«سوريا الديمقراطية» تقترب من السيطرة على كامل الريف الشرقي للرقة

«سوريا الديمقراطية» تقترب من السيطرة على كامل الريف الشرقي للرقة
TT

«سوريا الديمقراطية» تقترب من السيطرة على كامل الريف الشرقي للرقة

«سوريا الديمقراطية» تقترب من السيطرة على كامل الريف الشرقي للرقة

أشارت مصادر متعددة، أمس، أن «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركيا اقتربت من السيطرة على كامل الريف الشرقي لمحافظة الرقة، معقل تنظيم داعش في الشمال السوري، تمهيدا لبدء معركة السيطرة على المدينة حيث يتحصن الآلاف من عناصر التنظيم المتشدد. وتنفيذا لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أعلن مؤخرا عن موافقته على تسليح وحدات حماية الشعب الكردية، وتحدثت معلومات عن وصول دفعة جديدة وكبيرة من السلاح للوحدات، تضمنت مضادات للطيران.
وقالت وكالة «آرا نيوز» إن وحدات الحماية التابعة لما يُعرف بـ«الإدارة الذاتية»، تلقت دفعة كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية، استعداداً لبدء معركة الرقة. ونقلت عن ناشطين من ريف القامشلي، أن «رتلاً يضم عشرات العربات من الأسلحة والمعدات العسكرية الأميركية توجهت مساء السبت باتجاه الرقة»، لكنّهم لم يحددوا ما إذا كانت هذه العربات قادمة من معبر سيمالكا، أو أنها نُقلت جواً إلى إحدى القواعد الجوية الأميركية في سوريا. وأشارت إلى أن الدفعة تتضمن عربات قتالية وصواريخ مضادة للدروع، إلى جانب تجهيزات عسكرية أخرى، لافتة إلى أن دفعة سابقة من هذه الإمدادات العسكرية كانت قد وصلت إلى جبهات الرقة قبل أيام، تمهيداً لعملية اقتحام المدينة.
ولم تشأ قيادة «قسد» التعليق على هذه المعلومات، واعتبر مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية ناصر حاج منصور أن تحرك رتل سيارات تحمل أسلحة ومعدات «لا يعني البتة أن ذلك الرتل ينقل أسلحة أو ينقل معدات لوحدات حماية الشعب، فلربما كانت للقوات الأميركية». وأضاف منصور في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا تعليق من قيادة قسد ولا من قيادة الوحدات على الموضوع».
من جهته، قال نواف خليل، رئيس المركز الكردي للدراسات: «ليس بالضرورة أن تكون كل شحنات الأسلحة التي تصل إلى الشمال السوري لوحدات الحماية، فهناك قواعد ومطارات للقوات الأميركية، وفي كثير من الأحيان تكون هذه الشحنات تخصهم»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ذلك لا يعني أن الوحدات لا تتلقى السلاح خاصة أن قادة عسكريين أميركيين أعلنوا بصراحة قبل أيام أنّه يتم تجميع أسلحة لإرسالها إلى الوحدات.
أما أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» فأكّد لـ«الشرق الأوسط» أن شحنات الأسلحة لم تتوقف عن الوصول إلى الوحدات الكردية، قبل قرار ترمب الأخير وبعده، لافتا إلى أن معظم السلاح الذي يصل كان بمعظمه موجودا لدى قسد، إضافة إلى بعض المدرعات، كما أن هناك أخبارا غير مؤكدة تماما عن حصولهم على مضادات للطيران.
ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم أمس أن قوات عملية «غضب الفرات» وبعد تمكنها من الوصول إلى القرى الواقعة في ضواحي مدينة الرقة كما تقدمها في قرى إلى الشرق، لا تزال تتابع عملياتها باتجاه الريف الشرقي حيث تدور اشتباكات عنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات النخبة السورية المدعومة من التحالف الدولي والقوات الخاصة الأميركية من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى. وأوضح المرصد أن المواجهات بين الطرفين تتركز حاليا في محيط وأطراف قريتي حمرة الناصر «حمرة جماسة» وحمرة بلاسم، واللتين تعدان آخر القرى المتبقية تحت سيطرة التنظيم في الريف الشرقي للرقة. وأضاف: «في حال تمت السيطرة عليهما فإن قوات عملية (غضب الفرات)، تكون قد فرضت سيطرتها الكاملة على الريف الشرقي الواقع إلى الشمال من نهر الفرات من الحدود الإدارية لمدينة الرقة وصولاً إلى نحو 3 كلم شرق المدينة».
وكان «داعش» سحب في الشهرين الماضيين نحو 900 من مقاتليه من مدينة الرقة، وأرسلهم إلى جبهات القتال ضد القوات الخاصة الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية وقوات النخبة العربية في ريف الرقة، وفق ما أعلن المرصد بوقت سابق. ويتراوح عدد مقاتلي التنظيم المتطرف الذين يتحصنون حاليا في المدنية ما بين 3 و4 آلاف، بحسب الكولونيل ريان ديلون وهو متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقال ناصر حاج منصور إن تقدم «قسد» مستمر في الريفين الشرقي والشمالي على حد سواء، موضحا أن بين 4 و6 كلم تفصل هذه القوات عن مركز المدينة، ما يعني أن استعدادات العزل باتت تقريبا شبه كاملة. وأضاف: «أما تأجيل المعركة فغير مرتبط بالتقدم الحاصل لأن قوات سوريا الديمقراطية قادرة على بدء اقتحام الأطراف بأي لحظة. الأمر متعلق ربما بإعادة النظر بالتكتيكات وبمخططات خاصة أن إطلاق الصفارة هو قرار مشترك لقيادتي التحالف وقسد».
واعتبر أبو محمد الرقاوي أن الريف الشرقي للرقة هو «شبه ساقط عسكريا منذ فترة بيد (قسد)، تماما كما كل أرياف الرقة باعتبار أن التنظيم يتحصن حاليا في المدينة وهو غير قادر على خوض معارك كبيرة في الأرياف». وأضاف: «أما بما يتعلق باستعدادات داعش داخل الرقة فتتركز بشكل أساسي على الخنادق، كذلك عمد عناصره مؤخرا على كسر السد الترابي ما أدّى لارتفاع المياه في الأحياء الغربية إلى نصف متر تقريبا بمحاولة منهم لمنع تقدم الآليات العسكرية التي يعتبرونها عدوة».
من جهته، قال مصدر قيادي كردي لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية اقتحام مدينة الرقة ستتم فور الانتهاء من تحرير القرى المحيطة بالمدينة، وقد يتم ذلك قبل مطلع الصيف في حال استمرت وتيرة التقدم السريعة لقواتنا».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.