اشتباكات حول القصر الرئاسي واستهداف حي السفارات في صنعاء

مقتل سعودي وخبير متفجرات داغستاني في شبوة

يمنيون يعاينون موقع الانفجار الذي تعرضت له قوات حكومية في حي السفارات بالعاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يعاينون موقع الانفجار الذي تعرضت له قوات حكومية في حي السفارات بالعاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات حول القصر الرئاسي واستهداف حي السفارات في صنعاء

يمنيون يعاينون موقع الانفجار الذي تعرضت له قوات حكومية في حي السفارات بالعاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يعاينون موقع الانفجار الذي تعرضت له قوات حكومية في حي السفارات بالعاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)

قتل خمسة جنود واحتجز آخرون في هجوم شنه مسلحون على حراسة قصر الرئاسة في صنعاء أمس، في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الأمنية عن مقتل مسلحين في محافظتي شبوة وصنعاء ضمنهم، سعودي، وخبير متفجرات داغستاني، وقيادي يمني، إلى جانب اعتقال فرنسيين.
وأوضح مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية أن المسلحين هاجموا نقطة تابعة لحراسة دار الرئاسة في صنعاء، ونتج عنه مقتل خمسة جنود، وأسر عدد آخر منهم.
ودار الرئاسة هي المقر الرسمي لرئاسة الجمهورية الذي تجري فيه الاستقبالات الرسمية، كما يضم مكتب رئيس الجمهورية، إلا أن الرئيس يقيم في منزله الخاص ولم يكن موجودا في القصر أثناء الهجوم، حسب المصدر الأمني.
وقال المصدر ذاته إن الهجوم تحول إلى تبادل لإطلاق النار، ومواجهات استمرت أكثر من 20 دقيقة، رجح مقتل ثلاثة من المهاجمين وفرار آخرين.
من جهة أخرى، نجا وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد مع مسؤولين عسكريين وأمنيين آخرين أمس، من محاولة اغتيال تعرض لها أثناء توجهه من محافظة أبين إلى محافظة شبوة.
وأوضحت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحين هاجموا موكب اللواء الركن ناصر أحمد الذي كان يرافقه اللواء علي حسن الأحمدي رئيس الاستخبارات، واللواء عوض مجور العولقي رئيس الشرطة العسكرية، وكانوا في طريقهم إلى محافظة شبوة (جنوب البلاد) عائدين من أبين، مشيرة إلى أن الكمين الذي نصب لهم، لم يسفر عن سقوط ضحايا في صفوف من كانوا في الموكب.
وتعرض وزير الدفاع اليمني لخمس محاولات اغتيال على الأقل منذ ديسمبر (كانون الأول) 2011، عندما تشكلت حكومة جديدة في اليمن بعد الاتفاق الذي تخلى بموجبه الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن السلطة، فيما يتهم تنظيم القاعدة اللواء ناصر أحمد بقيادة حملة تسببت في طردها من معاقلها جنوب البلاد، وهي منطقة تعدها الولايات المتحدة واحدة من ساحات القتال الرئيسة في حملتها الدولية على المتشددين.
في المقابل، يخوض الجيش اليمني معارك ضارية ضد عناصر تنظيم القاعدة، إذ شهدت صنعاء أحداثا أمنية متصاعدة خلال الـ24 ساعة الماضية، حيث انفجرت عبوة ناسفة في عربة جند صباح أمس، ونتج عن ذلك إصابة أربعة عناصر من قوات الأمن الخاصة على الأقل في حي يضم السفارتين البريطانية والقطرية يقع شرق العاصمة.
وذكر مصدر أمني أن العبوة كانت مزروعة على قارعة الطريق خلال مرور حافلة تنقل جنودا، وتضرر جراء الانفجار عدد من المنازل في منطقة اسمها «نقم»، فيما لم تحدد السلطات الأمنية الجهة التي تقف خلف العملية.
وأوضحت اللجنة الأمنية العليا في اليمن، اعتقال فرنسيين اثنين من أصل تونسي أول من أمس، ويبلغ كلاهما 32 سنة، مشيرة إلى أنهما كان منخرطين في صفوف تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت، وذلك أثناء محاولتهما مغادرة البلاد من أحد المنافذ الجوية. وقال مصدر أمني لـ«رويترز» إنه جرى تحديد هوية الرجلين، واسمهما مراد عبد الله عباد وطه العيسوي.
وأكدت وكالة الأنباء اليمنية نقلا عن مصدر عسكري مسؤول مقتل شخص في محافظة شبوة الجنوبية وصفته أنه خبير متفجرات واسمه تيمور الداغستاني نسبة إلى انتمائه إلى جمهورية داغستان التابعة للاتحاد الروسي، وأفاد موقع وزارة الدفاع اليمنية بمصرع «الإرهابي السعودي» تركي عبد الرحمن الملقب بـ«أبي وهيب» في المحافظة نفسها.
وعلى صعيد ذي صلة، قالت اللجنة الأمنية العليا وهي أعلى هيئة أمنية بالبلاد، إن القيادي البارز في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب شايف محمد سعيد الشبواني وأحد مساعديه، قتلا في حي السبعين، وذلك بعد مهاجمتهم للسفارة السعودية بالأسلحة الرشاشة، مشيرة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى أن الشبواني يعد أحد أخطر عناصر التنظيم والملاحقين من قبل السلطات الأمنية.
ولفتت اللجنة الأمنية إلى أن القيادي الذي قتل أمس، كان يعمل على التخطيط والمشاركة في عمليات خطف واغتيالات في صنعاء، مؤكدة أنها تمكنت من محاصرة الشبواني مساء أول من أمس في شارع 45 في صنعاء.
وأضافت اللجنة «بادر الشبواني إلى إطلاق النار بعد محاصرته من رجال الأمن، حيث جرى التعامل معه بالمثل، ونتج عنه مصرعه ومعه أحد مساعديه».
من جهة أخرى، كشفت وزارة الداخلية اليمنية عن فرار عشرات من عناصر تنظيم القاعدة، إلى محافظة البيضاء (جنوب صنعاء)، وذلك بعد سيطرة الجيش على معاقل التنظيم في محافظتي أبين وشبوة. وشن الجيش اليمني حملة عسكرية ضد التنظيم منذ 27 أبريل (نيسان) الماضي، نتج عنها مقتل واعتقال عناصر وقيادات التنظيم.
وأوضحت وزارة الداخلية في بيان صحافي أمس، أن مسلحين أجانب تابعين لـ«القاعدة»، تمكنوا من الفرار من المعارك التي جرت في محافظتي أبين وشبوة إلى محافظة البيضاء الذي ينتشر فيها عناصر تنظيم أنصار الشريعة التابع لتنظيم القاعدة.
وقال البيان إن الأجهزة الأمنية ترصد تحركات العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة على مدار الساعة، سواء كانوا من الأجانب أو اليمنيين. ودعت الوزارة المواطنين إلى مساعدة الحكومة في محاربة الإرهاب، ورفض إيواء العناصر الفارة من «القاعدة» أو التستر عليهم أو تقديم أي مساعدة لهم.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اعترف أخيرا، أن معظم الحوادث الإرهابية التي تتعرض لها صنعاء تأتي من المدخل الجنوبي، وطالب المواطنين في مديريات سنحان وبني بهلول وبلاد الروس في جنوب العاصمة، بمساعدة الدولة في محاربة الإرهاب، وتأمين المدخل الجنوبي لأمانة العاصمة، ومنع هروب الإرهابيين من الطرقات التي تعبر مناطقهم.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».