مهرجان «كان»... ما بين بريق الأحجار الكريمة والنجوم

الحراسة مشددة هذه الأيام في مدينة كان، لا لأسباب أمنية فقط بسبب العمليات الإرهابية، بل أيضاً لأسباب تحسبية من أي سرقات تقدر بالملايين. فمنذ انطلاق الدورة الـ70 للمهرجان السينمائي الذي تشهده المدينة الفرنسية، وكثير من بيوت الجواهر والأزياء العالمية متمركزة فيها بهدف تلبية طلبات النجوم والنجمات لكل ما يحتاجونه من أزياء وإكسسوارات وماكياج. «لوباليه دي فيستيفال» مكان عرض الأفلام والمتميز بدرجه العالي وسجادته الحمراء هو الآن واحد من أكبر المنصات لعرض الأزياء بعد حفل توزيع جوائز الأوسكار، إن لم يكن أهمها، نظراً لطول مدته وتنوع أنشطته. فبينما لا يتطلب حفل الأوسكار من النجمات سوى فستان أو فستانين على الأكثر في حال حضرن حفل «فانيتي فير»، فإن مهرجان «كان» يمتد لأسابيع ويتضمن عدة أنشطة تبدأ في الصباح ولا تنتهي إلا في الساعات الأخيرة من الليل.
لهذا ليس غريباً أن تحجز بيوت الأزياء والجواهر أجنحة كاملة في فنادق الخمس نجوم، لتوفير منتجاتها وإبداعاتها للنجوم. من شركة لوريال للماكياج إلى «شوبار» و«دي غريزوغونو» للجواهر مروراً بـ«ديور» و«شانيل» و«ألبيرتا فيريتي» وغيرها من الأسماء العالمية، الكل مستعد، ويقول لكل نجمة من الدرجة الأولى أو نجمة صاعدة يتنبأون لها بمستقبل واعد أو على الأقل لها عدد كبير من المتابعين على «إنستغرام»: «شبيك لبيك الملايين بين أيديك»، ودون مقابل. ولتعزيز وجودهم في المهرجان أكثر، يحرصون على استضافة باقة من وسائل الإعلام مهمتها متابعة تحركات هؤلاء النجمات ورصد ما يلبسنه للحصول على أكبر نسبة من التغطيات الإعلامية وتبرير تكاليف وجودهم في الريفييرا لعدة أسابيع.
من جهة أخرى، باتت هذه الجرعة المتزايدة للموضة تثير قلق ومخاوف بعض عشاق الفن السابع على مهرجانهم، رغم إدراكهم أن تغيير هذا السيناريو غير ممكن. فهو مكتوب منذ عقود كما أنهم بحاجة إلى صناع الموضة لزيادة الإبهار من ناحية حصولهم على دعاية مجانية، فيما يمكن القول إنه خير يفيد الطرفين. والدليل أن هذه الأهمية المتزايدة للموضة في المهرجان شجعت في عام 2010 دار «غوتشي» على أن تقدم فيه أول تشكيلة «هوت كوتير» لها، لتجس بها نبض السوق. وطبعاً استعانت بالنجمة سلمى حايك، لعرضها من خلال فستان بنفسجي ساحر. فسلمى حايك ليست نجمة عالمية فحسب، بل أيضاً زوجة فرنسوا بينو، المالك لمجموعة «غوتشي»، مما يجعلها أفضل من يروج لتجارته، والمتعارف عليه أن التعامل مع نجمات معينات ليست عملية عشوائية، بل تخضع لعدة معايير واعتبارات؛ منها التزام بعض النجمات مع بيوت أزياء كبيرة بعقود. أي أن تكون النجمة سفيرة للدار أو وجهاً لمنتج معين. في حالات أخرى تتم المسألة كصفقة مع خبيرة أزياء، تعمل وسيطاً بين النجمة وبين بيوت أزياء معينة. جوليا فون بوهم، واحدة من هؤلاء الخبيرات، وهذا العام كانت المسؤولة عن اختيار أزياء النجمة نيكول كيدمان، وهو ما تطلب منها، حسب قولها، أكثر من شهرين لاختيار الفساتين والإكسسوارات والجواهر التي ستظهر بها في كل مناسبة. وتشير خبيرة الأزياء إلى أن اختيار الأزياء وتنسيقها مع الإكسسوارات والجواهر يتم بطريقة أشبه بعملية عسكرية، إذ لا مجال فيها للتعثر أو الخطأ، وكل التفاصيل تؤخذ بعين الاعتبار من حالة الطقس إلى نوع المناسبة ووقتها حتى تأتي الصورة أنيقة وجذابة.
رغم أن معظم بيوت الأزياء موجودة في الريفييرا، ورغم أن لكل منها أسلوبها وتوجهاتها، فإن الملاحظ أنها كلها تُركز على تصاميم حالمة ورومانسية لكن كلاسيكية تفتقد عنصر الجرأة بمعناها الإبداعي. فكل التصاميم التي ظهرت بها النجمات كانت عبارة عن فساتين إما منحوتة على الجسم بذيل طويل، أو منسابة بفضل أقمشة خفيفة مثل الحرير والموسلين أو بتنورات مستديرة تستحضر موضة البلاطات والأميرات. جرأتها الوحيدة كانت الفتحات الجانبية وياقات الصدر المفتوحة جداً. المصممة الإيطالية ألبرتا فيريتي مثلاً ظلت وفية لأسلوبها الرومانسي المنساب الذي تعتمد فيه على التطريزات والأقمشة الخفيفة التي تعوض عن الجرأة بالناحية الفنية.