مهام جسيمة بانتظار حكومة بن دغر في عدن

بن دغر والمفلحي لدى وصولهما إلى عدن أمس («الشرق الأوسط»)
بن دغر والمفلحي لدى وصولهما إلى عدن أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مهام جسيمة بانتظار حكومة بن دغر في عدن

بن دغر والمفلحي لدى وصولهما إلى عدن أمس («الشرق الأوسط»)
بن دغر والمفلحي لدى وصولهما إلى عدن أمس («الشرق الأوسط»)

تواجه الحكومة اليمنية تحديات كبيرة في مجال الخدمات، وبالأخص في المناطق المحررة، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة جراء سيطرة الانقلابيين على الإيرادات الضخمة في المناطق التي تخضع لسيطرتهم.
وعاد رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وعدد من الوزراء في الحكومة، ومحافظ عدن الجديد عبد العزيز المفلحي، ومحافظ البنك المركزي منصر القعيطي، إلى العاصمة المؤقتة عدن، بعد زيارات خارجية استمرت عدة أسابيع، وشملت دولاً عربية وأجنبية.
وفور وصوله، قام رئيس الوزراء، بمعية عدد من المسؤولين، بتدشين مشروع محطة كهرباء جديدة لسد العجز في الطاقة بنحو 60 ميغاواط، في إشارة إلى أن مهام الحكومة في المرحلة المقبلة سوف تتركز على تحسين الخدمات في المدينة التي دمرت الحرب التي شنتها ميليشيات الحوثي وصالح معظم البنى التحتية فيها.
وجاءت عودة بن دغر والمحافظ الجديد بعد يوم واحد من اجتماع ضم الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونائبه علي محسن، ورئيس الوزراء، لمناقشة احتياجات المواطنين، خصوصاً مع تعثر صرف معظم رواتب الموظفين في الجهاز الحكومي بسبب عدم توريد الانقلابيين للإيرادات إلى المقر الرئيسي للبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.
ويشكل ملف الخدمات، وفي المقدمة الكهرباء، أبرز التحديات التي تقف أمام حكومة بن دغر، التي سعت خلال جولة رئيس الوزراء الخارجية إلى إيجاد موارد مالية لتغطية العجز. ومع بداية الصيف في عدن، بدأت منظومة الكهرباء في الدخول في مرحلة عجز شديد، ومن خلال الـ60 ميغاواط التي جرى تدشينها أمس، تسعى الحكومة إلى التخفيف من الانقطاعات الطويلة للتيار في عدن والمحافظات المجاورة، وتحديداً أبين ولحج والضالع، وأثارت مشكلة عجز الكهرباء حالة من التذمر في أوساط سكان عدن، بدرجة رئيسية، وقد خرج المئات من المواطنين، قبل عدة أيام، في مظاهرة ليليلة وهم يحملون الشموع، في إشارة تعبيرية عن مدى معاناة السكان جراء الصيف القائظ في ظل الانقطاعات المتواصلة للكهرباء.
ووفقاً لمصدر حكومي يمني، فإن «التطورات السياسية التي شهدتها عدن، أخيراً، لن تؤثر على أداء الحكومة ونشاطها في القيام بواجباتها تجاه المواطنين في كل المحافظات المحررة، وفي المقدمة عدن، رغم بعض المحاولات لعرقلة أداء الحكومة من قبل بعض الأطراف»، لكنه أكد أن «المواطنين يدركون أين تكمن مصالحهم بالتحديد»، وفقاً لتعبيره.
وأضاف المصدر أن «الأيام القليلة المقبلة ستشهد تحركات موسعة للمحافظ الجديد، عبد العزيز المفلحي، لتقييم الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن، خصوصاً أنه شخصية اقتصادية بارزة»، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد إلى جانب ملف الخدمات، التركيز على ملف إعادة الإعمار، خصوصاً في ضوء نتائج اجتماعات جنيف للمانحين في جنيف، أخيراً.
من جانبه، قال السكرتير الصحافي لمجلس الوزراء اليمني غمدان الشريف إن الجهود التي بذلت والزيارات الرسمية والمباحثات في عدد من الدول الأوروبية وفي المملكة العربية السعودية، كانت بمثابة «تثبيت خطة الحكومة في جوانب التنمية والاقتصاد في الجمهورية اليمنية، خصوصاً الاجتماع الذي عقد لتعافي الاقتصاد اليمني في الرياض، ولقاء رئيس الوزراء مع وزير المالية ورئيس مؤسسة النقد السعوديين»، مشيراً إلى خطة حكومية لإعادة الإعمار، والبدء في عملية التنمية في المناطق المحررة، إضافة إلى مواجهة وباء الكوليرا الذي تفشى في عدد من المحافظات اليمنية.
وتعرضت البنية التحتية في عدن للتدمير جراء الحرب التي شنتها ميليشيات الحوثي وصالح على المدينة مطلع عام 2015، قبل أن تتمكن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بدعم من تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، من تحريرها في يوليو (تموز) من العام نفسه، غير أن الدمار الذي لحق بقطاع الخدمات كان كبيراً، خصوصاً أن الانقلابيين في صنعاء ظلوا يتحكمون بالعائدات دون أن يفوا بأية التزامات للمواطنين وللمؤسسات الخدمية، كأعمال الصيانة ودفع المرتبات وغير ذلك.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».