هل من الحكمة معاقبة أشخاص لالتقاطهم صوراً مباشرة لحوادث؟

هل من الحكمة أن يُحاكم أولئك الذين ما إن يصادفوا حادثا، حتى يسارعوا لأخذ جوالاتهم لالتقاط الصور أو وتسجيل مشاهد فيديو، غير مبالين بما قد يتسبب به تصرّفهم من ازدحام قد يعيق أحياناً حركة فرق الإطفاء والإنقاذ، على الرغم من أنّ هذه الصور قد تشكّل من جانب آخر، دليلاً حياً وموثّقا للشرطة يساعدها في تحقيقاتها لمعرفة تفاصيل ما حدث؟
شكّل هذا السؤال مسار نقاش قانوني تحول إلى اختلاف آراء سياسية في إقليم سالزبورغ في النمسا، بسبب تفاوت وجهات نظر المختصين، على الرغم من إجماعهم على حقيقة قانونية تؤكّد أنّ التصوير عموما، ليس ممنوعا ما دام أنّه لا يستهدف أماكن حساسة ومحظورة كتصوير مناطق عسكرية على سبيل المثال.
وكانت فرق إطفاء وإنقاذ قد بادرت برفع هذه الشكوى على من وصفتهم بـ«المزاحمين» (ويُقصد بها المواطنون العاديون الذين يتسابقون ويتزاحمون لتصوير ما يشاهدونه من حوادث تقع أمام أعينهم مباشرة)، خصوصا لدى وقوع أي حوادث مرورية، إذ غالبا ما يعرقل تصرّفهم عمليات الإنقاذ. أمّا أكثر ما يدفعهم لهذا التصرف فهو التفاخر بأنفسهم وبأنهم كانوا شهود عيان على الحادث، فيسارعون لنشر ما التقطوه بجوالاتهم على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، من «فيسبوك» و«إنستغرام» وغيرهما.
وفي هذا السياق تطالب فرق إنقاذ سلطات الإقليم، باتباع قانون مرور ألماني، يجرم المزاحمين ويعاقبهم بالسجن سنة كاملة، في حال ثبت أنّهم تسببوا بزحمة أعاقت حركة السير. بيد أنّ مسؤولين في شرطة الإقليم، تحسسوا من رفع هذه الدعوى لتطبيق قانون يجرّم التقاط صور من قبل شهود عيان، مرجعين السبب إلى الفائدة المهمة التي يجنونها من هذه الصور المباشرة، لأنّها توثق تفاصيل الحوادث وتشكّل لهم دليلا مهما في تحقيقاتهم وتساعدهم على كشف الحقائق. ومن المعروف أنّ الشرطة عادة ما تصل متأخرة لمواقع الحوادث. فيما لم تغفل الشرطة الإشارة إلى أنّ بعض صور شهود العيان، هي بمثابة سلاح ذي حدين، خصوصا أنها قد تكون أداة تنبيه للجناة، لدى الإسراع في نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، مما قد يعيق أحيانا مجريات التحقيقات.