرسنال قد استكمل حملته في الدوري الممتاز في استاد الإمارات – في المركز الخامس – وظل فينغر أبعد ما يكون عن الاحتفاء باللاعبين. ولقد قال إنه أراد لهم الاستمتاع بجولة الشرف التي يستحقونها، ولكن الأمر بدا كما لو أنه اعتراف بحالة الانقسام التي لا بد أن يتحمل أوزارها.
ولم يكن لدى فينغر أي تفكير آخر غير المضي قدما نحو جماهير آرسنال في ويمبلي، وكان هناك صياح كبير من الجماهير عندما رفع قبضتيه ملوحا بهما أعلى رأسه. وقال فينغر: «كلا، أبدا، لم يكن هناك أي تردد قط. لقد التقيت بالكثير من مشجعي فريق آرسنال والذين كانوا في منتهى الروعة والإعجاب. ولقد قلت ربما أن هناك نسبة واحد في المائة ممن أساءوا التصرف، لكن هناك 99 في المائة آخرين ممن كانوا في منتهى الروعة. وأولئك هم الذين نلعب لأجلهم».
وأردف فينغر يقول: «لا أعتقد أننا سنكون آدميين إن قلنا: (حسنا، رائع، إني أستمتع بهذه الإساءة)»، هناك نوع من العنف المتفشي في مجتمعاتنا الآن، حيث لدى الجميع رأيه وموقفه منه، وعلينا أن نتعايش مع ذلك. وقال أيضا: «الشيء الوحيد الذي أقوله هو أنه أثناء المباراة نريد من المشجعين الحقيقيين أن يساندوا الفريق. ولن أقبل أبدا بخلاف ذلك أثناء اللعب. وإذا أراد الناس رحيلي، فسأرحل بناء على رغبتهم. يمكنني قبول هذا. ولكن أثناء المباراة، أنتم هنا لمساندة الفريق».
ولقد شهد هذا الموسم – والذي كان أكثر المواسم إرهاقا ومعاناة في حياة فينغر المهنية – الكثير من الغضب والاحتجاج. فمن يمكنه أن ينسى الرسائل التي تجرها الطائرات التي تنتقده وتطالب برحيله في السماء أو التمرد بين المشجعين المسافرين بعد هزيمة كريستال بالاس الماحقة؟ يقول فينغر: «إنني رجل متسامح. وتقوم هذه المهنة بالأساس على الثقة الكبيرة في البشر، فإن كنت لا تستطيع التسامح، فلن تثق في أحد أبدا. والشيء الوحيد الذي أنصح به المدربين الشبان هو إن كان لديك ميل نحو جنون العظمة فلا تعمل في هذه المهنة».
أدخل فينغر يده في جيب بنطال سترته وأخرج حقيبة جلدية صغيرة تضم الميدالية الفائز بها. وفي المعتاد يقذف فينغر الميداليات الفائز بها إلى الجماهير، ولكن حيث إن هذه اللحظة تجسد جزءا من التاريخ فلقد قال إنه سيحتفظ بها.
ومن الواضح، أنه سئل عن مستقبله. وكانت الفكرة هي الاستمرار مع نادي آرسنال، أليس كذلك؟ فأجاب قائلا: «أنت تسألونني هذا السؤال مرة واحدة على الأقل أسبوعيا. ألا تمنحوني بعض الوقت لأستريح». يمكن أن يبدو فينغر مريضا من الناحية الظاهرية لكي يراوغ وينكر. ولكنه كان في مزاج يشع بالراحة والهدوء، كما أنه تحدث بمشاعر حقيقية حول دوافعه ومحفزات استمراره.
ثم قال مازحا «إنني رجل صغير في السن رغم أنني لا أبدو كذلك. وهذا هو الفارق. لدي الرغبة. وأحب وظيفتي. وأجب الانتصار. وأحب الإنجاز والبناء. وأحب تشجيع الناس على الاستمرار. وأحب ما أفعله. إن الأمر بهذه البساطة. إنني أدعوكم، ليوم واحد فقط، للعيش معي والشيء الوحيد الذي لن تشككوا فيه أبدا هو التزامي». وأضاف يقول: «بالنسبة لي، فإن كأس الاتحاد الإنجليزي تتعلق بشدة العواطف وقوتها. فمن أين يمكنكم الحصول على ذلك؟ إن المباريات النهائية تحظى بشعبية غامرة في كل بلد من البلدان. إنها تعبر عن انفجار عواطف ومشاعر جماهير المشجعين».
يدين انتصار فينغر على نادي تشيلسي، المتوج بلقب الدوري مؤخرا، بكل شيء إلى شخصية المدرب، ولقد كان الأمر واضحا بجلاء عندما انتفض آرسنال بعد هدف تعادل تشيلسي عن طريق دييغو كوستا. وعند هذه المرحلة، كان فريق تشيلسي يتطلع لحصد ثنائية الدوري والكأس، رغم طرد أحد لاعبيه بعد تظاهر فيكتور موزيس بعرقلته داخل منطقة الجزاء. لكن هدف الفوز جاء عن طريق آرون رامزي بعد ذلك بثلاث دقائق.
وقال فينغر: «لقد فزت ببعض ثنائيات الدوري والكأس وأعلم شعور الفريق عندما يكون على القمة، ولا بد من شيء خاص لكسر هذه الروح». «عندما تعادلوا، كما اعتقدت: ها نحن ذا. لسوف يعطيهم هذا بعض الزخم. ولسوف نشعر بالذنب ولسوف يستفيدون من ذلك. وكنت قلقا للغاية أثناء اللعب. ولكننا رددنا لهم الضربة على الفور».
فينغر قام بزيادة عدد لاعبي خط دفاعه. وكان قلب الدفاع بير ميرتساكر قد بدا أول ظهور له منذ 13 شهرا وهو لم يلعب أبدا وسط ثلاثة لاعبين في قلب الدفاع، بينما أليكس أوكسليد تشامبرلين، الذي عاد لتوه من إصابة في أوتار الركبة، لم يلعب أبدا في مركز الجناح - الظهير الأيسر. يقول أوكسليد تشامبرلين، والذي شغل الكثير من المراكز: «أعتقد أنني قلت قبل بضعة أسابيع إنني قد ألعب ظهيرا أيسر قريبا. ولقد كنت أمزح وقتها فقط. ولكي يحدث الأمر فعليا في المباراة النهائية كان من قبيل المفاجأة».
كانت من أكثر المباريات راحة في مسيرة مدافع آرسنال روب هولدينغ، إلى جانب ميرتساكر وناتشو مونريل، الذي وقف في وجه كوستا. ولقد قال ميرتساكر إن هولدينغ كان مثل الشرطي السيئ وهو الشرطي الصالح. «عدنا للعمل على كوستا. وكان روب يجعله يمر بوقت عصيب للغاية، وكنت دوما ما أربت على كتفه. لقد كنت ودودا بينما كان روب مستمرا في الحديث إليه. لقد كان دورا مزدوجا لعبناه بحرفية».
خاض فريق آرسنال المباراة النهائية بعد ثمانية انتصارات متتالية من أصل تسع مباريات ومع ما وصفه ميرتساكر بقوله «الاتجاه الجديد»، حيث تحول فينغر إلى تشكيل 3 - 4 2 - 1. ولقد كانوا لا يزالون الأضعف غير أنهم وجدوا وسيلة نحو الانطلاق. وقال ميرتساكر: «إنه من الأمور المثيرة حقا أن نرى مدى سرعة تغير الأمور في الواقع».
غلبت ابتسامة فينغر نزوعه إلى التبرير، لكن الأهم من ذلك، كانت آماله نحو المستقبل. وكانت حالة الإحباط هي جزء من تجربة فينغر الشخصية. لماذا لا يلعب نادي آرسنال بهذه الطريقة الرائعة في كل أسبوع؟ إننا لن نفتقده بعد تجديد عقده لمدة عامين.
السعادة تغمر فينغر بعد موسم عصيب - آرسنال والكأس التي أنقذت موسمه