الأمم المتحدة: اليمن يتجه نحو الانهيار الكامل

أوبراين يحذر من «خطر ثلاثي» ... وولد الشيخ شكر السعودية وأكد أن انتهاكات الحوثيين تخرق القانون الإنساني

عناصر من قوات تابعة للحكومة في منطقة شمال غرب تعز (رويترز)
عناصر من قوات تابعة للحكومة في منطقة شمال غرب تعز (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: اليمن يتجه نحو الانهيار الكامل

عناصر من قوات تابعة للحكومة في منطقة شمال غرب تعز (رويترز)
عناصر من قوات تابعة للحكومة في منطقة شمال غرب تعز (رويترز)

أكدت الأمم المتحدة، أمس، أن اليمن يتجه نحو الانهيار الكامل، ويواجه سكانه خطرا ثلاثيا يتمثل في الحرب والمجاعة وانتشار وباء الكوليرا القاتل، فيما يقف العالم متفرجا.
وحذر المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، خلال إفادة أمام مجلس الأمن، من أن غياب الأمن سيؤدي إلى الفقر المدقع في اليمن، مشيرا إلى أن ميليشيات الحوثي - صالح لا تزال تواصل أعمال القتال وتدمير المنشآت، «وقتلت وجرحت عشرات المدنيين، ما يعد خرقا أساسيا للقانون الدولي الإنساني». وأوضح أن «اليمن لا يزال مكانا خصبا للجماعات الإرهابية، بسبب غياب الأمن». كما ندد بانتهاكات حقوق الإنسان بما فيها الحكم بإعدام الصحافي يحيى الجبيحي والتضييق على جماعة دينية تتعرض للمداهمة، مشددا على ضرورة أن تعيش الجماعات الدينية بأمان.
وقال ولد الشيخ، إن تواصل القتال في اليمن يؤدي إلى انتشار أوسع للسلاح والألغام الأرضية. وأوضح أنه ناقش الوضع في اليمن مع الحكومة الشرعية (أول من أمس) وسلطات صنعاء، خصوصا الوضع في الحديدة، إلا أنه أعرب عن أسفه لعدم حضور فريق التفاوض التابع للحوثيين المباحثات التي كانت ستتركز على اقتراحه بحل أزمة الحديدة ودفع رواتب موظفي الدولة في أنحاء اليمن كافة.
وقال المبعوث الأممي إلى اليمن، إنه لم يتم إحراز أي تقدم في جهود التوسط للعودة إلى المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق يسمح بمرور الشحنات الضرورية إلى ميناء الحديدة. وقال لمجلس الأمن: «لا أخفي على هذا المجلس أننا لسنا قريبين من التوصل إلى اتفاق شامل». وقال ولد الشيخ إن اقتراحه بشأن الحديدة يشمل وصول إيرادات الدولة عبر الحديدة وصنعاء، ووضع جميع الإيرادات تحت سلطة واحدة، كي يتم دفع رواتب جميع موظفي الدولة.
وفي هذا الصدد، أعرب المبعوث الأممي عن شكره للمملكة العربية السعودية والبنك الدولي على البحث عن إيجاد الطرق الكفيلة لمساعدة اقتصاد اليمن وعافيته. كما أشار إلى الحادث الذي تعرض له الموكب الأممي بين المطار وصنعاء، مطالبا سلطات صنعاء بالتحقيق في الحادث الخطير الذي أدانه. إلا أنه أكد أن «الحادث زادني إصرارا على العمل من أجل التوصل إلى حل يؤدي إلى حقن الدماء» في اليمن.
وأكد ولد الشيخ «أهمية وحدة الصف في الأمم المتحدة كي تساهم في الحل السلمي». واختتم كلمته متسائلا: «ما ذنب الأبرياء الذين دفعوا حياتهم دون سبب ودفعوا حياتهم فاتورة حرب الزعماء» ، مشيرا إلى أن «الأزمة الإنسانية وشبح المجاعة من صنع البشر، ومن الممكن تفاديهما».
من جانبه، انتقد رئيس الشؤون الإنسانية الأممي، ستيفان أوبراين، تقاعس المجتمع الدولي أو خلافاتهم بشأن الحرب اليمنية، محذرا من استمرار أزمة اليمن الغذائية التي تعتبر، حسب ما قاله، «الأسوأ في العالم»، حيث يواجه أكثر من 17 مليون نسمة الأزمة، بمن فيهم 8 ملايين على حافة الجماعة. وقال أوبراين أمام مجلس الأمن الدولي، إنه «حان الوقت الآن» لإنهاء أكبر حالة طوارئ غذائية في العالم وإعادة اليمن إلى طريق البقاء. وأكد أن «الأزمة ليست قادمة أو وشيكة بل إنها حقيقة واقعة اليوم وتحت أنظارنا، والناس العاديون يدفعون الثمن». وأضاف: «سكان اليمن يتعرضون للحرمان والأمراض والموت بينما العالم يتفرج». وأكد أن الوضع يتجه نحو «الانهيار التام اجتماعيا واقتصاديا ومؤسساتيا». ويواجه اليمن نقصا شديدا في الغذاء طال نحو 17 مليون شخص، من بينهم نحو سبعة ملايين يقتربون من حافة المجاعة في البلاد التي تعتمد على الأغذية المستوردة. ومنذ أواخر أبريل (نيسان) قتل وباء الكوليرا 500 شخص، فيما يعاني 55 ألفا و206 يمنيين من حالات المرض، ثلثهم من الأطفال. ويتوقع أن يصاب 150 ألف شخص آخر بالكوليرا في الأشهر الستة المقبلة.
وقال أوبراين، إن الحالة الإنسانية في اليمن ليس سببها الجفاف بل الحرب، «فلولا النزاع لما حصلت المجاعة»، مشيرا أيضا إلى أن الأمم المتحدة ستعمل كل ما في وسعها «لتفادي المجاعة» والوصول إلى الحل السلمي. وسرد أوبراين الحال في اليمن وقال إن «قدرة الناس على شراء الطعام تضاءلت، وإن المدن تعاني من انعدام الأمن، ويعاني الشعب من ارتفاع أسعار المواد التموينية الضرورية والوقود، والاقتصاد يتدهور كثيرا، وقدرة الدولة اليمنية على التعامل مع الأمن الغذائي تتضاءل».
وقال أوبراين، إن «هناك أكثر من مليون يمني يعملون في الخدمة المدنية لم يحصلوا على رواتبهم منذ فترة، وإن نظم المياه والصرف الصحي معدومة لملايين الأشخاص، بالإضافة إلى انتشار النفايات على جوانب الطرقات، الأمر الذي أدى إلى انتشار الأمراض خصوصا الكوليرا، حيث هناك أكثر من 55 ألف حالة، وقد ترتفع الحالات بسبب النزاع». وأشاد أوبراين بالعاملين في المجال الإنساني المحلي والدولي الذين يعملون مع السلطات على جميع الأصعدة لمنع انتشار الكوليرا بمن فيهم العاملون بالمجال الصحي الذين قالوا إنهم «غير منحازين» لأي طرف، حيث يقدمون خدمات لجميع اليمنيين. كما عبر عن امتنانه للدول المانحة التي قدمت تبرعات سخية لليمن، معلنا أن 56 في المائة منها قد وصل بالفعل، ومشددا على أن «التمويل هو الأكثر فعالية».
وبشأن الحديدة، قال أوبراين إنها تعتبر شريان حياة اليمن، حيث كان اليمن، تاريخيا، يعتمد على 90 في المائة من استيرادته عليها. وأضاف: لقد «أضر الوضع الأمني في الحديدة (يسيطر عليها الحوثيون) بثقة التجار»، وأنه بسبب الوضع الأمني فإن وقت التخليص على البضائع ازداد من فترة أسبوع إلى 5 أسابيع، مما أدى إلى «تجنب شركات الشحن من استخدام موانئ البحر الأحمر». وطالب أوبراين بضرورة بقاء جميع موانئ اليمن والمسارات الإنسانية بما فيها مطار صنعاء مفتوحة وعاملة وآمنة من أجل وصول المساعدات والسفر والعلاج.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.