إبراهيم معلوف في «مهرجانات بعلبك الدولية»... عودة النجم إلى حضن أمه

حائز جائزة سيزار و أحد أشهر عازفي البوق في العالم

إبراهيم معلوف
إبراهيم معلوف
TT

إبراهيم معلوف في «مهرجانات بعلبك الدولية»... عودة النجم إلى حضن أمه

إبراهيم معلوف
إبراهيم معلوف

مؤلف، وموزع، وعازف بوق، يحيي حفلاته فيما لا يقل عن 28 بلداً في العالم سنويا. إبراهيم معلوف (38 سنة) أحد أشهر عازفي آلات النفخ في العالم. واحتفالاً بمسيرة 10 أعوام من العزف الارتجالي على المسرح، يحطّ الشّاب الفرنسي - اللبناني الأصل، في «مهرجانات بعلبك الدولية»، ليحيي حفلاً يوم 22 يوليو (تموز)، في «معبد باخوس»، بصحبة فرقة من موسيقيين ومغنين ضيوف، لم يُكشف عن أسمائهم. علما بأن مشاهير في الغناء رافقوا عزف معلوف، مثل ستينغ، وفانيسا بارادي، وهنريكو ماسياس. ومعلوف كاتب موسيقى تصويرية لأفلام عدة، وحائز على جوائز مرموقة.
العام الماضي، حصل على جائزة «سيزار» لأفضل موسيقى أصلية لفيلم. وهو يرى أنّ هذه الجائزة «تعبّر عن تقدير عالم السينما» لعمله. زار معلوف لبنان قبل موعد الحفل، وذهب إلى بعلبك في جولة تحضيرية، لتفقّد المكان، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنّه لن يضيف ديكوراً أو ينقص، فالقلعة الرومانية التي ستستقبله من الروعة، ما يدفع الآخرين ملايين الدولارات لعمل ديكور مثيل، ولن تحتاج غير الإضاءة.
شهرة معلوف العالمية لم تترجم عربياً بعد، ولا حتى لبنانياً. يعود ذلك إلى «عشق الإنسان العربي للغناء، وأنّه لم يعتد الإنصات إلى الموسيقى وحدها حين لا ترافقها الكلمة».
لبناني ويذكّر دائماً بذلك، وله أسطوانة خاصة تحيّة لأم كلثوم، متمنياً لو أنّه استطاع أن يفعل الأمر نفسه مع فيروز. «لكن الحصول على الحقوق لأغاني مايكل جاكسون، أسهل من الحصول على مثلها من فيروز». ويضيف: «قلت دائما إنّ ثقافتي لبنانية موسيقياً. الفنانة التي تمثل ثقافتي هذه بالشكل الأفضل هي فيروز. وعزفت إحدى أغنياتها (سألوني الناس)، في ألبومي الثاني الذي صدر عام 2009. أحبّ أيضا صوت أم كلثوم التي كنت أستمع كثيراً إليها في صغري، وحين طلبت الحقوق لها تمت الموافقة. على أي حال لا بدّ أنّ فيروز أيضاً من عشاق أم كلثوم، لأنّها صوت فريد، يجمعنا كلّنا حوله. وعبر ألبومي لها، أحببت أن أحييها وأحيي العرب جميعاً من خلالها».
موسيقاه تخلط بين الشرقي والغربي، ويعزف على بوق خاص، ابتكره والده الموسيقي نسيم معلوف، له أربع دوسات. «كان حلم والدي أن ينتشر هذا البوق الذي ابتكره. لكن للأسف لا أحد غيري، وعدد محدود جداً من الأشخاص يجيدون العزف عليه. البعض يطلب أن أعلّمهم، خصوصا بعد أن نلت شهرة. في اسكندنافيا وتركيا وبريطانيا واليابان، يوجد مهتمون بالموسيقى العربية ويريدون التعلم، لكنّ الوقت أضيق من أن يتسع». وهو بوق مختلف كلياً في تقنياته عن الآلة العادية المعروفة للجميع.
لفترة طويلة لم يحب الموسيقي الشاب البوق. لكن «الآن تعلّقت به لأنّ هذه الآلة التي ابتكرها والدي تتجاوب تماماً مع ثقافتي التي أحملها. من الصعب أن أجد آلة مماثلة تشبه انتمائي وما أحمله في ذاتي. إنّها تعزف البوب والباروك والموسيقى الكلاسيكية والعربية وموسيقات أخرى، تماماً كما أريد».
لكنّه، بهذا الخلط الموسيقي متهم في فرنسا بأنّه لوث الجاز. أمر يستفزّ إبراهيم الذي يردّ: «لا يهمني كثيراً اسم الموسيقى التي أعزفها. يعنيني أن أؤلف وأعزف ما أحب ويعجب الناس، أمّا التسميات، فلا مشكلة بشأنها. لطالما كان هناك متشددون في عالم الجاز. وكلما عزف أحدهم بشكل مختلف، وجد من يتصدى له. فحين وصل الـ(بيب بوب)، قال الجميع إنّه ليس من الجاز في شي، وصار اليوم في عمق هذا الفن. الجاز عاش دائماً على تناقضاته. المعترضون صوتهم باستمرار أعلى من الموافقين. بيد أنّ هذا لا يمنع الحركة».
إذا كان الجاز هو موسيقى الشارع الأميركي التي بعد ولادتها اختلطت بموسيقات العالم، من أفريقيا إلى البلقان وأميركا اللاتينية والآن الشرق. «فإن هذا ما يزعجهم كثيرا». يؤكّد معلوف «نعم هناك من يؤرقهم هذا التثاقف الغربي - العربي». ويروي كيف «أنّ أحد عازفي البوق الحاسدين، بمجرد أن بدأ اسمي يظهر ويشتهر للمرة الأولى، طبع صورتي من (فيسبوك) وبصق عليها وأعاد نشرها. يصل التشدد إلى حد عبثي أحياناً، وهذا محزن جداً. هذه الصراعات الفنية هي التي تلوث الجاز، ولست أنا. لأنّ كلّ ما أفعله أن أكتب الموسيقى وأعزف، وأحب الناس».
قد يكون حرص إبراهيم معلوف المتحدّر من عائلة عرفت بالفن وعشقها للّغة العربية، على التذكير بأصوله العربية، مجلبة للإزعاج في فرنسا. فبعد أحد التفجيرات وفي حين كان يغادر بالقطار من باريس إلى لندن، ليحيي حفلة هناك، جاءه رجال شرطة في باريس، طالبين منه مصادرة جواز سفره بناء على إشارة من الإنتربول. ويعلق معلوف على هذه الحادثة بالقول: «كانوا يعرفون أنّني موسيقي، ويعلمون من أنا، ومع ذلك حصلت تلك الحادثة، وأكملت طريقي مستخدماً هويتي. وقدّمت حفلي في لندن، متأخراً نصف ساعة عن الموعد. ثم بعد ذلك وصلني اعتذار من رئيس شرطة باريس شخصياً، يقول فيه إنّ الأمر حدث عن طريق الخطأ».
هو حفيد الصحافي والفنان رشدي معلوف، وابن أخت أمين معلوف الذي يقول إنّه يعشق كتاباته، ويعيد قراءتها باستمرار، بينما يحضر خاله بدوره بعض حفلاته، حين يسمح وقته بذلك، وتربطهما علاقة عائلية متينة.
ولد إبراهيم معلوف في بيروت أثناء إحدى زيارات أهله إلى لبنان عام 1980. وكانوا قد تركوا البلاد إلى فرنسا قبلها، هرباً من الحرب الأهلية. يتحدث العامية بفضل والديه اللذين أصّرا على ألا ينطق غير العربية في المنزل، ويأسف لأنّه لا يكتب ولا يقرأ الفصحى. يشعر بفخر كبير لانتمائه إلى آل معلوف، ويعتبر أنّه يحمل تراثاً أدبياً وفنياً يتحمل مسؤوليته، ويعرف أنّ عليه أن يرعاه ولا يفرط به.
ويعلق معلوف: «واحدة من الأمور التي كنت أحرص عليها، أن أقتني بيتاً شخصياً في لبنان. وبمجرد أن علمت أنّ منزل والد جدي رشدي، وكان اسمه أمين معلوف، قد عرض للبيع في بلدة (عين القبو) اشتريته. هذه طريقة لأبقى على تواصل مع أجدادي وتاريخي، ولإعطائهم حقهم وصيانة القيم التي تركوها لنا».
ويضيف معلوف، أنّ أجمل اللحظات هي تلك التي تتبع حفلاً، إذ تغمره بعدها والدته والدموع في عينيها فخراً به. وعودته إلى لبنان فنياً ليست الأولى، وفي بعلبك يقدّم حفله الثاني، لكنه هذه المرة يريد أن يشعر حقاً أنّه في أحضان وطن يكنّ له اعتزازاً، يوازي الحفاوة به في العالم.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.