الشندقي: ماضون في تحرير ما تبقى من نهم

مقتل 35 انقلابياً في معارك تعز

مقاتل من القوات الموالية للحكومة اليمنية في إحدى جبهات تعز (أ.ف.ب)
مقاتل من القوات الموالية للحكومة اليمنية في إحدى جبهات تعز (أ.ف.ب)
TT

الشندقي: ماضون في تحرير ما تبقى من نهم

مقاتل من القوات الموالية للحكومة اليمنية في إحدى جبهات تعز (أ.ف.ب)
مقاتل من القوات الموالية للحكومة اليمنية في إحدى جبهات تعز (أ.ف.ب)

ما زالت المعارك العنيفة مستمرة عند البوابة الشرقية لصنعاء، بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح من جهة ثانية، لليوم الرابع على التوالي. وقال المتحدث الرسمي للجيش الوطني والمقاومة الشعبية في صنعاء، عبد الله الشندقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك خطة عسكرية لدى المنطقة العسكرية السابعة تقضي بتحرير ما تبقى من مواقع استراتيجية ومهمة في نهم.
وتشهد مناطق متفرقة في نهم، خصوصاً ميمنة الجبهة ومناطق الكحل، وهي قلب الجبهة، معارك عنيفة بين قوات الجيش الوطني والمقاومة والميليشيات، بإسناد من مقاتلات التحالف التي تشن غارات مكثفة متواصلة على تجمعات وتعزيزات عسكرية للميليشيات.
وكشف الشندقي عن سيطرة قوات الجيش الوطني على 75 في المائة من المواقع الاستراتيجية المهمة في نهم، وقال: نسعى لتطهير ما تبقى من مواقع يوجد فيها الانقلابيون، متابعاً أن هناك وحدات عسكرية جديدة تم استكمال تدريبها، ودخلت إلى الجبهة للمشاركة في المعارك.
من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش اليمني، العميد الركن عبده مجلي، لـ«الشرق الأوسط»، إن دخول صنعاء سيكون قريباً، وفقاً للخطة العسكرية المرسومة من قبل رئاسة هيئة الأركان العامة، مؤكدا أنه لأمان العاصمة، التي يرفض سكانها بنسبة 90 في المائة الانقلابيين، سيكون ذلك من عدة محاورة. وأضاف أن قوات الجيش الوطني تقترب من منطقة قطبين، على مشارف أرحب، وأنه «بدخول مديرية أرحب، سيكون مطار صنعاء الدولي في مرمى مدفعية قوات الجيش، التي يصل مداها حتى ميدان السبعين ودار الرئاسة»، متابعاً أن الميليشيات لا تزال تواصل انتهاكاتها المستمرة، من اختطافات وتضييق للخناق على سكان أمانة العاصمة.
وفي السياق ذاته، قالت مصادر عسكرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن تعزيزات قوات الجيش التي وصلت وتوجد في مديرية نهم، 40 كم شرق صنعاء، بلغت 11 لواء عسكرياً، من ضمنها قوات لتحالف دعم الشرعية في اليمن، مع مدفعية. وتمكنت قوات الجيش الوطني خلال اليومين الماضيين من استعادة سيطرتها على مواقع: المغابر والغضاريف والمعين، وهي مواقع جبلية مهمة واستراتيجية.
وتواصل قوات الجيش الوطني قصفها المدفعي العنيف على مواقع يتمركز فيها الانقلابيون، في مناطق الحول وبني بارق ومسورة، عقب قصف مماثل من قبل الميليشيات استهدف مواقع متفرقة للجيش. ووفقاً للمصادر العسكرية، فقد تكبدت الميليشيات خلال المعارك في نهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، بالإضافة إلى تدمير آليات وتعزيزات عسكرية، من قبل مقاتلات التحالف.
وفي تعز، قتل الجيش الوطني أكثر من 35 مسلحاً من ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، إضافة إلى سقوط عشرات الجرحى، خلال المعارك في جبهات القتال في المدينة ومحيطها.
وتواصل قوات الجيش الوطني تقدمها في الجبهة الشرقية، بتعز (وسط)، تحريرها مواقع هامة واستراتيجية، وعدداً من المباني التي كانت خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، التي جعلت منها ثكنات عسكرية، في الوقت الذي تواصل فيه الفرق الهندسية التابعة للجيش الوطني تطهيرها للمواقع والمباني التي تم تحريرها من الألغام.
وأطبق اللواء 22 ميكا، بقيادة العقيد يحي الريمي قائد القطاع الثاني الوطني، على ما تبقى من الميلشيات الانقلابية المتحصنة في مدرسة عمار بن ياسر، جوار باحة القصر الجمهوري، بدءاً لمعركة تحرير القصر ومعسكر التشريفات بعد اقتحامها مدرسة قريبة، وذلك بعد تطهيرها البنك المركزي و3 مبان مجاورة له وكليه الطب وبعض المباني حول القصر.
وبحسب عبد الله الشرعبي، نائب ركن التوجيه في اللواء 22، لم تكن المعارك والتقدم محض صدفة، بل كان كل شيء يسير بحسب تخطيط وتدريب وإعداد وتجهيز خلال الفترة السابقة لاستكمال تحرير ما تبقى من الجهة الشرقية للمدينة، بينما أقامت قيادات القطاع الثاني للواء 22 ميكا كثيراً من الدورات التدريبية للأفراد في المهام الخاصة والاقتحامات والتدخل السريع، ليتم تحرير معسكر التشريفات والقصر الجمهوري، والتقدم إلى جولة القصر في الحوبان والسلال وسوفتل، وهي ضمن هذه الخطة التي سيأتي دورها.
وقال العقيد الركن منصور الحساني، الناطق الرسمي لقيادة محور تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الميليشيات الانقلابية تكبدت أكثر من 35 قتيلاً، وعدداً كبيراً من الجرحى، نتيجة المواجهات في جبهات المدينة ومحيطها، بينما قدم الجيش الوطني 5 قتلى و20 جريحاً، و5 جرحى من المدنيين، نتيجة القصف العشوائي الممنهج على المدينة، وذلك في الوقت الذي تواصل فيه قوات الجيش الوطني تقدمها في الجبهة الشرقية».
وذكر أن «الانقلابين يواصلون استهداف مواقع الجيش الوطني وأحياء المدينة المختلفة بقذائف الهاوتزر والدبابات ومدافع 23 م.ط وصواريخ الكاتيوشا، من الجند وسوفتيل والسلال والجعشة»، منوهاً بـ«الحاجة الماسة لتدخل جوي عاجل لضرب مدافع ودبابات الميليشيات الانقلابية في تلك المواقع المذكورة، حيث كان قد عزز مواقعه في الجبهة بـ5 سيارات مسلحة و40 مسلحاً».
وأكد أن «الجيش الوطني أفشل هجوم الميليشيات الانقلابية العنيفة على مواقعه في الدفاع الجوي ومدرات ومعسكر المطار القديم وجبل الهان، مصحوباً بقصف مكثف بمختلف الأسلحة، ودارت مواجهات قوية تمكن خلالها الجيش الوطني من كسر الهجوم والرد على مصادر النيران».
بدوره، قال قائد محور تعز، اللواء الركن خالد فاضل، إن «الجيش الوطني على بعد أمتار من القصر الجمهوري ومعسكر التشريفات»، وإن القوات بجبهات القصر ومعسكر التشريفات «سيبشروننا بتحرير هذه المواقع في القريب العاجل».
وحث، بحسب بيان صادر عن مكتبه، الجيش الوطني على «الثبات واستمرار الزحف والتقدم حتى تحرير كل شبر من المحافظة، وطرد الميليشيات الانقلابية منها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.