لماذا وكيف بدأت حركة الاحتجاج في شمال المغرب؟

لماذا وكيف بدأت حركة الاحتجاج في شمال المغرب؟
TT

لماذا وكيف بدأت حركة الاحتجاج في شمال المغرب؟

لماذا وكيف بدأت حركة الاحتجاج في شمال المغرب؟

بدأت الاحتجاجات في مدينة الحسيمة بشمال المغرب بعد مقتل تاجر السمك محسن فكري في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) 2016، حيث اتخذت الحركة الاحتجاجية بعدا اجتماعيا وسياسيا.
ولقي فكري مصرعه سحقا داخل شاحنة لجمع النفايات في الحسيمة أثناء احتجاجه على مصادرة السلطات كمية من سمك السيف وإتلافها من قبل مسؤولي المدينة، بسبب اصطيادها في غير موسمها. وقد أمر ملك المغرب محمد السادس بإجراء تحقيق دقيق في الحادث. لكن مقتل فكري شكل صدمة، خصوصا أن وقائع الحادثة صورت على هاتف جوال ووضعت على الإنترنت.
في 30 من أكتوبر، أي بعد يومين فقط من وفاة فكري، شارك آلاف الأشخاص في تشييع جنازته، ونظمت سلسلة من المظاهرات الشعبية في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) في الحسيمة، وداخل عدد من مدن الشمال الأخرى، وكذلك في الرباط والدار البيضاء للاحتجاج والمطالبة بإحقاق العدل.
ورفع المتظاهرون الأعلام الأمازيغية أو أعلام «جمهورية الريف» التي لم تعمر طويلا بعد إعلانها في عشرينات القرن الماضي ضد المستعمر الإسباني.
في الخامس من يناير (كانون الثاني) 2017، تدخلت قوات الأمن لتفريق اعتصام في الحسيمة. وفي الخامس من فبراير (شباط) جرت مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن سقوط نحو ثلاثين جريحا من رجال الشرطة. وفي 26 من مارس (آذار) الماضي هاجم متظاهرون بالحجارة مقرا للشرطة في إمزورن المدينة المجاورة للحسيمة، وأضرموا النار في محيط المبنى، واعتقل 14 شخصا. وبعد يومين أقيل والي إقليم الحسيمة.
أيام قليلة بعد ذلك، وبالضبط في 11 من أبريل (نيسان) الماضي قام وزير الداخلية الجديد عبد الوافي لفتيت بأول زيارة رسمية إلى الحسيمة، أكد خلالها أن منطقة شمال المغرب «أولوية استراتيجية» للدولة. ودعا إلى «إرساء ثقافة الحوار»، منتقدا الذين «يعملون على استغلال الحركات الاحتجاجية».
وفي 27 من أبريل صدرت أحكام بالسجن لمدد تتراوح بين خمسة وثمانية أشهر على سبعة متهمين في قضية موت بائع السمك. وفي المجموع اتهم في هذه القضية 11 شخصا، بينهم مسؤولون في إدارة صيد السمك، وموظفون في وزارة الداخلية وفي شركة التنظيف.
ومع ذلك فقد تحولت القضية مطلع مايو (أيار) الماضي إلى «زلزال اجتماعي»، حسب بعض الصحف المحلية، حيث توالت الاحتجاجات التي كان فيها ناصر زفزافي، زعيم الحركة الاحتجاجية التي باتت تسمى «الحراك»، يردد باستمرار بأن مطالب السكان اقتصادية واجتماعية ولم يتم خلالها طرح إقامة دولة مستقلة، وقال في هذا السياق: «منذ ستة أشهر مطالبنا واضحة وشرعية في إطار القانون؛ بناء مستشفيات وجامعات وبنى تحتية، ومكافحة لوبيات العقارات، ومحاربة اللوبيات الذين يسرقون الثروة السمكية»،
لكن في 26 من مايو الجاري أظهر تسجيل فيديو على هاتف جوال نشر على «فيسبوك»، كيف هاجم زفزافي إمام مسجد محمد الخامس، وهو ما جعل عددا كبيرا من الناس يستهجنون تصرفه وعدم احترامه لحرمة المسجد.
وخلال الأيام الماضية جرت صدامات ليليلة بين الشرطة ومتظاهرين في الحسيمة ومدن أخرى في الإقليم. كما نظمت اعتصامات «تضامنية» في عدد من مدن الشمال، وكذلك في الدار البيضاء والرباط ومراكش.
وأول من أمس، أوقف ناصر زفزافي مع آخرين، وأكد النائب العام لملك المغرب في الحسيمة أن الموقوفين يخضعون للتحقيق بتهمة ارتكاب «جنايات وجنح تمس بالسلامة الداخلية للدولة، وأفعال أخرى تشكل جرائم بمقتضى القانون».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.