كابل تكافح التوتر بتلوين زاهٍ للمنازل

مشروع تديره السلطات المحلية لتجميل العاصمة الأفغانية

جانب من العاصمة الأفغانية (أ.ب)
جانب من العاصمة الأفغانية (أ.ب)
TT

كابل تكافح التوتر بتلوين زاهٍ للمنازل

جانب من العاصمة الأفغانية (أ.ب)
جانب من العاصمة الأفغانية (أ.ب)

تنداح الألوان البهيجة للطلاء وتتناثر في كل مكان، وذلك بعد أن تعثر الصبي الصغير الذي كان واقفا على نتوء بواجهة صخرية، ويتخذ الدلو الصغير الذي كان يحمله مسارا لولبيا هابطا على جانب الجبل، وبعد مرور ثوان يقف الصبي ويمرر يده على صدره لبرهة ويبتسم.
ويساعد الصبي الذي يبلغ من العمر 9 سنوات نقاشا على طلاء منزله الصغير المقام على جانب تل في وسط العاصمة الأفغانية كابل. وتم طلاء قرابة ألفي منزل داخل منطقة جوي شير المتربة التي تعاني من الفقر وتبعد بنحو كيلومتر واحد عن القصر الجمهوري الأفغاني، وذلك بألوان بهيجة، بفضل مشروع جديد تديره السلطات المحلية بكابل.
وقال عبد الجليل سلطاني، المتحدث باسم بلدية كابل، لوكالة الأنباء الألمانية، إن هذا المشروع الرائد الذي تم تدشينه الأسبوع الماضي، يهدف إلى «تجميل» كابل والإسهام في جلب «الاسترخاء العقلي» للمواطنين.
وهذه المدينة التي تؤوي 5 ملايين نسمة، بحاجة ماسة وملحة حاليا إلى لمسة من الجمال والاسترخاء، ولا يزال مئات الآلاف من المواطنين النازحين من ديارهم يهربون إلى العاصمة بعيدا عن عمليات القتال الدائرة بين قوات الحكومة الأفغانية وحركة طالبان الإسلامية في مناطق متعددة في أنحاء البلاد.
وصارت المدينة عاجزة حاليا عن التعامل مع التدفق الجماعي للمواطنين، وأصبحت الوظائف والمساكن نادرة، وبات الفقر يزداد في الأحياء العشوائية الآخذة في النمو والاتساع.
من ناحية أخرى، ترتفع أيضا مستويات الخطر في العاصمة الأفغانية، ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي وقعت 7 هجمات كبيرة شنتها ميليشيات طالبان أو تنظيم داعش، وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل وإصابة مئات المواطنين، وتقع الهجمات الأصغر حجما، مثل وضع العبوات الناسفة داخل عربات الشرطة، أسبوعيا بشكل منتظم هذه الأيام، إذا لم تكن بشكل يومي.
ويقول سلطاني المتحدث باسم البلدية إنه مع دخول مشروع طلاء منازل كابل الجديد بألوان زاهية، أصبح في إمكان سكان المناطق الجبلية الاختيار بين الألوان البرتقالية أو الحمراء أو الصفراء أو البيضاء أو الزرقاء لطلاء منازلهم. ومع ذلك أصبح من الواضح أن اللون الأحمر لم يعد مفضلا بين السكان المحليين.
ويقول محمد موسى، وهو ساكن يبلغ من العمر 60 عاما ويقيم في منزله الصغير المكون من 3 غرف وتم الآن طلاؤه باللون الأزرق الزاهي، إن «اللون الأحمر هو لون الدم، ونحن رأينا ما يكفينا من الدماء»، وعاش موسى في هذا المكان مع أسرته طوال 14 عاما منذ أن قدم عائدا من إيران التي هاجر إليها. ويضيف موسى أن المنازل المطلية بالألوان الزاهية تسهم في تجميل كابل، وهو يريد أن يستمر المشروع، غير أنه يعترف بأنه لا يحل المشكلات الأساسية التي يعاني منها السكان.
ويوضح موسى قائلا إن «منطقتنا جبلية، وليست لدينا سلالم مناسبة لنصعد عليها إلى بيوتنا، ولا توجد طرق أيضا، ولا عيادات طبية، كما أن المدارس بعيدة عنا»، وأضاف أن المنطقة لا تزال تفتقر إلى المياه النظيفة.
ويقع كثير من أحياء كابل على تلال مماثلة، ومعظمها صخرية التكوين. ويتم تشييد المنازل من الطوب البني المصنوع من الطمي، أو من الصخور التي تجلب من الجبال، ونادرا ما تتمتع هذه المنازل بخدمات الصرف الصحي، كما أنها تكون شديدة الحرارة صيفا، بينما لا توفر ملاذا مناسبا من صقيع رياح الشتاء شديدة البرودة.
ويقول شمس الحق، وهو ساكن يبلغ من العمر 52 عاما وينحدر أصلا من مقاطعة بانشير الكائنة في الشمال الشرقي من أفغانستان، إن هذه المبادرة ستعمل على «رسم وجه أكثر بهجة لكابل».
بينما يقول على ميرزا، وهو ساكن آخر، إنه في حالة احتياج السكان لطبيب، فيتعين عليهم وقتها أن يقوموا هم ومجموعة من السكان بحمل أفراد أسرهم المرضى على نقالة هابطين بهم الجبل، وهو أمر يستغرق أكثر من ساعة من الزمن.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.