رحلتي مع الكتاب في مدارات السرد

عواد ناصر
عواد ناصر
TT

رحلتي مع الكتاب في مدارات السرد

عواد ناصر
عواد ناصر

لم يكن في ذلك البيت - الواقع في إحدى عشوائيات بغداد الطينية - حيث نشأت، أي كتاب من أي نوع.
سأكتفي هنا بمدارات السرد (الروائي حصرا) وليس الشعر في كتبي الأولى، لأنها كانت المنطلق لخياراتي اللاحقة، ولربما صارت الرواية أحد أهم مصادر قصيدتي.
شدّني، في مراهقة قراءتي آرثر كونان دويل البريطاني مبتكر شخصية المحقق العبقري شيرلوك هولمز وصاحبه واطسون، ومع دويل صاحبه موريس لبلان مبتكر شخصية اللص الظريف أرسين لوبين، حتى كدت أجهز على كل مؤلفاتهما، تقريبا، وأنا في غاية الزهو كأنني أتأبط «أعمدة الحكمة السبعة».
كنت أبحث في تلك الكتب عن المتعة المتولدة من التشويق والدهشة، لا أكثر ولا أقل.. حتى بدأت بكتاب عراقيين، مثل عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان، ومن أجيال لاحقة.
المنعطف الأول في مسيرة الكتب والكتاب كان عبر البوابة المصرية العريضة التي أدخلتني عالم نجيب محفوظ الساحر، وقتها، بعد أن دس بين يديّ أحد أصدقاء أخي الأكبر ثلاثية محفوظ الشهيرة، إضافة إلى إعمال أخرى لصاحب نوبل - لاحقا - على أن المجلات المصرية كانت الأثيرة عندي، أكثر من اللبنانية، خصوصا مجلات «الهلال» و«روزاليوسف» و«آخر ساعة»، لكن ما إن شببت عن الطوق قليلا (قرائيا) حتى استغرقتني مجلات، مصرية طبعا، أكثر نخبوية، مثل «الطليعة» و«الكاتب».
حل المنعطف الثاني في حياتي على أيدي كتّاب من نوع مختلف، وكانوا مصريين، أيضا، مثل سلامة موسى ويحيى حقي وزكي نجيب محمود ولطفي الخولي وعبد الرحمن بدوي، وهؤلاء فتحوا أمامي بوابة أكثر اتساعا لأتنفس هواء العالم عبر كتبهم حيثما تناولوا، أو أشاروا إلى سماء مفكرين وفلاسفة وأدباء أجانب، فضلا عما كان يصل لبغداد من روايات ونقود أجنبية مترجمة.
كل كتاب، حقا، هو مجموعة من الكتب، كما ذهب ورّاق عصرنا الأمهر خورخه لويس بورخيس.
المنعطف الثالث، وهو الأهم، وينبغي أن يكون كذلك، هو عندما بلغت سن الرشد وتوطدت علاقتي بأبناء عمومتي، وأصدقائهم، وهم أكبر سنا مني بكثير، لأنهم كانوا قرّاء جيدين لم يكتفوا بالتغيير الذي أحدثته الكتب في عقولهم وأذواقهم، بل صاروا حالمين كبارا بتغيير العالم، لتستغرقني الرواية العالمية، وهكذا بدأت بأعمال روائية روسية رائدة: فيودور دوستويفسكي (على رأس اللائحة) وليو تولستوي ونيكولاي غوغول، وأخيرا جنكيز إيتماتوف. حدث هذا في مرحلة الدراسة الثانوية. بينما كنت أنظر إلى الشعر بتردد، وقليل من الشعراء كان يستفزني، لكن محمد مهدي الجواهري كان يقف على الهضبة ويومئ لي من بعيد، لكنني لم أذهب بعد.
انتقلت، بعدها، إلى الضفة الأخرى من العالم؛ أوروبا الغربية وأميركا، في رحلة مضطربة، وشاقة، لكنها أخاذة، لأن الإبداع، كما بدا لي وقتها، يأخذ بأردان بعضه بعضا، والمبدعون يتحاورون مع زملائهم عبر طرفي الأرض، فتجاور في مكتبتي الصغيرة الويليامان؛ شكسبير وفوكنر، وأرسكين كالدويل وجون شتاينبك وأنطون دي سانت أكزوبري جان بول سارتر وفرنسوا ساغان (كتاب وحيد) ود. هـ. لورانس وفرجينيا وولف والعشرات غيرهم، لـ«أعرّج»، نهاية سبعينات القرن الماضي، على القارة اللاتينية، بعد أن جرّني من ياقتي أشهر كتّابها؛ غابرييل غارسيا ماركيز.
وبدلا من أن يصبح الفتى قارئ الروايات روائيا، كما تقتضي منظومة القراءة هذه، فإنه صار شاعرا، منذ بداية السبعينات، بعد أن دخل سحرة الشعر وعرّافوه عبر حواسه السبع في مفارقة عجيبة، وأولهم محمد مهدي الجواهري الذي استجبت لندائه وهو يومئ لي من فوق الهضبة، وكأنه كان يغار من روائيي العالم؛ ما لك وهؤلاء الثرثارين؟ تعال معنا! فذهبت.

* شاعر عراقي من مجموعاته: «من أجل الفرح أعلن كآبتي».. «هنا الوردة فلترقص هنا» و«أحاديث المارة - مختارات شعرية»



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».