وثائق رسمية تكشف أن والد المتهم بالهجوم كان مطلوباً لنظام القذافي

سلطات طرابلس تعتقل شقيق انتحاري مانشستر

وثائق رسمية ليبية تكشف أن والد انتحاري طرابلس كان مطلوباً لنظام القذافي («الشرق الأوسط»)
وثائق رسمية ليبية تكشف أن والد انتحاري طرابلس كان مطلوباً لنظام القذافي («الشرق الأوسط»)
TT

وثائق رسمية تكشف أن والد المتهم بالهجوم كان مطلوباً لنظام القذافي

وثائق رسمية ليبية تكشف أن والد انتحاري طرابلس كان مطلوباً لنظام القذافي («الشرق الأوسط»)
وثائق رسمية ليبية تكشف أن والد انتحاري طرابلس كان مطلوباً لنظام القذافي («الشرق الأوسط»)

في هجوم مانشستر الدامي الذي وقع يوم الاثنين الماضي «ثمة ليبي متهم بالأمر»، هذا ما حذر منه الرجل الذي حكم ليبيا لأكثر من أربعة عقود قبل مقتله، لكن أحدا لم يستمع إليه. بالأمس، اعتقلت قوة أمنية تابعة لفائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، هاشم رمضان بلقاسم العبيدي، شقيق الانتحاري سليمان العبيدي المتهم بتفجير مانشستر.
وقالت مصادر بقوة الردع الخاصة في طرابلس، إنها اعتقلت شقيق الانتحاري، الذي اكتفت بتعريفه على أنه من مواليد شهر أبريل (نيسان) عام 1997. ولم يتضح بعد إذا ما كانت حكومة السراج ستقوم بتسليم المعتقل إلى السلطات البريطانية، أم ستوفد الأخيرة وفدا أمنيا إلى طرابلس للتحقيق مع شقيق الانتحاري.
وقبل الإعلان عن اعتقال شقيق العبيدي، كان السفير البريطاني ليبيا بيتر ميليت، يلتقي أحمد معيتيق، نائب السراج، الذي أدان «العملية الإرهابية، محملا تعازي الشعب الليبي وحكومة الوفاق للمملكة المتحدة حكومة وشعبا، جراء هذه الحادثة الأليمة»، مؤكدا أن هذه الجريمة والجرائم المماثلة تدعونا إلى تكاتف الجهود في مكافحة الإرهاب»، بحسب بيان رسمي.
من جهته، أكد السفير البريطاني، وفقا للبيان، دعم بلاده لحكومة السراج وتقديم المشورة لإنعاش الاقتصاد المحلي.
وكان ميليت قد وجه عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، الشكر المجلس الرئاسي لحكومة السراج وباقي المسؤولين في ليبيا على ما وصفه بـ«تضامنهم الكبير مع بريطانيا بعد هجوم مانشستر الإرهابي»، مضيفا: «معاً ضد الإرهاب».
وأضاف السراج أن «هذا العمل الإجرامي يؤكد ضرورة توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب بأشكاله ومسمياته كافة، والعمل على هزيمته واقتلاعه من جذوره».
ولسنوات طويلة قبل سقوط نظام حكمه عام 2011، اعتاد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي توجيه الاتهامات إلى السلطات البريطانية بإيواء إرهابيين على أراضيها، لكن أحدا لم يكن ليستمع للرجل الذي لطالما شكا رسميا وإعلاميا من التعنت الغربي تجاهه.
واستعادة كلمات القذافي الآن بعد نحو ست سنوات على رحيله في انتفاضة شعبية دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، يؤكدها إعلان الشرطة البريطانية أن الانتحاري الذي نفذ الهجوم على قاعة للحفلات الموسيقية في مانشستر، هو ابن لمواطن ليبي الجنسية منتمٍ إلى جماعة ليبية متطرفة.
ففي الثاني من شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2004، اعتبر القذافي في مقال له نشره عبر موقعه الرسمي الإلكتروني آنذاك المعروف باسم «القذافي يتحدث»، أن حملة مكافحة الإرهاب تبدأ بضرب بريطانيا، التي رأى أن لها «نصيب الأسد» في إيواء الإرهابيين.
وتساءل: «هل حقا ستهاجم أميركا قواعد الإرهاب والدول التي تؤوي الإرهابيين، وبخاصة أن بريطانيا لها في ذلك نصيب الأسد؟» وتابع: «لا نعتقد ذلك إلا إذا كنا سنفعل هكذا ضد كل دولة تؤوي الإرهابيين باستثناء بريطانيا». بالأمس، خرج رمضان أبو القاسم محمد علي العبيدي، ليقول: إن ابنه سلمان العبيدي والمولود في مانشستر عام 1994 بريء، وأن الشرطة البريطانية اعتقلت نجله الثاني. ونقل عنه موقع «بلومبيرغ» الأميركي، أنه تناقش مع ابنه الذي قال: إنه نشأ في أسرة متدينة، حول بعض الهجمات الإرهابية التي وقعت مؤخرا، حيث زعم أن ابنه كان رافضا لها. وقال: إنه يشعر بالاستغراب لتورط ابنه في هجوم مانشستر، لافتا إلى أنه تعرض للصدمة لدى متابعة الأخبار، وما زال يرفض تصديقها، وبخاصة مع حلول شهر رمضان.
لكن وثائق نظام القذافي تشير إلى العبيدي الأب على أنه ضمن عناصر تنظيم «القاعدة»، وتصنفه أحد أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة، التي يترأسها عبد الحكيم بلحاج، الرئيس الحالي لحزب سياسي وأحد أمراء الحرب في العاصمة الليبية.
بلحاج نفسه أقام دعوى قانونية ضد بريطانيا بسبب ادعائه بقيام قوات الأمن البريطانية بتسليمه بشكل غير قانوني ليواجه التعذيب في ليبيا أثناء حكم القذافي، علما بأن بلحاج الذي قاد الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا التي شنت تمردا ضد القذافي في التسعينات، قد أمضى وقتا مع المتشددين في أفغانستان، لكنه يدعي في المقابل أنه لم يكن متحالفا مع أسامة بن لادن زعيم القاعدة.
العبيدي، والد المتهم بهجوم مانشستر، هو أيضا أحد أعضاء «حزب الأمة» الذي يترأسه سامي الساعدي، المكنى «أبو المنذر»، وهو أحد مساعدي بلحاج، وصديق شخصي لسهيل نجل الصادق الغرياني، مفتي ليبيا المقال من منصبه والمتهم بتحريض الشباب على القتال ضد قوات للجيش الوطني الليبي.
وكشفت وثيقة تم تداولها أمس على شبكة الإنترنيت، ويفترض أنها من سجلات جهاز الأمن الداخلي في عهد القذافي، عن أن اسم العبيدي كان مدرجا على قائمة طويلة تضم المئات من المطلوبين للعدالة. كان الرجل من سكان منطقة قصر بن غشير في طرابلس قبل أن يحصل على حق اللجوء السياسي إلى بريطانيا برفقة زوجته الليبية أيضا «سمية الطبال» البالغة من العمر خمسين عاما. الصحف البريطانية أكدت صحة هذه المعلومات، مشيرة إلى أن عائلة الإرهابي استقرت في مانشستر قبل نحو عشر سنوات».
وعبرت وزيرة الداخلية البريطانية أمبر راد عن اعتقادها بأن العبيدي الابن منفذ هجوم مانشستر عاد مؤخرا من ليبيا. وردا على سؤال خلال مقابلة مع تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عما إذا كان سلمان عبيدي عاد مؤخرا من ليبيا قالت أمبر «نعم، أعتقد أن ذلك تأكد. عندما تنتهي هذه العملية نريد أن نبحث خلفيته، وكيف أصبح متطرفا وما هو الدعم الذي ربما حصل عليه».
لكن إعلان وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب أن منفذ الاعتداء، سافر «على الأرجح» إلى سوريا، يعيد إلى الأذهان العلاقة التي لطالما تفاخر بها ثوار ليبيا مع الجماعات المسلحة في سوريا.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.