«الشرق الأوسط» في مهرجان كان (10): خلطة من الأفلام ذات المصادر الأدبية... من سيكون الرابح الأكبر؟

مع إسدال المهرجان دورته السبعين هذا المساء

واكين فينكس في «لم تكن حقاً هنا» - إيمانويل سينجر في «قصة من الواقع»
واكين فينكس في «لم تكن حقاً هنا» - إيمانويل سينجر في «قصة من الواقع»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان (10): خلطة من الأفلام ذات المصادر الأدبية... من سيكون الرابح الأكبر؟

واكين فينكس في «لم تكن حقاً هنا» - إيمانويل سينجر في «قصة من الواقع»
واكين فينكس في «لم تكن حقاً هنا» - إيمانويل سينجر في «قصة من الواقع»

يسدل مهرجان «كان» هذا المساء الستار على دورة وصفها كثيرون بأنها، في أفضل الأحوال وبكثير من اللطف، إشكالية.
دورة عرض فيها نسبة أعلى من الأفلام المتسابقة غير المميّزة. ودورة واجه فيها جمهور المنتقدين لقيامه بإدخال أفلام من شركتي «نتفلكس» و«أمازون» غير المصنفتين كمؤسستين سينمائيّتين، بل قام باختيار أعمال تلفزيونية لتقديمها، ولو خارج المسابقة.
مع عرض آخر أفلام المسابقة أمس (السبت) فإن المهرجان، الذي ما زال لديه فيلم واحد خارج المسابقة لكي يعرضه بعد توزيع الجوائز هذا المساء (فيلم تشويقي جديد للمخرج رومان بولانسكي)، أظهر أنه لم يكن جاهزاً بأفلام متميّزة كثيرة، ناهيك أن تكون متميّزة لدورة أريد لها أن تحتفي بمرور 70 سنة على إقامته.
مدير المهرجان، تييري فريمو، أوحى بأن الأفلام التي أرادها، ومن بينها «دنكرك» للأميركي كريستوفر نولان و«أنيت» للاوس كاراكس و«فيكتوريا وعبدل» لستيفن فريرز، لم تكن كلها متوفرة وقتما حان موعد إغلاق الانتساب. وربما يؤكد ذلك أن فيلم لين رامزي الذي هو آخر أفلام المسابقة المعروضة بدا كما لو أنه لم يسعه الوقت الكافي حتى لإضافة أسماء العاملين به في النهاية.
* استيحاءات هيتشكوكية
الفيلم هو «أنت لم تكن هنا حقاً» وهو مأخوذ عن رواية قصيرة للكاتب جوناثان آمس أرادت المخرجة رامزي نقلها بإيقاعها وجوانبها الحادة. هي غير مكتوبة كسرد كلاسيكي وفيها أحداث تختلط بأحداث وأخرى تقفز فوقها، وهكذا الفيلم مع إضافة أن الكثير من مشاهد الاستعادة (فلاشباك) تظهر في غير موضعها، كما لو أن المخرجة كانت فعلاً بحاجة لمزيد من الوقت للقيام بتوليف الفيلم على نحو أجدى.
إنها حكاية قاتل مأجور اسمه جو (يواكين فينكس) يعيش اليوم بأوجاع الأمس الدفينة. شخصية مرتبكة وحادة يطلب منها البحث عن فتاة في الرابعة عشر من عمرها تم خطفها من قبل عصابة تتاجر بالفتيات الصغيرات في عالم موحش يسوده الفساد بين النافذين وأصحاب الثراء. الفكرة بحد ذاتها مقبولة وإن لم تكن منفردة، وهناك ما يذكرنا بأن مهمّة روبرت دينيرو في «تاكسي درايفر» سنة 1976 لم تكن مختلفة باستثناء أنه لم يكن قاتلاً مأجوراً بل سائق تاكسي يغشوه الضباب دافعاً به لمحاولة تصفية أشرار مشابهين.
جو لديه أسباب أهم من أسباب شخصية دينيرو في ذلك الفيلم، وبعضها لا يعود فقط إلى ماضيه البعيد حين كان لا يزال ولداً صغيراً. فهو شارك في المجهود الحربي الأميركي كمجند والتحق بالمخابرات المركزية بعد ذلك، وفي الحالتين قتل ما يكفي لكي يزيده ذلك اضطراباً. هناك مشاهد منجزة بتفاصيل بصرية رائعة، لكنها لا تمنح العمل إلا حسنة واحدة في هذا السياق، وهو الذي كان يحتاج إلى قدر من التأني وبعض الإيضاح الممنهج جيداً.
الفيلم الذي سبقه، وذاك الذي سيختتم الدورة هذه الليلة كلاهما تشويقي أيضاً.
الفيلم السابق هو «عشق مزدوج» للفرنسي فرنسوا أوزون المقتبس من رواية أيضاً هي «حياة توأم: عشق مزدوج» للكاتبة الأميركية جويس كارول أوتس صاحبة أكثر من 40 رواية منذ مطلع الثمانينات وإلى اليوم. الماضي يلعب هنا دوراً مهماً، فالفيلم حول طبيب نفسي اسمه بول (جيرومي رنيير) الذي يعالج امرأة شابة (مارين فات) لجأت إليه لأنها باتت تعتقد أن أوجاع معدتها ناتجة عن حالة نفسية وليس بدنية (كما أكد كذلك الأطباء). كليو تجذبه وسريعاً ما يبدآن علاقة قبل أن تعلم بأن للطبيب شقيقا توأما ولو أن ماضيه (أو ماضيهما إذا أحببت) يبقى خارج قدرتها على الإلمام.
لويس (شقيق بول) هو أيضاً طبيب نفسي وهي تعرض مشكلتها الصحية عليه وتجد أن حلوله ليست متطابقة مع تلك التي وفرها بول. والأمور تتعقد من هنا وصاعدا وتتسع لمزيد من المتاهات التي يعالجها أوزون جيداً لكنه يستعير من هيتشكوك ودي بالما (من الأخير مبدأ المرايا الرامز لتعدد الشخصيات)، ولو أنه يفتقد قدرتهما على إبقاء التشويق خالياً من عيوب الرغبات الشخصية التي لديه.
* عودة بولانسكي
أفضل منه فيلم رومان بولانسكي الذي يأتي ليختتم الدورة السبعين، والمرء يتمنى لو كان اختير للافتتاح فلربما منح الحضور طمأنينة لم يستطع «أشباح إسماعيل» المتوعك توفيرها.
بولانسكي في «قصة من الواقع» مبني أيضاً على مزيج من سينما هيتشكوك وسينما دي بالما. موسيقى ألكسندر دسبلات ليست بعيدة الشبه بموسيقى برنارد هرمان لفيلم ألفرد هيتشكوك «فرتيغو» (1958) وحياكة قصّة تتناغم ومعطيات علاقة صراع بين امرأتين، وتقترب ثم تنزوي بعيداً عن المثلية الجنسية، تشبه تلك التي أقدم عليها الأميركي دي بالما في فيلمه الفرنسي (أنتجه طاق بن عمّار) «شهوة» (2012) ولا حتى فيلم ألان كورنيو «جريمة حب» (2012)، وهو أيضاً مقتبس عن رواية أدبية وضعتها دلفين دي فيغان قبل بضع سنوات.
يفتح الفيلم على كاتبة ناجحة اسمها (أيضاً) دلفين (إيفا غرين) وهي توقع كتابها الأخير في حفل أدبي. هناك تتعرف على امرأة تتقدم منها في نهاية صف طالبي التوقيعات اسمها «هي» Elle، كما تقدم نفسها‪.‬
«إل» (إيمانويل سينجر) تعمل كاتبة في الظل وتمنح دلفين أسباباً سريعة للتواصل معها. «أستطيع مساعدتك على كتابة روايتك المقبلة»، تقول لها. لكن «إل» لا ترغب في المساعدة بقدر ما ترغب في التسلط على حياة دلفين وإدارتها كما ترغب. في مكان ما من منتصف الفيلم، وبعد أن انتقلت «إل» لتعيش في البيت ذاته الذي تعيش فيه دلفين، تدرك الأخيرة أنها أصبحت في خطر السقوط في حفرة المرأة الأخرى وهي تسقط فعلاً إنما على سلم منزلها الباريسي ما يصيبها بكسر في الساق. هنا لم يعد هناك إمكانية عدم اتكالها على «إل» خصوصاً أن صديقها (فنسنت بيريز) غائب في رحلة إلى الولايات المتحدة.
سيبقي الفيلم مشاهديه مستمتعين معظم الوقت. فيه بعض التشويق وفيه بعض الحيل وبعض التاريخ الغامض للشخصيات، لكن النظرة الأعمق تكشف عن سيناريو مرتب ليقود مشاهده من وضع لآخر بفعل الصدف والاختيارات المنتقاة من المفارقات على الرغم من احتمالات أخرى يتم إلغاؤها.
إذا ما كان مدير المهرجان تييري فريمو يعتقد أن المهرجان المنسدل أدّى دورة ناجحة، فإن المنتج والموزع الفرنسي تييري لانوفل يكشف في حديث بيننا أن المسألة انتقلت بالفعل من مهرجان يقصد دعم السينما عموماً إلى مهرجان صناعي يكثّف وجود السينما الفرنسية:
«ليس كل السينما. هل شاهدت فيلماً فرنسياً فنياً أو مستقلاً هنا في السنوات الخمس الأخيرة مثلاً؟ غير ممكن».
* موضوع متواصل
إلى ذلك يشير إلى أن ما تم عرضه من أفلام فرنسية لم ينل معظمها تقدير غالبية النقاد هو أفضل ما تقدّمت به شركات التوزيع: «هل شاهدت أفلاماً من باتيه وغومون مثلاً؟» وعند الإجابة بالنفي أضاف: «لأنها لا تملك أفلاماً جديرة بالتقديم حتى ضمن هذا الحيز المحدود من الفن».
السوق، حسب رصد المجلات الأميركية والفرنسية المتخصصة بالصناعة والإنتاج، مثل «ذا هوليوود ريبورتر» و«فيلم فرنسيس» و«فاراياتي»، كانت ضعيفة. الصفقات إما عقدت قبل الحضور إليه أو أنها لم تكن بالمبالغ العالية التي كانت سائدة حتى 8 سنوات مضت.
وخلال الساعات الأخيرة من المهرجان طفت إلى السطح مجدداً عقدة «نتفلكس» التي عرضت فيلمين من إنتاجها هما «حكايات مايروفيتز» و«أوكيا» بنجاح نقدي محدود. ما أعاد القضية إلى الظهور بيان من «اتحاد السينمات الأوروبي» (UNIC) يمثل 36 سوقاً أوروبية، شدد على أن كل الأفلام عليها أن تكون صالحة للعرض في صالات السينما.
هذا الاتحاد القوي من شأنه أن يحبط أي مسعى لنتفلكس أو لمنافستها أمازون في عرض أفلامها في أي مهرجان أوروبي، وربما آسيوي إذا ما أصدر اتحاد مشابه مثل هذا المشروع.
وهذا ما يعارضه المخرج رومان بولانسكي الذي صرّح تعليقاً على البيان وعلى التجاذبات التي سادت المهرجان منذ إعلانه اشتراك هذين الفيلمين في المسابقة، بأن لا خطر على السينما من وجود العرض المنزلي المباشر. قال:
«الناس لا تذهب إلى صالات السينما بسبب تقنيات الصوت الأفضل ولا بسبب المقاعد الأكثر راحة فقط، بل لأنها تريد أن تشاهد الأفلام معاً». ثم أضاف: «الجمهور يحب مشاهدة الأفلام على نحو جمعي. إنها تجربة متأصلة تختلف كثيراً عن تجربة مشاهدة الأفلام في المنزل وحيداً».
وبينما ترفض هذه المسألة أن تُطوى قبل أن يسدل «كان» ستار النهاية، فإن الحديث الجامع والأهم هو من الذي سيفوز بالجائزة في هذه الدورة؟
هناك عدة حقائق قد تضعنا أمام الأفلام الأعلى احتمالاً بالفوز أهمها أن المميّز فعلاً محدود وقليل. معظم الأفلام المشتركة في هذه الدورة ذات عجينة متشابهة من المواد البصرية والفنية ما يجعلها متشابهة في مستوياتها الإبداعية.
* صوب النتائج
كما تقدّم هناك الفيلم الروسي «بلا حب» الذي نال التقدير الأعلى بين النقاد في هذه الدورة. إنه جديد مخرج يوفر لمشاهديه الأسلوب والعين الناقدة اسمه آندريه زفينتسيف وفيلمه الجديد، وإن كان ليس الأفضل بين أعماله السابقة، ما زال يحمل هاتين المتعتين في الشكل والمضمون.
وكان يمكن له أن يبقى في سدّة الترجيحات وحيداً لولا فيلم آخر حمل قوّة شبه مساوية عنوانه «مخلوق رقيق» لمخرجه الليتواني سيرغي لوزنيتسا. إنه فيلم يدور بكامله حول امرأة تعيش في بلدة روسية (فاسيلينا ماكوفتسيفا) تسلمت طرداً كانت أرسلته لزوجها السجين. لا تعرف لماذا أعيد إليها ولم يوفر لها أحد أي تفسير، فتقرر أن تقطع المسافة الطويلة بين قريتها وبين السجن الكامن في مقاطعة روسية بعيدة لعلها تحظى بالجواب. حال وصولها تجد نفسها ممنوعة حتى من الدخول من بوابة السجن الخارجية.
ستسعى وستصد أكثر من مرّة وستقضي ليلتها الأولى في بيئة من السكارى والثانية ما بين الشارع وغرف انتظار، هذا قبل أن يلتوي الفيلم 90 درجة جانبية ليدخل في عالم من الفانتازيا في فصل طويل وغير متصل فعلياً بما سبق يمكن لصقه بأي فيلم آخر ليؤدي ذات الهدف غير المحدد.
روسيا في هذا الفيلم بلد من العاهرات والسكارى والفساد الاجتماعي. لكن المشكلة هنا هي أنه بوجود استثناء واحد عن هذه القاعدة (هو الزوجة المصرّة) فإن هذا الموقف يقتنص نفسه. يقلل من قيمة النقد لعدم امتثاله للواقعية ولخلوه من عنصر آخر (ولو واحد) يقدّم تنويعة ما.
أسلوبياً، يحمل ذات ما حرص المخرج عليه في أفلامه التسجيلية والروائية معاً وهو توظيف كل مشهد يحمل أكثر من شخص واحد فيه، للاستماع إلى حكايات متبادلة بين الشخصيات حتى وإن لم تكن متصلة بالأحداث. مشهد مثل انتقال بطلة الفيلم في مقطورة مزدحمة بينما تتناهى إلى مسامعنا ما يتبادله باقي الركاب من حوار كما لو أن مهمّة الفيلم سرد الحكاية الأساسية، وكل حكاية أو موقف ممكن، سرعان ما يخضع الفيلم لرتابة غير مقبولة.
على ذلك قد يفوز هذا الفيلم بجائزة ما. كذلك فيلم تود هاينس «ووندرستراك» لكونه يلتقي في صميمه مع ما يتعامل وإياه رئيس لجنة التحكيم المخرج الإسباني بدرو ألمادوفار من قضايا في أفلامه: الماضي العابق بمشاكل نفسية وعاطفية تؤدي إلى حاضر من اللون نفسه.
في المقابل، فإن ما يخرج من الاعتبارات المبدئية هو أكثر مما يدخلها، وفي هذا الصدد فإن الرأي المنتشر هنا أن فيلمي صوفيا كوبولا «المنخدعات» وميشيل هنيكه «نهاية سعيدة» لا يستحقان الفوز، ما يرفع من احتمال فوز «ووندرستراك» أيضاً أو فيلم التركي - الألماني فاتح أكين «في الاختفاء».
وبما أن المهرجان فرنسي ومعظم أفلامه مبللة بتمويل فرنسي (حتى لو تحدثت بلغة أخرى)، فمن غير المستعجب خروج أحدها بجائزة ولو في مدار جوائز لجنة التحكيم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».