جدل في الجزائر حول مشاركة الجناح المتشدد بجبهة الإنقاذ في مشاورات حول مؤتمر للمعارضة

بن حاج يتحدث عن رفض التواصل مع «جهات نافذة» في النظام

جدل في الجزائر حول مشاركة الجناح المتشدد بجبهة الإنقاذ في مشاورات حول مؤتمر للمعارضة
TT

جدل في الجزائر حول مشاركة الجناح المتشدد بجبهة الإنقاذ في مشاورات حول مؤتمر للمعارضة

جدل في الجزائر حول مشاركة الجناح المتشدد بجبهة الإنقاذ في مشاورات حول مؤتمر للمعارضة

تثير مشاركة الجناح الراديكالي في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية المحظورة، في مشاورات جارية بين أحزاب وشخصيات معارضة لعقد مؤتمر قبل نهاية الشهر الحالي، جدلا. ويفترض أن يخرج المسعى بأرضية مطالب حول «الانتقال الديمقراطي»، وهي جملة مرادفة لـ«تغيير النظام» في مفهوم أكثر المعارضين حدة حيال السلطة، التي يقودها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الفائز حديثا بولاية رابعة.
وقال محمد حديبي قيادي «حركة النهضة» الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط» بأن «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، التي تضم «النهضة» وأحزابا إسلامية أخرى وعلمانية وليبرالية، عقدت لقاء مع قياديين في جبهة الإنقاذ التي حرَمت السلطة على قياداتها العمل السياسي بحجة أنهم متورطون في العنف الذي حصد عشرات الآلاف من الأرواح في عقد التسعينات من القرن الماضي. وذكر حديبي أن «التنسيقية أرادت، من خلال إشراك الإنقاذ في مسعى عقد مؤتمر الانتقال الديمقراطي، أن تقول للسلطة إننا نجحنا حيث فشلت»، في إشارة إلى أن «التنسيقية» تمكنت من جمع رموز تيارات متصارعة فيما بينها حول مسعى واحد.
وجاء في بيان لـ«التنسيقية» أمس، أن قادتها اجتمعوا أول من أمس (الخميس) بعلي جدي وكمال قمازي وهم قياديان بارزان في جبهة الإنقاذ، يمثلان الجناح المهادن في الحزب الذي كان قويا مطلع تسعينات القرن الماضي. وأوضح البيان أن «وجهتي نظر الطرفين تطابقت بخصوص تقييم الوضع في الجزائر والمخاطر التي تهدد البلد، بسبب هيمنة الفساد والرداءة ومنع الحريات، من طرف نظام الحكم. واتفق المجتمعون على ضرورة التغيير السلمي، وتباحثوا حول مشروع مؤتمر الانتقال الديمقراطي الذي يعده جميع الأطراف مشروعا مهما وإيجابيا، لهذا الغرض سيتواصل التشاور بشأنه في لقاءات أخرى. واتفق المجتمعون على العمل على توسيع التشاور، وتوفير الظروف المناسبة لمشاركة واسعة للمعارضة السياسية، والمجتمع المدني في الجزائر».
وحضر الاجتماع عن «التنسيقية» كل أعضائها وهم، أحمد بن بيتور رئيس الحكومة الأسبق، وجيلالي سفيان رئيس حزب «جيل جديد» (ليبرالي) وعبد الرزاق مقري رئيس «حركة مجتمع السلم» (إسلامي)، ومحسن بلعباس «رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، وعمار خبابة قيادي في «جبهة العدالة والتنمية» (إسلامي) ومحمد أمين ذويبي عام «حركة النهضة».
وقال حديبي إن «جمع جدي وقمازي مع بلعباس في لقاء واحد لم يكن سهلا البتة»، في إشارة إلى عداء قديم بين إسلاميي «الإنقاذّ» وعلمانيي «التجمع من أجل الديمقراطية».
ولوحظ غياب أبرز قيادي في «الجبهة»، هو علي بن حاج نائب رئيس الحزب الذي يمثل الجناح المتطرف فيها، ويعدَ أشرس معارض للنظام منذ 25 سنة على الأقل، والذي عجزت السلطة عن ترويضه رغم السنوات الـ12 التي قضاها في السجن العسكري (1991 - 2003) بتهمة «تهديد أمن الدولة». ولم يذكر حديبي سبب إبعاد بن حاج عن لقاء الخميس، واكتفى بالقولـ«السيد جدَي لا يمكنه تجاوز الشيخ بن حاج في أمر كهذا دون أن يستشيره».
وصرَح سفيان جيلالي للصحافة الأسبوع الماضي، بأن المشاورات السياسية الجارية، لا يمكن أن تشمل الأحزاب غير المعتمدة. وعدَ ذلك بأنه «إقصاء لجبهة الإنقاذ» من المسعى.
وانتقد بن حاج بشدة موقف جيلالي، وردَ عليه أمس بصفحته في «فيسبوك» قائلا: «في ظل ما تعيشه البلاد اليوم، فإنّ المعارضة منقسمة إلى ثلاثة أصناف. معارضة معتمدة وأخرى غير معتمدة مطاردة وهناك معارضة الشعب الجزائري، الذي لا يجد إطارا يثق به للوصول معه إلى شاطئ النجاة، ولا من يشارك معه في المعارك الانتخابية لتحقيق آماله وأهدافه».
وأضاف بن حاج «بخصوص ما أثير حول تصريحات أحد أعضاء تنسيقية الانتقال الديمقراطي، حول التشاور فقط مع المعارضة المتعمدة، نقول إنّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليست متطفّلة ولا تريد إحراج أي طرف، وهي تعمل في الميدان سواء اعتمدت أو لم تعتمد، فرغم حلّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلا أنّ رجالها وشخصياتها وقادتها الأوفياء ما زالوا يعملون ويتعرّضون للمطاردة والملاحقة». وكشف القيادي الإسلامي المتشدد، عن اتصال جرى مع نافذين في السلطة من دون ذكر أسمائهم، فقال «نؤكّد للتنسيقية والرأي العام، أنّ هناك جهات نافذة في النّظام اتّصلت بالجبهة الإسلامية للإنقاذ، إلا أنّنا رفضنا السير معهم لأنّنا نعمل في إطار الوضوح والأخلاق والدّين والشرف».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.